الفقد.. مآثر وفوائد

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الفقد.. مآثر وفوائد, اليوم الأحد 23 مارس 2025 03:41 صباحاً

الفقد.. مآثر وفوائد

نشر بوساطة عبد الرحمن بن إبراهيم الرميح في الرياض يوم 23 - 03 - 2025

2124279
يواجه الإنسان في حياته محطات مختلفة، ويلقى فيها تحديات وفرص، والعارف بطبيعتها يدرك أنها ملأت نعما ونقما، هبات وعطايا وابتلاءات، والمؤمن الموفق من إذا رزق شكر، وإذا أصيب صبر، ومن أعظم الابتلاءات فيها، هو الفقد والفراق.
وهنا، أعرض لكم تجربة فقد الوالد، في عيون أصغر أبنائه، وأقربهم إليه جسدا وروحا؛ وذلك من زاوية قيمة ما يغرسه الوالد في نفوس أبنائه من قيم دينية وأخلاقية ووطنية، وفضائل الاحتكاك بجيل عاصروا تأسيس وتوحيد بلادنا المباركة. بقدومي لهذه الحياة كان أبي أكبر الفرحين، حامدا لله وشاكرا له؛ لتقدمه في السن وقتها، ومباركا ما أسمته بي أمي الغالية، ويرى في صبيه الجديد ما يبصر به كل أب، يتجه به الزمن إلى خريف العمر، ليكون هذا الضيف الجديد أحد مسانديه أمام تقلبات الحياة وسننها.
وعن موت الأب يقول أحمد شوقي:
أَنا مَن ماتَ وَمَن ماتَ أَنا
لَقِيَ المَوتَ كِلانا مَرَّتَين
ويقول:
ما أَبي إِلّا أَخٌ فارَقتُهُ
وُدُّهُ الصِدقُ وَوُدُّ الناسِ مَين
طالَما قُمنا إِلى مائِدَةٍ
كانَتِ الكِسرَةُ فيها كِسرَتَين
وَشَرِبنا مِن إِناءٍ واحِد
وَغَسَلنا بَعدَ ذا فيهِ اليَدَين
وَتَمَشَّينا يَدي في يَدِهِ
مَن رَآنا قالَ عَنّا أَخَوَين
كانت هذه فرصة عظيمة وتجربة ثرية وهبني إياها ربنا الكريم، بأن عاصرت حياة أبي وطبقة جيله والاحتكاك بهم في كل صور الحياة المختلفة، حيث إنه ولد -رحمه الله- في عام 1351ه حين أصدر جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز، أمرًا ملكيًا للإعلان عن توحيد البلاد وتسميتها باسم "المملكة العربية السعودية"، حيث عاصر أبي حياة ملوكنا الكرام، من عهد المؤسس، إلى وقت الملك سلمان -حفظه الله- وعاش تلك الأزمنة بكل تحدياتها وتطوراتها المختلفة، ورأيت منه -أسوة بأقرانه من ذلك الجيل- نماذج فريدة في قوة الإيمان بالله والتوكل عليه، والاعتزاز بالوطن، والعمل المخلص، ونبذ الفرقة والاختلاف وأسبابها، والصبر على مر الحياة ونوائبها، وصلة الأرحام والأقارب، مؤكداً لنا دوماً بأن الدين والوطن وما نعيشه من أمن وأمان ورغد عيش، تعتبر نعماً وهبات عظيمة، يضحي الإنسان مقابلها بكل شيء ليحظى ببقائها واستدامتها.
إن تجربة الفقد -لأحد الوالدين أو كليهما– تعتبر درساً بليغاً لتعليم الإنسان كيف ينظر للأشياء بحجمها الطبيعي، مع تعزيز الجانب الإيماني والنفسي، وأن يتجاوز مراحل صدمة الفقد ويسلم ويقبل ويرضى بقضاء الله وقدره، وتعتبر فرصة لولادة إنسان جديد قوي ومؤمن، آخذاً بوصايا الماضين وتجاربهم، والعاقل من لا ينسى نصيبه من الدنيا، ويعد العدة للآخرة، ويعمرها بالأعمال الصالحة ويتطلع إلى ربه راجياً منه سبحانه وتعالى لقاء من فقد في جنة ربه، مؤمناً بأن ما عند الله خير وأبقى.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




أخبار ذات صلة

0 تعليق