النفوذ الصيني في أعالي البحار يهدد الأمن القومي الأميركي

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
النفوذ الصيني في أعالي البحار يهدد الأمن القومي الأميركي, اليوم الجمعة 14 مارس 2025 03:13 صباحاً

النفوذ الصيني في أعالي البحار يهدد الأمن القومي الأميركي

نشر بوساطة أ في الرياض يوم 14 - 03 - 2025

2123062
ظلت الولايات المتحدة على مدى عقود تتعامل مع أمن خطوط الملاحة العالمية كأمر مفروغ منه، مفترضة أن سفنها التجارية والحربية يجب أن تتحرك بسلاسة عبر بحار العالم. لكن وفي ظل سيطرة حالة الرضا عن النفس على أميركا، وسعت الصين نفوذها البحري لضمان تدفق بضائعها وسفنها بانتظام في الوقت الذي تطور فيه قدرتها على عرقلة سلاسل الإمداد الأميركية إذا أرادت ذلك، بحسب تحليل للباحثين مارك كيندي وكريستا برزوزوفسكي نشره مركز ويلسون الأميركي.
ويقول مارك كيندي عضو الكونغرس السابق ومدير معهد وهبة للمنافسة الاستراتيجية التابع لمركز ويلسون، وكريستا برزوزوفسكي مساعد وزير الأمن الداخلي لشؤون الأمن التجاري والاقتصادي في تحليلهما إن التدخل الصيني في عملية شحن عسكرية بأحد موانئ بولندا يجب أن يكون جرس إنذار للولايات المتحدة من تنامي النفوذ البحري الصيني الذي لم يعد تهديدا مجردا للمصالح الأميركية. فقد أصبح نفوذ الصين في الموانئ والخدمات اللوجستية العالمية حقيقة يمكن أن تعرقل الاقتصاد الأميركي وقدرة الولايات المتحدة على حشد قدراتها في حالة حدوث أزمة جيوسياسية.
ويرى المحللان كيندي وبرزوزوفسكي أن الولايات المتحدة ربما تكون القوة العظمى العالمية الوحيدة في التاريخ التي تبدو راضية بموقف ضعيف بشكل مذهل عندما يتعلق الأمر بالتجارة البحرية. فالصين تمتلك أكثر من 5500 سفينة تجارية عابرة للمحيطات، بينما تمتلك الولايات المتحدة 80 سفينة فقط. كما أن القدرات الضخمة لقطاع بناء السفن في الصين تجعل أميركا قزما في هذا القطاع حيث تعادل قدرة القطاع الصيني 232 مثل الطاقة الإنتاجية لبناء السفن في الولايات المتحدة.
استثمار صيني
وبينما استثمرت الصين في أكثر من 100 ميناء حول العالم، فإن الولايات المتحدة لا تمتلك سوى عدد قليل من الموانئ الاستراتيجية في العالم. وحتى داخل حدود الولايات المتحدة نفسها، تسيطر كيانات أجنبية على الغالبية العظمى من الموانئ. وتعتمد الولايات المتحدة بشكل أساسي على شبكة معقدة من الحلفاء والمشغلين الأجانب - بعضهم أصدقاء وبعضهم غير ذلك - للحفاظ على انتظام سلاسل التوريد الخاصة بها.
ولا يقتصر التوسع البحري الصيني على طرق الشحن التقليدية. فبوصفها دولة «قريبة من القطب الشمالي»، سعت بكين بقوة إلى الوصول إلى طريق البحر الشمالي، ونشرت كاسحات الجليد، وبنت شراكات مع روسيا، واستثمرت في مشروعات استغلال ممرات التجارة والموارد الطبيعية في القطب الشمالي. والواقع أن عواقب هذا التمدد بالنسبة لمصالح الغرب ككل واضحة، فالصين تعمل على تأمين طرق بديلة لتجاوز قنوات الشحن التقليدية التي يسيطر عليها الغرب، في الوقت الذي تعمل فيه على زيادة نفوذها على التجارة العالمية.
تداعيات عسكرية
والحقيقة أن سيطرة الصين على الخدمات اللوجيستية البحرية ستكون لها تداعيات عسكرية مباشرة، ناهيك عن التداعيات الاقتصادية. ففي أي صراع كبير، يمكن أن يعتمد الجيش الأميركي على خطوط الشحن التجارية لنقل ما يزيد على 90 % من احتياجاته. لذلك ستضطر الولايات المتحدة للاعتماد على سفن تحمل أعلام دول أجنبية، في ظل عدم امتلاكها أسطول خاص بها وهي نقطة ضعف يمكن أن تستغلها الصين بسهولة.
في الوقت نفسه تتمتع الصين بسيطرة رقمية واسعة على الخدمات اللوجيستية العالمية من خلال تطبيق «لوجينك» المدعوم من الدولة والذي يقدم خدمة المتابعة اللحظية للشحنات البحرية على مستوى العالم. كما يستخدم التطبيق في المراكز التجارية الرئيسة باليابان وكوريا الجنوبية أوروبا، وهو ما يعطي الصين رؤية واضحة لسلاسل الإمداد ويمنحها ميزة محتملة في حال نشوب أي نزاعات اقتصادية أو جيوسياسية. وفي حين حظر الكونجرس على وزارة الدفاع الأميركية استخدام الموانئ التي تعتمد على تطبيق لوجينك، فإن التجارة الأميركية مازالت تستخدم هذه الموانئ.
وهذا المستوى من السيطرة يمنح الصين قدرة متزايدة على فرض إرادتها وممارسة الضغط الاقتصادي عند الحاجة، وإعطاء الأولوية لمصالحها الخاصة على مصالح الدول المنافسة، بما في ذلك الولايات المتحدة وحلفائها. على سبيل المثال، تسمح هيمنة الصين على البنية التحتية للموانئ العالمية لها بوضع قواعد ولوائح جديدة للملاحة البحرية الدولية. و من خلال السيطرة على الموانئ وسلاسل الخدمات اللوجستية المرتبطة بها، يمكن للصين وضع معايير جديدة لرسوم الشحن، والوصول إلى الموانئ، وسياسات الجمارك التي قد تضر بالشركات الأميركية.
كما يمكن للصين بهذا النفوذ الاقتصادي أن تضغط على الدول الأصغر حجماً للتوافق مع سياساتها أو المخاطرة باضطرابات التجارة. وإذا تصاعدت التوترات، فقد تعطل الصين الوصول إلى خدمات الشحن، أو تبطئ الخدمات اللوجستية، أو تجمع معلومات استخباراتية عن تحركات الجيش الأميركي. ويعكس القرار الأخير لوزارة الدفاع الأميركية بوضع شركة كوسكو الصينية للشحن على قائمة المخاطر التي تهدد الأمن القومي القلق المتزايد بشأن قدرة الصين المتنامية على التحكم في الخدمات اللوجستية البحرية.
استجابة هشة
ويرى المحللان كيندي وبرزوزوفسكي أنه رغم حدة الخطر الصيني ما تزال الاستجابة الأميركية له هشة وغير متماسكة، حيث تتولى أجهزة حكومية متعددة أجزاء منفصلة من المشكلة الصينية. وتعمل وزارتا الدفاع والنقل بشكل وثيق مع الإدارة البحرية لتأمين الموانئ البحرية الاستراتيجية الأميركية وضمان مرونة الخدمات اللوجستية العسكرية، في حين تعمل وزارة الدفاع على إقامة بنية تحتية بحرية جديدة في الفلبين. وتراقب وزارة الأمن الداخلي وخفر السواحل الأميركي السيطرة الأجنبية على البنية التحتية للموانئ الأميركية، وخاصة وجود الرافعات الصينية الصنع التي يشتبه في أنها تستطيع جمع المعلومات الاستخباراتية.
وقد اتخذت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة التابعة لوزارة الخزانة إجراءات أجبرت شركة كوسكو الصينية على بيع حصتها في محطة حاويات لونج بيتش الأميركية. وتحقق اللجنة البحرية الاتحادية في ممارسات الشحن غير العادلة الصينية. في الوقت نفسه، تعمل جهات مثل وزارة الخارجية ومؤسسة التمويل الإنمائي الدولية الأميركية على توفير بدائل لاستثمارات الصين في موانئ الدول الأخرى، وإن كانت تفتقر في كثير من الأحيان إلى القوة المالية اللازمة لمواجهة الاستثمارات الضخمة لبكين. كمأ أنشأ مجلس الأمن القومي قطاعا جديدا يركز على المخاطر البحرية، إلا أنه لا يزال ناشئا ويفتقر إلى السلطات اللازمة لحشد جهود الوكالات الأخرى في اتجاه التصدي لهذه التهديدات.
ويقترح كيندي وبرزوزوفسكي أربعة محاور لتستعيد الولايات المتحدة ريادتها البحرية التجارية.
أول هذه المحاور هو قيام الحكومة بتحديد الموانئ العالمية الحيوية للمصالح الاقتصادية والعسكرية الأميركية وتطوير القدرة على ضمان استمرار هذه الموانئ محايدة أو تحت سيطرة حلفاء لواشنطن. فالاكتفاء بتحذير الدول الأخرى من استقبال الاستثمارات الصينية لا يفيد. لكن على واشنطن تقديم بدائل قادرة على المنافسة لهذه الدول. أما المحور الثاني فيستهدف التصدي لسيطرة الصين الرقمية على الخدمات اللوجيستية العالمية. فتطبيق لوجينك وغيره من التطبيقات والمنصات المدعومة من الصين يتيح لبكين وصولا غير مسبوق لبيانات التجارة وأنماط الشحن على مستوى العالم. كما يجب تعزيز القدرات الأميركية في مجال الأمن السيبراني. وعلى واشنطن دعم تطوير منصات لوجيستيات بديلة للعالم لمنع الصين من جمع البيانات وإمكانية التلاعب بتدفقات التجارة العالمية.
ويرتبط المحور الثالث بضرورة استثمار الولايات المتحدة في تنمية قدراتها البحرية وتحسين التنسيق مع الدول الحليفة. كما يجب عليها مراجعة نوع الاستثمار المطلوب في القدرات المحلية وطبيعة التنسيق المطلوب مع الحلفاء من أجل ضمان امتلاك القدرات المطلوبة في مجال الشحن وبناء السفن. وأخيرا على الولايات المتحدة وضع استراتيجية متماسكة للأمن البحري، لضمان التنسيق بين جهود مختلف الوزارات والوكالات، والقدرة على مواجهة هذه المخاطر بسرعة وبطريقة فعالة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق