نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رضا الشكندالي: الأسعار العالمية للنفط تمنح تونس أريحية إنفاق على مستوى الميزانية, اليوم الأحد 13 أبريل 2025 01:53 مساءً
نشر في الشروق يوم 13 - 04 - 2025
غابت عن توقعات كبارمعدّي ميزانيات الدول لسنة 2025، فرضية حدوث حرب الرسوم الجمركية، ما قد يؤثّر سلبا على ميزانيات الدول المصدّرة للنفط ويعطي للدول المورّدة له، على غرار تونس، هامش مناورة بل أريحية على مستوى الميزانية، لكن تداعيات هذه الوضعية على مسار النمو بفعل ركود عالمي محتمل يحدّ من هامش التصرف في ميزانية الدولة، على حدّ تعبير أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا الشكندالي .
وتسلّط وكالة تونس إفريقيا الأنباء "وات"، من خلال حوار أجرته مع الشكندالي، الضوء حول ملف تراجع أسعار البترول في السوق العالمية، وانعكساته المحتملة على ميزانية الدولة للسنة الحالية والمسارات المتاحة للاستفادة منه على مستوى وضع خطط سواء من خلال تكثيف شراءات الخام وتوجيه المكاسب الى قطاعات طاقية متجددة.
وات - واجهت أسواق النفط العالمية، خلال الفترة الأخيرة تقلّبات سعرية معتبرة، ما هي العوامل الأساسية التي تتحكّم في مستوى هذه الأسعار؟
رضا الشكندالي - أعتقد أن العوامل الأساسية التي تتحكم في الأسواق العالمية للنفط تتعلّق، أساسا، بالعرض والطلب، وهي عوامل غير مستقرة في الوقت الحاضر وتخضع الى عديد العوامل الاقتصادية والسياسية المتحرّكة لعلّ من أهمّها القرارات الأمريكية الأخيرة حول الرسوم الجمركية. فقد شهدت الاسعارالعالمية للنفط منحى تنازليا ملحوظا بعد ترفيع الرسوم الجمركية من قبل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مما يعكس تخوفات الفاعلين في الأسواق العالمية للنفط من تراجع محتمل للطلب العالمي بفعل تأثير هذه الرسوم على النمو الاقتصادي العالمي.
لكن أريد ان أضيف أنّه بعد تعليق قرار رفع الرسوم الجمركية مؤقّتا، عادت الأسعار العالمية للنفط تدريجيا نحو الارتفاع لكن المفارقة أن استثناء الصين من قرار تعليق رفع الرسوم، قد يبقي بعض التخوفات من تراجع النمو الاقتصادي على الأقل في الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وقد يحدّ من مسار عودة الأسعار العالمية للنفط الى النقطة الصفر إذ سيبقي هذه الأسعار تحت مستواها قبل تعليق الرسوم الجمركية.
وهنا أودّ الإشارة الى أن العامل الاقتصادي لا يتحكم لوحده في مسار الأسعار العالمية للنفط، بل أن العامل السياسي يلعب دورا مهما وهو مرتبط بمدى التحكّم في ثلاثة ملفات مهمة، الملف النووي الإيراني وملف الصراع في أوكرانيا ومدى قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على إنهاء هذا الصراع وأخيرا تطور ملف الحرب الدائرة رحاها في غزة خاصة فيما يخص تهجير الفلسطينيين الى مصر والأردن ومدى استجابة هذين البلدين الى المشروع الأمريكي.
وات - ماهي التداعيات على تونس، كوجهة استهلاكية، مورّدة ومستهلكة للطاقة؟
الشكندالي - تستند ميزانية الدولة لسنة 2025 على فرضية 74 دولار كسعر عالمي لبرميل النفط من السوق الدولية. علما وان كل انخفاض للسعر العالمي للبرنت بدولار واحد تحت عتبة 74 دولارا على مسار السنة، ينتج فائضا ماليا على مستوى ميزانية الدولة بنحو 140 مليون دينار. وإذا ما افترضنا أن الأسعار العالمية ستبقى عند مستوها الحالي، في حدود 65 دولار الى نهاية هذه العام الجاري فإن ميزانية الدولة ستجني حوالي 1260 مليون دينار، هذا الرقم أعتبره مهما للغاية وسيعطي أريحية للدولة التونسية على مستوى تسديد الديون الخارجية وتوفير ما يلزم للاقتصاد التونسي من مواد أساسية ومواد أولية وتجهيزات ضرورية لعملية الإنتاج.
وسيسهم المنحى التنازلي للأسعار العالمية للنفط، في تقليص العجز التجاري وفي بقاء الموجودات من العملة الصعبة في المستوى الذي يساعد البنك المركزي التونسي على المحافظة على استقرار الدينار مقابل العملات الأجنبية وكذلك على استقرار الأسعار.
لكن هذه التداعيات الإيجابية على الاقتصاد التونسي مرتبطة بمدى التقدم في بين الولايات المتحدة الأمريكية وبقية دول العالم وخاصة الصين حول رسوم جمركية غير مضرة بالمبادلات التجارية الدولية وبالنمو الاقتصادي العالمي، وكذلك في التوصّل الى الامن منطقة الشرق الأوسط وفي أوكرانيا.
وات - وزيرة المالية كشفت، مؤخرا، عن وجود خطط لمراجعة ميزانية الدولة لسنة 2025، ما هي المجالات التي ترونها جديرة بالمراجعة أو تقترحون مراجعتها ؟
الشكندالي - سأبدأ من نقطة مهمة تتمثل في أن هامش التصرف في ميزانية الدولة لسنة 2025 يبقى محدودا جدا خاصة وأنها ترتكز على فرضية صعبة التحقيق، ألا وهي نسبة نمو اقتصادي ب 3،2 بالمائة، وزادت من صعوبتها التوترات الدولية والتي ستحدث ركودا اقتصاديا عالميا، قد يشمل بالأساس الشركاء التجاريين لتونس وخاصة الاتحاد الأوروبي والذي تسجّل تونس معه فائضا تجاريا مهما.
وسأوضح نقطة مهمة تتمثل في أن النمو الاقتصادي المرتقب لتونس خلال سنة 2025 ، يعد أكثر من ضعف ما حققناه سنة 2024 والبالغ مستوى 4ر1 بالمائة، فإذا لم نتمكن من تحقيق ذلك، وهذا هو الأقرب للواقع، وفق تحليلي، فإن الموارد الجبائية ستتقلّص الى ما دون 2ر45 مليار دينار المبرمجة في ميزانية الدولة لسنة 2025 .
واعتقد أن الوضعية ستنعكس سلبا على عجز ميزانية الدولة ويدفع الأمرالبلاد إلى مزيد اللجوء للاقتراض، وهو ما يتعارض مع سياسة الاعتماد على الذات. وبالتالي فإن هامش التصرف محدود جدا، فلدينا التزامات مهمة هذه السنة من أجور بقيمة 4ر24 مليار دينار علاوة على الضغوط الاجتماعية، التي قد تجبر الدولة على مزيد خلق الوظائف، ولا ننسى، أيضا، انه يتعين تونس تسديد ديون بقيمة 7ر24 مليون دينار ونفقات دعم بقيمة 6ر11مليار دينار.
وفي اعتقادي، فان قانون المالية للسنة الحالية لا يتضمن قرارات ضامنة تمكّن من بلوغ هذه النسبة من النمو الاقتصادي وتعطي أريحية لميزانية الدولة، خاصة وان الوضع الدولي غير المستقر لا يعطي أمانا لمحرّك التصدير، وبالتالي يتعين على الحكومة تسريع تنزيل الاستراتيجية الوطنية لتحسين مناخ الأعمال التي تتبناها وزارة الاقتصاد والتخطيط من أجل توسيع نطاق الاستثمار ليشمل كل التونسيين ومحاربة اقتصاد الريع.
وأقترح تخصيص قسط من الاقتراض المباشر من البنك المركزي التونسي، البالغ 7 مليار دينار، لتجديد أسطول شركة فسفاط قفصة وكذلك أسطول السكك الحديدية لنقل الفسفاط حتى يسترجع هذا القطاع الحيوي عافيته المعهودة ويسهم في تعبئة الموارد من العملة الصعبة.
وأشدّد على ضرورة وضع قانون صرف جديد يسهّل على التونسيين معاملاتهم المالية ويدفع الى مزيد دخول العملة الصعبة لتونس ويمكّن الأموال المتداولة بالعملة الصعبة في السوق السوداء من الولوج إلى المسالك البنكية المنظمة.
وأعتبر أنّ تغيير القانون الأساسي للبنك المركزي في إطار التعاون والانسجام بين الحكومة والبنك ضروري للغاية لوضع اليد في اليد لمقاومة التضخم المالي ودفع النمو الاقتصادي في إطار السياسة المزدوجة والتي تقطع مع السياسة النقدية المنفردة للبنك المركزي والسياسة الجبائية المنفردة للحكومة.
وات - لو فرضنا أن أسعار الخام العالمية ظلت متراجعة دون المستوى المبرمج في ميزانية الدولة لسنة 2025، ماهي انعكاساتها خاصة على مشاريع البحث والتنقيب عن النفط ؟
رضا الشكندالي - تراجع الأسعار العالمية للنفط لا يشجع المستثمرين على الإقدام على مشاريع البحث والتنقيب، إذ أنّ هبوط الأسعار العالمية للنفط الى مستويات ضعيفة، لن يكون مربحا، ونحن لاحظنا ان بعض الشركات الأمريكية حذّرت من انه لا يمكنها مواصلة الحفر والتنقيب بصورة مربحة إذا هبطت أسعار النفط إلى ما دون 65 دولارا للبرميل، إذ تتقلّص بذلك أرباحها بل سيضرّ ذلك بمردودية هذه المشاريع.
وات - ضمن بوتقة الاهتمام بالجانب الاجتماعي للمواطن، الا ترون انه يمكن للدولة، عبر اللجنة الفنية للتعديل الآلي للمحروقات، تقديم توصية ما في صالح المستهلكين ؟
الشكندالي - بالرغم من أهمية تخفيض الأسعار الداخلية للوقود وتأثيرها على المقدرة الشرائية للمواطن التونسي لا أعتقد أنه بالإمكان اللجوء الى الآلية التعديلية للأسعار الداخلية للوقود في هذا الوضع الدولي المتذبذب وبالتالي، لا مصلحة للبلاد في الوقت الحاضر الى اللجوء الى هذه الآلية.
وأشير هنا الى أن المشهد الدّولي محاط بضبابية كبيرة، فإذا ما قرّر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المضيّ قدما في تنفيذ قرار ترفيع الرسوم الجمركية بعد مهلة 90 يوما وواصلت الأسعار العالمية للبترول الانخفاض، فان التداعيات على الاقتصاد التونسي ستكون أكثر سلبية، بالرغم من إمكانية تحقيق فائض مهم في ميزانية الدولة، إذ سيكون الركود الاقتصادي والتضخم المالي سيدا الموقف عالميا واقليميا وقد نشهد أزمة اقتصادية أكثر حدّة من الآثار المترتبة عن أزمة الكوفيد - 19.
الأخبار
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق