نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : موقف مغاربي مشترك لأزمة مهاجري جنوب الصحراء, اليوم الجمعة 14 مارس 2025 02:25 صباحاً
نشر في الشروق يوم 13 - 03 - 2025
بعد أن ارتفعت وتيرة الجدل في تونس وفي دول الجوار حول ملف مهاجري جنوب الصحراء الافريقية، وفي ظل تحول هذا الملف الى ما يشبه الأزمة الوطنية داخل كل دولة من الدول المغاربية، آن الأوان اليوم للتفكير في موقف جماعي مشترك موحّد وواضح يجمع الدول المذكورة. ويجب ان يؤدي هذا الموقف المشترك الى حلول عادلة يقع تقاسم مسؤوليتها مع دول الجوار الأوروبي ولا يقع إلقاء الجانب الأكبر منها على "دول العبور" خاصة بالنسبة لمسألة التوطين.
كل الدول المغاربية أصبحت اليوم في مواجهة مشكل تدفق المهاجرين القادمين من افريقيا جنوب الصحراء والراغبين في الهجرة سرا إلى أوروبا. ولم يعد المشكل يقتصر حدّ "التدفق ثم العبور" بل تحول إلى ما يشبه "الاستيطان" لفترات طويلة وبطريقة غير منظمة، وهو ما أدخل شيئا من الارتباك على تعاطي السلطات في دول العبور مع هذا الملف وخلق جدلا وردود أفعال داخل المجتمعات ذهبت حد اعتبار ما يحصل خطرا والدعوة الى "طرد" هؤلاء المهاجرين .
وقد سبق ان عبرت كل من تونس والجزائر وليبيبا والمغرب وموريطانيا أكثر من مرة عن رفض تحولها إلى مكان لتوطين المهاجرين الأفارقة سواء بشكل مؤقت او بشكل دائم، ورفضت ان يقع انشاء مراكز استقبال لهؤلاء المهاجرين على أراضيها عند إعادتهم من أوروبا كالذي وقع أحداثه في دولة ألبانيا. وفي المقابل تبذل هذه الدول جهودا استثنائية لمنع عبور هؤلاء بحرا نحو أوروبا في إطار تعهدات واتفاقيات مع دول أوروبية لكن دون ان تقدر على فرض إعادتهم إلى دولهم الأصلية.
تشترك كل الدول المغاربية في المبرر نفسه الذي يدفعهم الى رفض توطين المهاجرين او استقبال المرحلين منهم من الفضاء الأوروبي أو الذين تتم إعادتهم من وسط البحر قبل انتهاء رحلات "الحرقة". وهذا المبرر اجتماعي ومادي بالأساس، ذلك ان جل الدول المغاربية تعاني من أزمات اقتصادية ومالية ولا يمكنها ان تتحمل أعباء مالية إضافية للعناية بهؤلاء المهاجرين وتوفير الظروف الملائمة لهم للإقامة لفترات طويلة، من أكل ومسكن ورعاية صحية واجتماعية وتشغيل..
هذا الرفض يجب ان يكون اليوم في إطار موقف مشترك وموحد بين الدول المغاربية سواء على مستوى البرلمانات أو الحكومات او القيادات العليا حتى يكون أقوى وأنجع ويسمح بالتباحث مع الجانب الأوروبي بندية والتفكير في جملة من الحلول بطريقة معقولة تخدم مصالح الجميع دون ان يقع إلقاء عبء مسؤولية إدارة الملف على طرف دون الآخر. فالطرف الأوروبي مطالب هو الآخر بتحمّل جانب من المسؤولية والاشتراك في تقديم الحلول وعدم الاكتفاء فقط بتقديم المساعدات الأمنية والتجهيزات البحرية لمنع إبحار المهاجرين خلسة نحو الفضاء الأوروبي.
ويظل الحل الأمثل هو إيجاد الآليات الكفيلة بإعادة المهاجرين إلى دولهم الأصلية في اسرع وقت ممكن لكن مع ضمان مساعدتهم من قبل الدول الأوروبية على احداث موارد رزق في دولهم حتى لا يفكروا في الهجرة مرة أخرى. وهو الموقف الذي يجب ان تعبر عنه اليوم الدول المغاربية بشكل مشترك وموحد وان تطالب من الاتحاد الأوروبي ومن الهياكل الأممية المعنية بشؤون الهجرة واللاجئين تنفيذه قبل ان تشتد الأزمة أكثر فاكثر ويرتفع عدد المهاجرين على أراضي الدول المغاربية وعندئذ قد يصعب التعاطي مع هذا الملف بسهولة..
فاضل الطياشي
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق