اليوم الجديد

عودة الرئيس ترمب إلى عاصمة القرار

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عودة الرئيس ترمب إلى عاصمة القرار, اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 02:06 صباحاً

عودة الرئيس ترمب إلى عاصمة القرار

نشر بوساطة عزام المشعل في الرياض يوم 13 - 05 - 2025


تحت سقف قاعات الدرعية العتيقة، وبين جدرانها التي شهدت الحنكة الدبلوماسية والتحالفات الاستراتيجية تتجدد العلاقة التاريخية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. تحالف يعود تاريخه إلى ما يقرب من قرن -عند بداية التنقيب عن النفط في المملكة في عام 1933، بعد عام واحد فقط من تأسيسها الرسمي في عام 1932- تتقاسم الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تاريخًا قويًا من التعاون والصداقة.
مر هذا التحالف الصلب بمراحل عديدة كان من أبرزها وأهمها في السياق التنموي، انعقاد الاجتماع الافتتاحي للجنة الاقتصادية الأميركية السعودية المشتركة -بلير هاوس- خلال زيارة الرئيس نيكسون إلى المملكة العربية السعودية عام 1974. أتت تلك الزيارة التاريخية لأول رئيس أميركي تأكيدًا على عمق العلاقة والتعاون بين البلدين. فقد اتسمت العلاقات السعودية الأميركية بتناغم كبير حيث دأب البلدان ومؤسساتهما العريقة على الحفاظ على علاقة متينة لم تقتصر فائدتها على البلدين فحسب، بل تعدّت إلى ضمان إمدادات الطاقة الآمنة، واستقرار الاقتصاد العالمي، وتعزيز الأمن والتنمية في الشرق الأوسط وخارجه.
الولايات المتحدة ليست مجرد شريك عادي؛ فهي تُعدّ أحد أهمّ حلفاء المملكة الاقتصاديين، ووجهةً مفضلةً للاستثمار السعودي. تحتلّ الولايات المتحدة المرتبة الثانية في الصادرات السعودية، والمرتبة الأولى في الواردات، بينما لا تزال المملكة العربية السعودية أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بفائض في الميزان التجاري لصالح الرياض على مدى العقد الماضي. تستثمر أكثر من 500 شركة أميركية في المملكة، ويبلغ عدد المشروعات الأميركية السعودية المشتركة قرابة 609 مشروعات، بقيمة استثمارية تُقارب 62 مليار دولار.
وتستقبل المملكة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في لحظة فارقة. فقد مر ما يقرب من عقد زمني على إطلاق رؤية 2030، خطة التحول الاجتماعي والاقتصادي الجريئة في المملكة العربية السعودية. ولم تتجرأ على تطبيق مثل هذا التغيير الجذري -من الفطام عن الاعتماد على النفط إلى انفتاح المجتمع- بهذا الحجم والسرعة إلا قليلة من الدول في هذا العالم الحديث. من خلال رؤية السعودية 2030 بقيادة ولي العهد أعادت المملكة العربية السعودية تعريف نفسها كصانع شراكات. وفي ترمب، تجد الرياض قائدًا يُدرك قيمة التحالفات الراسخة المبنية على المصلحة المشتركة.
تُسفر الجهود المتضافرة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتعزيز العلاقات السعودية الأميركية، وإعادة تنظيمها اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا، عن سلسلة من الاتفاقيات والاستثمارات التي تُبشّر بالتكامل الاقتصادي، وتوطين الصناعات، وتحقيق أقصى عوائد لكلا البلدين. تُحوّل المملكة العربية السعودية اقتصادها الذي كان يعتمد في السابق على النفط إلى دولة مُنْعَشَة اجتماعيًا واقتصاديًا، قائمة على الإنتاجية، مع مجموعة واسعة من فرص الأعمال الجديدة.
مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المملكة العربية السعودية كأول وجهة خارجية له بعد توليه الرئاسة يدخل التحالف حقبة جديدة تحمل في طياتها آفاقًا من الفرص الاستثمارية والأمنية. هذه الزيارة التي تغير صياغة المشهد السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط وفق بوصلة القيادة السعودية، تعد ختم اعترافٍ على من يملك صناعة القرار في المنطقة بلغة الندّ.
في الرياض، لن تعقد مجرد قمة، بل ستُعاد كتابة تعريف النفوذ وتوزيع الصوت السيادي ورأس المال الاستثماري. وفي هذا السياق كتبت صحيفة نيويورك بوست: "فيما كانت الوجهات الأولى للرؤساء الأميركيين تقليديًا إلى بريطانيا أو كندا، تغير الاتجاه اليوم نحو ‫السعودية، وباتت المملكة العربية السعودية نقطة التقاء الاقتصاد والسياسة العالمية، فبوصلة العالم تتجه شرقًا وبالتحديد عاصمة القرار-الرياض".‬
يعود الرئيس دونالد ترمب إلى أرض مألوفة في المملكة العربية السعودية، حيث اختار السعودية كوجهة لأول رحلة خارجية له في ولايته الثانية، تمامًا كما فعل في عام 2017، متجاوزًا مرة أخرى الحلفاء التقليديين الذين استضافوا الرؤساء عادة، وهو ما يخالف تقليدًا طويلاً. ويؤكد هذا القرار على استراتيجية أوسع نطاقا ينتهجها البيت الأبيض بقيادة ترمب، حيث تعطي الأولوية للتأثير الاقتصادي والاستراتيجي. وفي هذا الصدد أشار المحللون إلى أن المملكة العربية السعودية أصبحت الآن منطقة محورية في استقرار الاقتصاد العالمي، إذ تربط بين الولايات المتحدة والصين وأوروبا. أما على الصعيد الأمني، استضافت السعودية الجهود الدبلوماسية الأميركية المستمرة لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، حيث لعبت دور الوسيط منذ بداية الصراع الروسي-الأوكراني، بما في ذلك تسهيل المحادثات.
لقد اتخذت المملكة بالفعل موقفًا دبلوماسيًا أكثر حزمًا، وأصبحت مركزًا للوساطة الدولية، بدءًا من تسهيل قنوات هادئة بين واشنطن وكييف وموسكو -كما ذكرنا-، وصولًا إلى تشجيع إيقاف إطلاق النار وتبادل الأسرى في مناطق الصراع المنسية. وحيثما يُؤجج الآخرون الفوضى، تعمل المملكة على احتوائها ووضع حد لها.
في ولايته الثانية الرئيس ترمب يدرك أنه بحاجة إلى كتابة مرحلة جديدة واستثنائية في عمر العلاقة الفريدة والتحالف الصلب بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية؛ لذلك ستضع هذه الزيارة التي أعادت إلى الأذهان الزيارة التاريخية للرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون كلا البلدين في صدارة التحول العالمي في العديد من المجالات، في مقدمتها الطاقة بكل أشكالها.
القيادة الأميركية تدرك جيدًا بأن السعودية باتت تمثل بوابة الشرق الأوسط الحقيقي، دولة مستقرة ذات نفوذ اقتصادي جيوسياسي، وروح قيادية متجددة. إن عودة الرئيس ترمب تشكل تأكيدًا على الثقة المتبادلة، والتوافق الاستراتيجي، والإيمان المشترك بالدبلوماسية البراغماتية القائمة على المصالح والتي كانت دائمًا ركيزة أساسية للعلاقات السعودية الأميركية.
تحليل - عزام المشعل

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




أخبار متعلقة :