إلغاء دور الإعلام الفلسطيني كناقل أمين للواقع على الأرض

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إلغاء دور الإعلام الفلسطيني كناقل أمين للواقع على الأرض, اليوم الجمعة 9 مايو 2025 03:33 صباحاً

إلغاء دور الإعلام الفلسطيني كناقل أمين للواقع على الأرض

نشر بوساطة نظير طه في الرياض يوم 09 - 05 - 2025

alriyadh
عدد قتلى الصحفيين الفلسطينيين تجاوز قتلى صحفيي الحرب العالمية الثانية
منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، تبنّت سلطات الاحتلال سياسة قمعية ممنهجة تستهدف الصحفيين والصحفيات والمؤسسات الإعلامية الفلسطينية بشكل مباشر ومنظم، في مشهد يعكس تعمّداً واضحاً لإسكات الصوت الفلسطيني وإخفاء الحقيقة عن العالم.
لم تكن هذه الاعتداءات مجرد انعكاس لفوضى الحروب أو ظروف المواجهات العسكرية، بل جاءت في إطار خطة مدروسة ومنهجية تنفذها قوات الاحتلال بهدف إلغاء دور الإعلام الفلسطيني كناقل أمين للواقع على الأرض، وكاشف للانتهاكات المروعة التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون.
وفي هذا الإطار، تنوعت أشكال الاستهداف ما بين عمليات الاغتيال المباشرة للصحفيين والصحفيات أثناء تأدية مهامهم المهنية في الميدان، واستهداف عائلاتهم ومنازلهم، وتدمير البنية التحتية للمؤسسات الإعلامية، بما في ذلك مكاتب القنوات الفضائية ومحطات الإذاعة والصحف ومراكز الإنتاج الإعلامي. ولم تكن هذه الاستهدافات عشوائية أو عرضية، بل تم تنفيذ العديد منها بعد التعرف الدقيق على هوية الصحفيين وأماكن تواجدهم، مما يشير إلى نية متعمدة لإزهاق أرواحهم وإسكات أصواتهم.
كما قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتوسيع نطاق القمع ليشمل الصحفيين الدوليين العاملين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. إذ لجأت إلى فرض قيود مشددة على حركتهم، ومنعت العديد منهم من دخول قطاع غزة، وسحبت بطاقاتهم الصحفية ورخص عملهم.
ويهدف هذا الإجراء إلى منع نقل المشهد الدموي الذي ترتكبه آلة الحرب الإسرائيلية، وحرمان الرأي العام العالمي من الاطلاع المباشر على ما يجري من انتهاكات جسيمة قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وتعكس الإحصائيات ذات الصلة مدى خطورة الوضع، إذ تشير البيانات الموثقة إلى أن عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين استشهدوا خلال هذا العدوان تجاوز بكثير عدد الصحفيين الذين قُتلوا خلال الحرب العالمية الثانية بأكملها.
هذا الرقم الصادم لا يعكس فقط حجم العدوان، بل يفضح الطبيعة التصعيدية وغير المسبوقة لسياسة القتل الممنهج التي تنتهجها إسرائيل تجاه الصحفيين الفلسطينيين، في تحد سافر لكل الأعراف والاتفاقيات الدولية التي تضمن حماية الصحفيين في مناطق النزاع.
وفي هذا السياق قال مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية «شمس» أن إسرائيل تنتهك بوضوح القانون الدولي الإنساني، لا سيما المادة (79) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، والتي تنص بوضوح على حماية الصحفيين المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، ومنع استهدافهم باعتبارهم أشخاصاً مدنيين.
كما تُعد هذه الممارسات خرقاً للمعايير الدولية المتعلقة بحرية الصحافة وحماية الصحفيين، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مما يجعل الاحتلال الإسرائيلي عرضة للمساءلة القانونية أمام الهيئات والمحاكم الدولية.
ولا يقتصر أثر هذه الاعتداءات على الأفراد العاملين في القطاع الإعلامي فحسب، بل يتجاوز ذلك ليشكل تهديداً خطيراً للبنية الإعلامية الفلسطينية ولحق الشعب الفلسطيني في نقل روايته إلى العالم.
وأضاف مركز «شمس» أن استراتيجية فرض الرقابة بالقوة وتكميم الأفواه وإقصاء وسائل الإعلام تهدف بشكل واضح إلى طمس معالم الجرائم التي ترتكب يومياً بحق المدنيين الفلسطينيين، وتحويل الحقيقة إلى ضحية أخرى من ضحايا هذا العدوان الشامل.
وفي ضوء ذلك، يتضح أن استهداف الصحفيين الفلسطينيين ومؤسساتهم الإعلامية يشكل جزءاً من سياسة إسرائيلية واسعة تسعى لفرض هيمنة كاملة على المشهد الإعلامي، واحتكار سردية النزاع، ومنع المجتمع الدولي من الاطلاع على بشاعة الجرائم التي تُرتكب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي يستدعي تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لوقف هذه الانتهاكات وحماية الحق في حرية التعبير والإعلام.
انتهاكات بحق الصحافة الفلسطينية
يعيش الصحفيون الفلسطينيون واقعاً مغايراً يتسم بالقمع الممنهج والانتهاكات المستمرة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
إذ يتعرض هؤلاء الصحفيون، بشكل يومي، إلى طيف واسع من الانتهاكات التي تطال حياتهم وسلامتهم الجسدية والنفسية، وتشكل تهديداً مباشراً لقدرتهم على أداء واجبهم المهني بحرية وأمان.
وتتنوع هذه الانتهاكات، لتشمل في أبرز صورها عمليات القتل والاستهداف المباشر، حيث لا يتورع جيش الاحتلال عن استهداف الصحفيين في مواقع التغطية، خصوصاً في أوقات التصعيد العسكري أو الاحتجاجات الشعبية.
وقد شهدت السنوات الأخيرة، وبصورة خاصة منذ بدء العدوان على غزة في السابع من أكتوبر 2023، تصعيداً خطيراً في سياسة الاستهداف، حيث قتل مئات الصحفيين، في ظاهرة لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً، بما في ذلك أثناء الحروب العالمية.
إلى جانب القتل، تمارس سلطات الاحتلال سياسات الاعتقال التعسفي والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية بحق الصحفيين الفلسطينيين، حيث يتم اعتقالهم في ظروف قاسية واحتجازهم دون محاكمات عادلة، كما يُمنعون من التواصل مع محاميهم وعائلاتهم، مما يمثل خرقاً صارخاً للمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الإنسان الأساسية وحرية الصحافة.
أما على صعيد البيئة العملية، فلا تتوقف الانتهاكات عند حدود القتل والاعتقال، بل تتسع لتشمل مصادرة المعدات الصحفية وتدمير مقرات المؤسسات الإعلامية الفلسطينية، في مسعى واضح لإسكات الصوت الفلسطيني وتدمير أدوات نقل الحقيقة.
وقد أدت هذه السياسات إلى تعطيل العمل الإعلامي في مناطق واسعة، وحالت دون نقل صورة ما يجري من انتهاكات وجرائم إلى العالم الخارجي.
كما تنتهج سلطات الاحتلال سياسات تقييد صارمة لحرية الحركة والتنقل للصحفيين الفلسطينيين، حيث يُمنع الصحفيون من الوصول إلى مواقع الأحداث الساخنة، سواء خلال اقتحام المدن والمخيمات أو أثناء تنفيذ عمليات الاغتيال والاعتقالات الواسعة، مما يُفقد الجمهور فرصة الاطلاع على ما يجري في الميدان، ويعزز من هيمنة الرواية الإسرائيلية.
حجب المحتوى الفلسطيني
وفي سياق الحرب على الكلمة والصورة، تلجأ سلطات الاحتلال أيضاً إلى الرقابة الإلكترونية وحجب المحتوى الفلسطيني، وذلك بالتعاون مع شركات دولية تُقيّد المحتوى الرقمي وتمنع تداول المعلومات التي توثق الانتهاكات.
وتشمل هذه الممارسات قرصنة ترددات البث، حظر الفضائيات الفلسطينية، إغلاق مكاتب المؤسسات الإعلامية، بالإضافة إلى حذف الحسابات والمحتويات من منصات التواصل الاجتماعي.
وفي المجمل، تُمثل هذه السياسات الممنهجة جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى طمس الحقيقة، إسكات الصوت الفلسطيني، ومنع نقل وقائع الجرائم الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين إلى الرأي العام الدولي، في خرق جسيم وواضح لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي تضمن حرية الصحافة وحماية الصحفيين، وخاصة في مناطق النزاعات المسلحة.
أسفرت الحرب الإسرائيلية المستمرة ضد الجسم الصحفي الفلسطيني عن وجراء هذه الجرائم فقد بلغ عدد الشهداء من الصحفيين والصحفيات منذ السابع من أكتوبر في قطاع غزة (211) صحفيا، منهم (182) ذكرا و(28) أنثى، كما وأصيب (378) صحفيا، علماً بأن عدد الصحفيين الذي قتلوا في الحرب العالمية الثانية والتي استمرت من العام 1939م وحتى العام 1945م بلغ (69) صحفياً فقط، وأما في الضفة الغربية فقد استشهد صحفي واحد، وهذا مؤشر على مدى الوحشية والإجرام الذي يمارسه الاحتلال بحق الصحفيين الفلسطينيين، وتعبير واضح عن تجليات حرب الإبادة الجماعية والاستهداف المنظم للصحفيين والصحفيات من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
هذه الأرقام تعكس تصعيداً خطيراً في استهداف الصحافة الفلسطينية، مما يبرز استمرارية السياسة القمعية المنهجية التي تسعى إلى إغلاق قنوات الحقيقة ومنع نقل الرواية الفلسطينية، وبالتالي العمل على إخفاء الجرائم المرتكبة من قبل الاحتلال أمام المجتمع الدولي.
الاعتقال التعسفي
كما بين مركز «شمس» أن سياسة الاعتقالات التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية تمثل واحدة من أبرز وأخطر صور الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان. فلا تقتصر هذه السياسة على مجرد الإجراء القمعي المتمثل في سلب الحرية، بل تتجاوز ذلك لتتحول إلى أداة متكاملة تهدف إلى كسر إرادة الصحفيين وردعهم عن ممارسة دورهم المهني، وضرب بنية الإعلام الفلسطيني برمتها.
فمنذ اللحظة الأولى للاعتقال، يُزج بالصحفيين في ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة. فهم يُحتجزون في زنازين مكتظة، يفتقر معظمها للتهوية والإضاءة الجيدة، ويُحرمون من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة أو إصابات ناجمة عن الاعتداءات التي تعرضوا لها خلال عملهم الميداني. وتُعد هذه الظروف بحد ذاتها انتهاكاً صريحاً للمعايير الدولية ذات الصلة، بما في ذلك القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء المعروفة ب «قواعد نيلسون مانديلا».
وعلاوة على ظروف الاعتقال المهينة، يتعرض الصحفيون المعتقلون لأشكال متعددة من التعذيب وسوء المعاملة، تبدأ بالضرب المبرح عند لحظة الاعتقال وخلال نقلهم إلى مراكز الاحتجاز، ولا تنتهي عند حدود التحقيق، حيث يستخدم الاحتلال أساليب نفسية وجسدية قاسية تهدف إلى إذلالهم وانتزاع اعترافات قسرية منهم، أو لإجبارهم على وقف نشاطهم الصحفي. وقد وثقت منظمات حقوقية محلية ودولية تعرض العديد من الصحفيين الفلسطينيين للتهديدات، والحرمان من النوم، والعزل الانفرادي لفترات طويلة، وهي ممارسات تصنف قانوناً على أنها تعذيب محظور بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984.
ومن بين الانتهاكات الأكثر قسوة، حرمان الصحفيين من حقوقهم الأساسية في الاتصال بمحاميهم وأفراد عائلاتهم. إذ يمنع الكثير منهم من الحصول على الاستشارات القانونية، ما يقوض حقهم في الدفاع عن أنفسهم ويحول دون حصولهم على محاكمة عادلة. كما يُحرمون من الدعم النفسي والاجتماعي الذي يشكل عنصراً أساسياً في صمودهم في مواجهة الانتهاكات، ما يؤدي إلى عزلهم التام عن العالم الخارجي، وإضعاف موقفهم القانوني.
وتتجلى خطورة هذه السياسة بشكل أوضح في ظاهرة الاعتقال الإداري، حيث يتم احتجاز الصحفيين الفلسطينيين لفترات مفتوحة دون توجيه تهم محددة أو الخضوع لإجراءات قضائية عادلة. إذ غالباً ما يُعتقل الصحفيون استناداً إلى «ملفات سرية» لا يسمح لهم أو لمحاميهم بالاطلاع عليها، مما يجعلهم في مواجهة اعتقال تعسفي بحت يخالف أحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يضمن لكل شخص الحق في الحرية والأمن الشخصي ويمنع الاعتقال التعسفي.
وليس الاعتقال في حد ذاته هو وحده ما يشكل انتهاكاً، بل إن استهداف الصحفيين في أثناء ممارسة عملهم الميداني وملاحقتهم خلال تغطيتهم للأحداث، خاصة في مناطق المواجهات والاحتجاجات، يشكل اعتداءً مباشراً على حرية الصحافة والرأي والتعبير، ويهدف إلى تكميم الأفواه ومنع نقل الرواية الفلسطينية إلى العالم.
إن هذه الانتهاكات المتكررة والممنهجة، التي تُمارس في ظل إفلات كامل من العقاب، تؤثر بشكل بالغ على البيئة الإعلامية الفلسطينية، وتُقوض أسس حرية الصحافة، حيث تدفع الصحفيين إلى العمل في أجواء يسودها الخوف والرقابة الذاتية، ما يؤدي إلى تراجع قدرة الإعلام الفلسطيني على أداء رسالته بحرية واستقلالية.
وتشير التقارير إلى أن حملة الاعتقالات التي أعقبت السابع من أكتوبر قد بلغت مستويات غير مسبوقة، كما اعتقل واحتجز منذ السابع من أكتوبر 2023 (177)، وما زال حتى اليوم (49) صحفياً في سجون الاحتلال، من بينهم (19) صحفياً حولوا للاعتقال الإداري في الضفة الغربية، وتم تدمير (88) مؤسسة إعلامية.
قمع المحتوى الرقمي
وبين مركز «شمس» أن سياسات القمع التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الصحافة الفلسطينية لم تقتصر على الانتهاكات الميدانية من قتل واعتقال وتدمير للمؤسسات الإعلامية، بل اتسعت لتشمل أيضاً الفضاء الرقمي، الذي يشكل اليوم أحد أهم ميادين العمل الصحفي وأوسعها تأثيراً في نشر المعلومات والروايات. لقد باتت الحرب على الحقيقة الفلسطينية متعددة الأبعاد، حيث لم تعد تدار فقط في الشوارع والمخيمات ومقرات الإعلام، بل امتدت وبقوة إلى شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي التي باتت ساحة رئيسة لنقل الأخبار والتعبير عن الرأي وتوثيق الانتهاكات.
في هذا السياق، لجأت سلطات الاحتلال إلى سياسة ممنهجة تهدف إلى محاصرة الصوت الفلسطيني في الفضاء الإلكتروني، وذلك عبر استهداف المحتوى الرقمي الذي يوثق جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، خاصة في أوقات التصعيد العسكري والعدوان الشامل كما جرى في قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر 2023. ومن خلال التنسيق المباشر وغير المباشر مع شركات التكنولوجيا العملاقة، لا سيما الشركات الأمريكية المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي الأكثر انتشاراً، تمارس إسرائيل تأثيراً كبيراً يؤدي إلى حذف المنشورات، إغلاق الحسابات، تقييد الوصول، وإخفاء المحتوى الفلسطيني الذي يوثق الجرائم أو يدعو للتضامن مع الضحايا.
ولا تقتصر هذه الإجراءات على المحتوى الذي يتناول القضايا العسكرية والسياسية فحسب، بل تطال أيضاً الصحفيين والمؤسسات الإعلامية الفلسطينية، حيث يتم وضع قيود تقنية وإدارية على حساباتهم وصفحاتهم، بما في ذلك التقييد المؤقت أو الدائم، أو خفض الظهور (Shadow banning) مما يقلل من قدرة هذا المحتوى على الوصول إلى الجمهور الدولي.
ويستند الاحتلال في هذه السياسة إلى شراكات إستراتيجية مع عدد من هذه الشركات الرقمية العالمية، التي تربطها به علاقات وثيقة سياسياً وأمنياً واقتصادياً. ففي العديد من الحالات، يتم التعامل مع المحتوى الفلسطيني باعتباره «مخالفاً للمعايير»، حتى وإن لم يخالف القوانين الدولية أو حتى سياسات المنصات ذاتها، في حين يتم التغاضي عن الخطاب الإسرائيلي التحريضي والداعي للعنف ضد الفلسطينيين، مما يؤشر على ازدواجية المعايير والتواطؤ في قمع حرية التعبير الفلسطينية.
إن المعركة على الفضاء الرقمي لا تقل خطورة عن تلك التي تدور في الميدان، بل لعلها أكثر تأثيراً في بعض الأحيان، حيث تسعى سلطات الاحتلال من خلالها إلى منع الرواية الفلسطينية من الانتشار، وحرمان العالم من الاطلاع على حقيقة ما يجري على الأرض، وبالتالي ترك الساحة مفتوحة للرواية الإسرائيلية التي تسعى لتبرير العدوان وتلميع صورته أمام الرأي العام الدولي.
لقد أصبحت هذه السياسات جزءاً من بنية الاحتلال الشاملة في إدارة الصراع مع الفلسطينيين، عبر مزيج من القوة العسكرية والقمع القانوني والتضليل الإعلامي. وهي سياسات تنتهك بشكل مباشر الحقوق المكفولة دولياً، لا سيما المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل لكل إنسان الحق في حرية الرأي والتعبير، بما في ذلك تلقي ونقل المعلومات والأفكار إلى الآخرين عبر أية وسيلة ودون اعتبار للحدود.
وفي ظل هذا الواقع، فإن محاربة تقييد المحتوى الفلسطيني لا تعني فقط الدفاع عن الصحافة كحق مهني، بل تمثل معركة أوسع من أجل الحق في الحقيقة، وحق الشعب الفلسطيني في سرد روايته ومخاطبة العالم بحرية وكرامة.
منع الصحافة الدولية
مازال الاحتلال يستمر في منع الصحفيين الدوليين من الدخول إلى قطاع غزة من أجل منع توثيق المشهد المروع في غزة بشكل مباشر، والوضع خطير للغاية في ظل ارتفاع منسوب جرائم الإبادة والتطهير العرقي، وقد صرح الأمين العام الأمم المتحدة «أنطونيو غوتيرش» أن منع إسرائيل الصحفيين الدوليين من دخول قطاع غزة وتغطية الأحداث عن قرب يسمح بانتشار المعلومات المضللة والروايات الكاذبة من طرفي النزاع. علماً بأن جمعية الصحفيين الأجانب الموجودة في القدس قدمت طلباً للمحكمة العليا الإسرائيلية من أجل السماح للصحفيين الدوليين بدخول قطاع غزة ولكن تم رفضها، علماً بأن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية عام (2008) أكد أنه لا ينبغي منع الصحفيين من دخول غزة. وقالت جمعية الصحفيين الأجانب أن منع إسرائيل للصحافة الأجنبية من دخول قطاع غزة يثير أسئلة عما لا تريد إسرائيل أن يراه الإعلام الدولي من جرائم وانتهاكات في القطاع.
صحفيون في غزة يطالبون بحمايتهم
قال نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين تحسين الأسطل، إن الواقع الإعلامي في غزة أصبح من بين «الأخطر عالميا»، في ظل غياب الضمانات اللازمة لسلامة الصحفيين، وتدمير المؤسسات الصحفية، وحرمان الإعلاميين من أدوات العمل الأساسية.
وحمل الأسطل إسرائيل «المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم»، داعيا المؤسسات الدولية إلى «التحرك الجاد لمحاسبة القتلة».
وأضاف الأسطل: هناك أكثر من 130 صحافيًا في قطاع غزة مشردون ونازحون في الخيام، مما يعكس حجم الجريمة التي يتعرضون لها، وهي جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي.
وتحدث الأسطل عن تقديم ملفات قانونية للجنائية الدولية والاتحاد الدولي للصحافيين بشأن جرائم ترتقي بحق الصحافيين في غزة.
وأردف: «هناك إرهاب إسرائيلي لا يريد للعالم أن يرى ما يحدث في غزة، بما في ذلك القصف ومنع دخول الطعام إلى القطاع والجرائم التي ترتكب بحق المدنيين».وقتل 211 صحفيا وأصيب 409 آخرون، فيما اعتقل الجيش الإسرائيلي 48 صحفيا منذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، وفق ما ذكر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وقال المكتب في بيان صدر بهذه المناسبة إن القطاع الإعلامي في غزة تكبد خسائر أولية تقدر بنحو 400 مليون دولار نتيجة الحرب الإسرائيلية.
ترهيب لمنع الحقيقة
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إن إسرائيل "تتعمد قتل الصحفيين بغزة" بهدف ترهيبهم ومنعهم من نقل الحقيقة ووقائع الإبادة الجماعية.
وأضاف المركز في بيان أن "استمرار استهداف وقتل الصحفيين بشكل متصاعد يظهر بما لا يدع مجالا للشك أن القتل عمدي ومقصود، بهدف ترهيبهم وتخويفهم ومنعهم من نقل الحقيقة للعالم وتغييب نقل وقائع الإبادة ضد المدنيين بغزة".
وذكر أن الغالبية العظمى من الصحفيين قُتلوا خلال "غارات جوية إسرائيلية، سواء من الطائرات الحربية أو طائرات الاستطلاع، بينما قتل آخرون جراء إطلاق النار عليهم من قناصة".
وعد المركز القتل العمد للصحفيين "جريمة حرب تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وفقًا للمادة 8 من نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة"، محذرا من أن استمرار إفلات إسرائيل من العقاب "يشجعها على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الصحفيين وعائلاتهم بلا رادع".
تصاعد العدوان الإسرائيلي على الصحفيين في غزة

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق