اليوم الجديد

عندما يزور ترمب الشرق الأوسط

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عندما يزور ترمب الشرق الأوسط, اليوم الاثنين 5 مايو 2025 02:57 صباحاً

عندما يزور ترمب الشرق الأوسط

نشر بوساطة علي الخشيبان في الرياض يوم 04 - 05 - 2025


عندما يزور ترمب المنطقة لا بد أن يأتي بمفهوم أقل حدة فيما يخص السياسات الأميركية، فالمنطقة اليوم تدرك أن مصالحها الاستراتيجية ليست حكرًا على طرف دولي واحد؛ بل إن الخيارات اليوم أكبر من ذي قبل، ولذلك فالفرصة متاحة أمام ترمب لتعريف تلك التحالفات الخليجية - الأميركية وفق معادلة المصالح المشتركة وتحقيق الدعم الأميركي للقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية..
بعد أيام -وكما هو متوقع- سيكون ترمب في الشرق الأوسط وتحديدا ستهبط الطائرة الرئاسية في السعودية أولاً، وهذا الاختيار لا يجب أن يفهم بعيدا عن سياق اعتماد واشنطن المتنامي على المنطقة وخاصة المملكة العربية السعودية التي ترى فيها واشنطن عاملاً مهماً في استقرار مصالح السياسة الخارجية الأميركية، فالسعودية بطبيعتها السياسية والجغرافية والاستراتيجية لديها المقومات القادرة على جعل أميركا تفكر بها بطريقة مختلفة عن باقي الدول فقد أثبتت سياساتها أنها الأكثر موثوقية.
وعندما يهبط الرئيس في المنطقة فإن هناك الكثير من القضايا التي تنتظره؛ فالشرق الأوسط منطقة ساخنة سياسيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ولا يمكن وصفها بأقل من كونها بركانا تتصاعد حممه بشكل متبادل، بمعنى أدق فإن مشكلات المنطقة تحمل ذات الأسباب وذات الأبعاد منذ أكثر من ثمانية عقود، ولكن الحقيقة المهمة تؤكد أن مستويات القدرات السياسة الأميركية تعرضت للكثير من الثغرات وخاصة منذ أحداث سبتمبر عام 2001م، فالمؤشرات دلت بوضوح خلال العقدين الماضيين إن قدرة أميركا على التعامل مع الأزمات في جميع أنحاء العالم أصبحت تفتقر الى التركيز.
أميركا ومع مجيء الرئيس ترمب تفضل فلسفة سياسية ترغب أن تكون أكثر تركيزا على الداخل الأميركي، ولكن هذه الفلسفة أصبحت تلعب دورا بارزا في تراجع التأثير الأميركي الدولي، وهذا المسار دفعها إلى الاتجاه نحو شركائها التاريخيين خارجيا والقادرين على التأثير الدولي بجانب أن أولئك الشركاء هم الذين يمكن الوثوق بهم، والسعودية دولة تمتلك الثقة الدولية وليست الأميركية فقط، فالسياسات السعودية منذ إنشائها تثبت أنها يمكن أن تتحمل عبء الإسهام في تسوية النزاعات وإدارة الأزمات في المنطقة والعالم وتحقيق السلام.
الأزمة الأوكرانية والدور السعودي سيشكل أهم المحاور التي سوف يناقشها ترمب مع القيادة السعودية، فالسعودية استضافت مباحثات روسية أوكرانية أميركية خلال الأشهر الماضية، كما أن أوضاع المنطقة في اليمن وإيران ستكون محورا مهما في المناقشات كما تشير التوقعات، أما القضية الفلسطينية وحرب غزة فليس هناك شكوك أن القيادة السعودية مستمرة في مطالباتها الداعية إلى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية من خلال تبني حل الدولتين، ويبدو بوضوح أن الملف السوري سيكون حاضرا في زيارات ترمب إلى المنطقة؛ فالاتجاهات السياسية التي تبديها السعودية ومعها الكثير من الدول تشير الى أهمية تعزيز الاستقرار في سوريّة الجديدة الخارجة من حرب أهلية راح ضحيتها ملايين البشر بين قتل وتهجير، وهناك إصرار خليجي أن تستعيد سوريّة مكانتها العربية والدولية.
ترمب الذي يزور السعودية اليوم بجانب بعض دول الخليج لا يمكن أن يكون هو ذات ترمب الذي زار السعودية في ولايته الأولى، العالم اليوم يتغير وهذا التغير أيضا شمل كثيرا من الدول ومنها السعودية التي طرحت قبل تسع سنوات تقريبا رؤيتها المستقبلية 2030 وقد حدثت في السعودية تحولات يصعب إحصاؤها ليس على المستوى الداخلي فقط ولكن أيضا على المستوى الخارجي سياسيا واقتصاديا، السعودية اليوم هي في مكانة متقدمة على موقعها في العام 2016 بما يعادل عشرات الدرجات، وهذا الفرق انعكس على مكانة السعودية التي صعدت بشكل تلقائي إلى مصاف دول العالم الثاني وأصبحت قوة متوسطة دولياً وهي تتقدم نحو مكانتها الدولية باستحقاق وجدارة.
أميركا دولة حليفة للسعودية وليس أي حزب أو رئيس مهما كان مرجعه؛ وهكذا تعاملت السياسية السعودية مع رؤساء أميركا، واختصار أميركا بمن يكون رئيسها معاكس للتاريخ الأميركي الكبير، فهناك من رؤساء أميركا من حققت شهرته ومكانته وكفاءته السياسية موقعا كبيرا في التاريخ العالمي وليس الأميركي فقط.
فعندما يزور ترمب الشرق الأوسط وتحديداً السعودية ودول الخليج فهو يدرك أن تحولات كبرى حدثت في المنطقة، والاستقطاب العالمي حول هذه المنطقة لم يعد أميركيا فقط؛ فالقوى الدولية تدرك أن الشرق الأوسط اليوم يتغير بمعادلة رياضية تجعله المرشح الأكثر تأهيلا ليكون مركز اهتمام العالم خلال هذا القرن، فإذا كانت أوروبا تواجه تحديات كبرى في السياسة والاقتصاد فإن الشرق الأوسط يدخل مرحلة حضارية سوف تؤهله أن يكون منافسا حضاريا واقتصاديا وسياسياً.
عندما يزور ترمب المنطقة لا بد أن يأتي بمفهوم أقل حدة فيما يخص السياسات الأميركية، فالمنطقة اليوم تدرك أن مصالحها الاستراتيجية ليست حكراً على طرف دولي واحد؛ بل إن الخيارات اليوم أكبر من ذي قبل، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية تقدر بعمق تلك العلاقة التي تربطها بأميركا، ولذلك فالفرصة متاحة أمام ترمب لتعريف تلك التحالفات الخليجية - الأميركية وفق معادلة المصالح المشتركة وتحقيق الدعم الأميركي للقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




أخبار متعلقة :