نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الإدارة العامة للأمن المجتمعي.. تعزيز الحماية وصون الكرامة, اليوم الأربعاء 19 مارس 2025 12:37 صباحاً
نشر بوساطة هادي اليامي في الوطن يوم 19 - 03 - 2025
يأتي الإعلان عن استحداث الإدارة العامة للأمن المجتمعي ومكافحة جرائم الاتجار في الأشخاص تأكيدا لالتزام المملكة بتعزيز قيمها وثوابتها، ومكافحة الجرائم التي تمس حقوق الإنسان وكرامته، فالإدارة التي تتبع لوزارة الداخلية ستكون معنية بصورة أساسية بتعزيز أمن المجتمع وسلامته، ومكافحة الجرائم التي تنتهك الحقوق الشخصية للإنسان، والحريات التي تكفلها الأنظمة والتشريعات، والتصدي للشبكات الإجرامية العابرة للدول والقارات، وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنيَّة على الصعيدين المحلي والدولي، مما يمثّل خطوةً بالغة الأهمية في تطوير وتعزيز منظومة العمل الأمني في مجال مكافحة الجريمة بكل أشكالها.
ومن أبرز المهام الموكلة بالإدارة الجديدة مكافحة جرائم التحرش والاعتداء على الأطفال، والاتجار في الأشخاص بكل صوره، مثل القضايا الأخلاقية والتسوُّل والخدمة القسرية، وحماية الفئات الضعيفة من العمالة الوافدة، خصوصا النساء والأطفال، وغيرهم من الفئات الأكثر عرضة للاستغلال، بالإضافة إلى العديد من المهام والمسؤوليات.
وبالتأكيد، فإن هناك سؤالا يتبادر إلى أذهان البعض عن السبب في إنشاء إدارة بهذا المسمى والاختصاصات في هذا التوقيت بالذات، ولا سيما في ظل وجود إدارات مشابهة، تتبع إحداها لوزارة الموارد البشريَّة والتنمية الاجتماعية، بينما توجد لجنة أخرى ضمن هيكلية هيئة حقوق الإنسان. لذلك، فإن هذا السؤال في محله وجدير بالإجابة.
ويعود السبب في إنشاء هذه الإدارة - من وجهة نظري الخاصة - إلى الارتفاع في نسبة الجرائم المستحدثة التي لم تكن موجودة في السابق، وبرزت نتيجة التطوّر التقني الذي نعيشه اليوم بسبب تفشي استخدام وسائل التقنية الحديثة، حيث برزت جرائم جديدة تهدّد أمن المجتمع تتعلّق بالابتزاز والتشهير الإلكتروني، واختراق الحواسيب والأجهزة الذكية، مما استلزم وجود إدارة متخصصة تجري دراسات علمية تطبيقية تتوافق مع هذه الجرائم المستحدثة، وتستطيع التعامل معها بآليات قادرة على استئصالها، وتجنيب المجتمع شرورها.
لذلك أتوقع ألا تكتفي الإدارة الجديدة بإجراءات الضبط الأمني المعروفة، وتقديم الجناة إلى منصات العدالة، على الرغم من أهمية ذلك، بل هناك أدوار أخرى سيتم الاهتمام بها دون شك، تتمثل في إيجاد أساليب إدارية ذات فعالية عالية، لدراسة واستقصاء أسباب هذه الظواهر الدخيلة، ورفع التوصيات اللازمة للأجهزة المختصة، لوضع سياسات أمنية ووقائية كافية.
كذلك كشفت مصادر مسؤولة أن الإدارة الجديدة سوف تبادر إلى تطوير برامج توعوية وتدريبية نوعية، لزيادة نسبة الوعي وسط المجتمع بمخاطر هذه الجرائم، وتعزيز قدرات العاملين في مجال مكافحة الاتجار في الأشخاص، بما يسهم في تعزيز جهود المملكة في حماية حقوق الإنسان، والتصدي للجرائم التي تمس كرامة الأفراد، وتعزيز التعاون مع الجهات الدوليَّة في هذا المجال.
كما يتوقع أن تقوم الإدارة الجديدة بالتمييز بين انتهاكات العمل وجريمة الاتجار في البشر التي يتم تعريفها وفقا لنظام مكافحة جرائم الاتجار في الأشخاص بالسعودية على أنها «استخدام شخص، أو نقله، أو إيواؤه، أو استقباله من خلال التهديد، أو القوة، أو الاحتيال، أو الإكراه، أو استغلال ضعفه، وذلك بغرض الاستغلال، بما في ذلك الاستغلال الجنسي، أو العمل القسري، أو نزع الأعضاء، أو التسول القسري»،
فالفرق بين الجريمتين لا بد أن يكون واضحا، فصاحب العمل مثلا قد يمتنع عن دفع أجور بعض العمال، لكن ذلك لا يتم تصنيفه تحت طائلة الاتجار في البشر ما لم يكن هناك استخدام لوسائل غير مشروعة، مثل التهديد أو العنف أو الإكراه، لذلك لا بد من التوصيف الصحيح والدقيق، حتى يتم تقديم مرتكب أي منهما للجهات المختصة، لينال الجزاء المناسب.
أما أبرز العوامل التي تزيد من أهمية إنشاء هذه الإدارة في هذا التوقيت بالضبط، فهو يعود إلى تزايد التواصل بين الشعوب في هذا العصر. ومع التطور الاقتصادي الكبير الذي تشهده بلادنا، وتشابك المصالح التجارية، وتزايد عدد المستثمرين والزائرين، كان لا بد من توسيع مساحة الانفتاح، واتخاذ خطوات تضمن تفاعل المملكة مع محيطها الخارجي، وهو ما اتخذته السلطات الرسمية بالقدر الذي يحقّق الحاجة دون تنازل عن الثوابت والعادات والتقاليد. لذلك، فإن إنشاء هذه الإدارة كفيل بالتصدي لأي تجاوزات قد تحدث نتيجة هذه المتغيّرات.
فالمملكة، التي قامت منذ توحيدها على ركائز متينة وقواعد راسخة، تدرك تماما أنها واجهة العالم الإسلامي وعنوانه الأبرز، لذلك اتبعت سياسة رصينة قوامها التمسك بمبادئ الدين، والاعتزاز بالقيم والمبادئ الإسلامية الأصيلة، واستصحبت قيادتها طيلة الفترة الماضية هذه الثوابت، وحرصت على تعزيزها وسط المجتمع بوصفها الأساس المتين الذي قامت عليه الدولة.
لذلك لم تتنازل على مر تاريخها عن قناعاتها، ولم تتخل عنها، لأنها لم تكن قابلة للمساومة أو المزايدة. وحرصت على تأكيد أن الأمن المجتمعي هو أساس الاستقرار والتنمية، وأن الاعتدال هو الركيزة التي تقوم عليها سياسات الدولة، وهو ما أوضحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - بمقولته الخالدة «لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالًا، ولا لمنحل يرى في ديننا وسيلة لنشر الانحلال»، وهي رسالة تعكس منهج الوسطية السعودي.
ختاما، ينبغي الإشارة إلى أن الإنجازات التي حققتها الإدارة العامة للأمن المجتمعي في وقت قصير تعكس فاعليتها الكبيرة، وهذا يشير إلى حجم التطورات المتوقعة مستقبلا في مكافحة الجرائم وتعزيز الأمن التي يتوقع استكمالها في القريب العاجل، حيث وجّهت ضربات قوية للعديد من بؤر الفساد، وأوقفت بعض الممارسات الخاطئة في مراكز التدليك والصحة والفنادق والشقق المفروشة، وهو ما سيؤدي حتما إلى تعزيز أمن المجتمع وسلامته، وإيقاف الممارسات التي تمتهن كرامة الإنسان، وتوفير بيئة آمنة تحترم الحقوق، وتصون القيم، وتكون عنوانا يتناسب مع بلاد الحرمين ومنبع النور.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق