استوديوهات المشاريع الناشئة: حدودٌ جديدةٌ للابتكار في البنوك السعودية

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
استوديوهات المشاريع الناشئة: حدودٌ جديدةٌ للابتكار في البنوك السعودية, اليوم الاثنين 24 مارس 2025 12:49 مساءً

استوديوهات المشاريع الناشئة: حدودٌ جديدةٌ للابتكار في البنوك السعودية

نشر بوساطة داني كرم شريك وستيفانو فاساني مدير أول ستراتيجي آن في الرياض يوم 24 - 03 - 2025

2124448
تلوح أمام القطاع البنكي في المملكة العربية السعودية فرصةٌ مواتيةٌ ليخطو خطوةً مهمةً إلى الأمام؛ فقد شهدت البلاد زيادةً بحجم عشرين ضعفًا في شركات التكنولوجيا المالية الناشئة منذ عام 2018، مدفوعةً باستثماراتٍ بلغت حوالي 5 مليار ريال سعودي (1.33 مليار دولار أمريكي) في المشاريع الجديدة خلال عام 2023 وحده، ما أدّى إلى زيادة حدّة المنافسة في هذا القطاع. وتسعى البنوك التقليدية إلى الاستثمار في مجال التكنولوجيا المالية بطريقةٍ تضمن حفاظها على قيمة علامتها التجارية وقاعدة عملائها، إذ جربت هذه البنوك جميع نماذج الاستثمار "المعتادة"، بدءًا من الاعتماد على الموارد الداخلية وصولًا إلى تأسيس صناديق مشاريع الشركات. ومع ذلك، من المرجح أن تكون "استوديوهات المشاريع الناشئة" أكثر السبل فاعليةً لتحويل الأفكار المبتكرة إلى حلولٍ ملموسةٍ في السوق.
الآن هو الوقت الأمثل للبنوك لأن تتحرك بفاعليّةٍ سعيًا نحو تجسيد طموح المملكة العربية السعودية في أن تُصبح مركز التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط، وخصوصًا في ظل الأُطر الجديدة التي أنشأتها الجهات التنظيمية السعودية، التي تدعم مبادرات التحوّل الرقميّ. وتأمل المملكة أن تُصبح حاضنةً لأكثر من 500 شركةٍ للتكنولوجيا المالية بحلول عام 2030. ووفقًا لدراسةٍ أجرتها ستراتيجي آند عام 2024 حول قدرات الابتكار لدى البنوك السعودية، فإن أكثر من نصف البنوك المُرخَّصة من البنك المركزي السعودي بصدد تجربة الاستثمار في التكنولوجيا المالية، وفي مقدّمتها أكبر عشرة بنوك محلية في المملكة. وتُفضّل غالبيّة هذه البنوك الطرق التقليدية للوصول إلى الابتكار، على غرار الاستحواذ على شركاتٍ متخصّصةٍ في المجال أو الاستثمار فيها. ومن جهةٍ أُخرى، تستثمر بعض البنوك بقوة في تطوير حلولها الخاصّة. وفي كلتا الحالتين، يكمن التحدّي في تحديد النموذج الأمثل الذي يُحقّق التوازن الصحيح بين التحكم الاستراتيجي، وخلق قيمة طويلة الأجل، وامتلاك المرونة اللازمة للنموّ السريع.
هنا يأتي دور استوديوهات المشاريع الناشئة، إذ تؤدي هذا الدور باعتبارها وسيلةً منهجيّةً داخل البنوك لإطلاق المشاريع الجديدة، التي يمكن أن تتطور لاحقًا إلى شركاتٍ مستقلة. وتتمثل مهمة الاستوديو في الصقل السريع للأفكار، وبناء المفاهيم المبتكرة من الصفر، والارتقاء بالتصوّرات الواعدة. وعندما يوجّه البنك ثقافته نحو الابتكار ويوفّر الموارد المناسبة، يُصبح بإمكان الاستوديو إطلاق مشاريع تتجاوز التحسينات التدريجية على المنتجات، لتشمل ابتكارات ثورية تعيد تشكيل السوق. حتى الآن، تُشير تقديراتنا إلى أن أقل من 10% من البنوك السعودية قد أطلقت استوديو مشاريع لديها، منها بنكين فقط من أكبر 10 مجموعات بنكية في المملكة.
يقدم نهج استوديو المشاريع أربع ميّزات قوية تتماشى بشكل جيد مع الظروف الخاصة للسوق السعودية والاحتياجات الاستراتيجية لبنوكها.
تتجسّد الميّزة الأولى للبنوك في حجم الاستثمار وكفاءة رأس المال. فمن واقع خبرتنا، قد يتطلب استوديو المشاريع المنظم بشكل جيد أقل من 40 مليون ريال سعودي (11 مليون دولار أمريكي) للانطلاق، في حين أن صندوق المشاريع المؤسسي المتكامل قد يتجاوز بسهولة 2 مليار ريال سعودي (530 مليون دولار أمريكي) من حيث رأس المال. وبالتالي، يوفّر الاستوديو ديناميكية "ابدأ صغيرًا وتوسّع بسرعة"، ما يسمح للبنوك بإعادة ضبط استثماراتها أثناء تعلّمها وتحسينها لنهجها.
الميّزة الثانية للبنوك هي أن استوديوهات المشاريع تُحافظ على نفوذ البنك وتحكّمه؛ وهذا ما يُميّزها عن المسرّعات أو الحاضنات، التي يقتصر نفوذ البنك فيها غالبًا على الإرشاد أو توفير رأس المال الأولي. في استوديو المشاريع، يتحكّم البنك في مسار الابتكار، ما يسمح له بتطوير مجموعةٍ من المشاريع التي تتماشى بشكلٍ وثيقٍ مع أجندته الاستراتيجية.
الميّزة الثالثة للبنوك هي أن استوديوهات المشاريع، التي يعمل بها فريقٌ مخصصٌ من روّاد الأعمال والمصمّمين والمهندسين، تُوفّر محركًا قويًا للابتكار. ويُعد هذا أمرًا بالغ الأهمية خاصّةً مع سعي العديد من البنوك السعودية لتعزيز قدراتها الرقمية، إذ تعمل على بناء الخبرات الرقمية اللازمة داخليًا لدفع عجلة الابتكار. ويمكن لهذه البنوك الدمج بين خبراتها الداخلية في الامتثال والتوزيع ومعرفة العملاء، وبين مرونة الاستوديو الريادية والمهارات التقنيّة المتقدّمة.
الميّزة الرابعة للبنوك هي أن استوديوهات المشاريع تُتيح للبنوك رعاية الأفكار الجديدة بشكلٍ مستقل، ما يُقلل من المخاطر المرتبطة بالسمعة والعلامة التجارية للمؤسسة الأم التي قد تتعرض لها بسبب التجارب غير المُثبتة أو عالية المخاطر، مع الحفاظ على سير عملياتها البنكية التقليدية وسمعتها وعلاقاتها مع العملاء دون مساس. وبمرور الوقت، يُمكن للبنك أن يُقرر ما إذا كان سيدمج المشاريع الناجحة ضمن عملياته الأساسية، أو يفصلها باعتبارها شركاتٍ مستقلة، أو يبيع حصصًا منها لمستثمرين خارجيين. وتُعدّ هذه المرونة ذات قيمةٍ خاصة في المملكة العربية السعودية، التي تشهد تغيّراتٍ مستمرة وتقدمًا كبيرًا، بالنظر إلى تطوّر الأُطر التنظيمية واحتدام المنافسة الإقليميّة.
وفي هذه الفترة التي تشهد تحوّلًا واعدًا، تستطيع البنوك السعودية أن تُحرز تقدّمًا مُنقطع النظير، فموجة التكنولوجيا المالية المتسارعة في المملكة تعد بفرصٍ هي الأولى من نوعها. ويتميز نموذج استوديو المشاريع بقدرته على الجمع بين التحكم الاستراتيجي للتطوير الداخلي وشرارة الإبداع وإمكانات النمو التي تتمتع بها المشاريع الناشئة. ويسمح هذا النموذج للبنوك بالسعي نحو النجاح وفقًا لمعاييرها الخاصة وبما يتماشى مع أهدافها الاستراتيجية، مع الإسهام الفعّال في تشكيل البيئة البنكيّة الناشئة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق