في خطوة تعكس عمق التعاون الأمني والعسكري بين المملكة المغربية وجمهورية مالي، أشرفت القوات المسلحة الملكية المغربية على تدريب وحدات من القوات الخاصة المظلية المالية، وذلك في إطار برنامج تدريبي مكثف يستهدف تعزيز القدرات العملياتية للقوات المالية في مواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة بمنطقة الساحل.

ووفقا لمصادر مطلعة، فإن هذه التدريبات تركز بشكل خاص على فنون الإنزال المظلي خلف خطوط العدو، مع إكساب المتدربين مهارات دقيقة في تنفيذ عمليات نوعية تستهدف تحييد مراكز المراقبة والاتصال وقطع خطوط الإمداد، إضافة إلى تدمير أنظمة الدفاع الجوي المعادية، وشل بطاريات المدفعية التي تشكل تهديدا مباشرا للوحدات البرية.

ولا يقتصر البرنامج التدريبي على الجوانب التقنية والقتالية فقط، بل يمتد ليشمل تقوية البنية البدنية ورفع مستوى الجاهزية النفسية والقتالية للمشاركين، حيث يخضع الجنود الماليون لتمارين قاسية في ظروف مناخية صعبة تحاكي بيئة القتال الحقيقية في الصحارى والمناطق الوعرة، وهي ذات البيئة التي تشهد توترات أمنية مزمنة بسبب تحركات الجماعات المتطرفة المسلحة خاصة التي تحظى بدعم من الجزائر.

وينتظر أن يشكل هذا التعاون العسكري لبنة أساسية نحو شراكة استراتيجية أشمل بين البلدين، خصوصا في ظل التحديات الإقليمية المتصاعدة، حيث لا يستبعد المراقبون احتمال توسيع هذا الإطار ليشمل مجالات تكوين أخرى، سواء في التخطيط العملياتي أو مكافحة الإرهاب أو تبادل الخبرات في مجال الاستخبارات الميدانية.

ويؤكد هذا الحضور المغربي في الساحة الإفريقية التزام الرباط بدورها التقليدي كفاعل محوري في استقرار القارة، خاصة وأن المملكة دأبت على تقديم الدعم اللوجستي والتقني للدول الإفريقية الصديقة ضمن سياسة التضامن جنوب-جنوب، مع احترام تام لسيادة الدول ومبادئ حسن الجوار.

وتأتي هذه المبادرة في وقت تحتاج فيه مالي، أكثر من أي وقت مضى، إلى دعم حقيقي ومهني لإعادة بناء قدراتها الدفاعية، وحماية وحدتها الترابية، وصون سيادتها الكاملة، وهو ما يضع المغرب مرة أخرى في موقع الشريك الموثوق الذي يجمع بين المهنية العالية والرؤية الإفريقية المتبصرة.