مع كل موسم حج، تتجدد الجهود وتتسارع وتيرة الابتكارات في المملكة العربية السعودية، بهدف تقديم تجربة استثنائية وغير مسبوقة لضيوف الرحمن، تليق بمكانة المملكة في خدمة الحرمين الشريفين. وفي صميم هذه المساعي، يبرز التحول الرقمي كركيزة أساسية، إذ يؤدي دورًا محوريًا في تبسيط الإجراءات وتحسين جودة الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين.
وتتجلى هذه الجهود بنحو خاص في المدينة المنورة، التي تُعدّ المحطة الأولى والوجهة المفضلة لآلاف الحجاج القادمين من مختلف أنحاء العالم، إذ يلحظ الحاج، منذ لحظة وصوله وحتى مغادرته، حضورًا متزايدًا للحلول الرقمية المبتكرة، التي أسهمت بفاعلية في تسهيل كافة الإجراءات، ولم تقتصر هذه الحلول على التيسير فحسب، بل عملت على تحسين شامل لتجربة الزائر من خلال تقديم خدمات متطورة تشمل:
- الإرشاد الذكي لتوجيه الحجاج بسلاسة داخل المدينة وفي محيط الحرم النبوي.
- إدارة الحشود باستخدام تقنيات متقدمة لضمان انسيابية حركة الملايين.
- تقديم المعلومات الفورية والمتعددة اللغات لتلبية احتياجات كافة الزوار من مختلف الجنسيات.
ويأتي هذا التطور النوعي في الخدمات الرقمية كاستمرار لمسيرة تقنية انطلقت منذ سنوات، إذ نشهد في كل موسم حج تحديثات نوعية ومستمرة، ويعكس هذا الالتزام حرص الجهات المعنية في المملكة، وفي مقدمتها وزارة الحج والعمرة، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، على توظيف أحدث التقنيات لخدمة الزائرين على أكمل وجه، وبما يواكب المستهدفات الطموحة لرؤية المملكة 2030 الرامية إلى بناء مجتمع رقمي ممكن واقتصاد مزدهر.
تجربة رقمية متكاملة تبدأ من الوصول إلى المدينة المنورة:
أسهمت التطبيقات والمنصات الرقمية في تحويل تجربة الحجاج في المدينة المنورة إلى رحلة أكثر مرونة وانسيابية، وتبدأ هذه التجربة الرقمية من لحظة وصول الحاج إلى مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي في المدينة المنورة، وتستمر عبر تنظيم إقامته وتنقلاته، ووصولًا إلى تسهيل أداء عباداته وزياراته في المسجد النبوي والمواقع الإسلامية الأخرى.
وتُعدّ منصة (نسك) واحدة من أبرز النماذج الرقمية الناجحة في هذا السياق، إذ تتيح للحاج إمكانية حجز مواعيد زيارة الروضة الشريفة والصلاة فيها، مما يُمكنه من تنظيم وقته بفاعلية تتناسب مع الطاقة التشغيلية اليومية للمسجد، ويلغي الحاجة إلى الانتظار أو التزاحم.
كما أسهمت التطبيقات الصحية ومنصة (توكلنا) في تمكين الحجاج من الوصول الفوري إلى الخدمات الطبية، إذ يمكن للحجاج من خلالها تحديد مواقع المراكز الصحية القريبة، وحجز المواعيد، وطلب الخدمات الإسعافية عند الحاجة، ويضمن هذا التكامل يضمن للجهات المعنية تقديم الرعاية الصحية اللازمة بسرعة ودقة فائقة.
وتتكامل هذه الخدمات مع مجموعة من التطبيقات المتخصصة في الإرشاد والتنقل، التي توفر للزوار خرائط تفاعلية دقيقة، وتُسهّل هذه الخرائط الوصول إلى المسجد النبوي ومداخله ومخارجه، بالإضافة إلى المعالم الإسلامية المهمة في المدينة مثل: مسجد قباء وجبل أحد وغيرها. كما تُحدد مواقع النقل الترددي والمرافق العامة، مما يضمن تجربة تنقل مريحة وموجهة.
كما يستفيد الحاج من أنظمة الذكاء الاصطناعي المدمجة في بعض المنصات، التي تتيح له طرح استفساراته والحصول على إجابات فورية بلغته الأم، وسواء كانت هذه الاستفسارات تتعلق بأداء المناسك، أو بالإرشادات العامة، أو المعلومات التنظيمية، فإن الذكاء الاصطناعي يُقدم الدعم اللازم لضمان رحلة روحانية ميسرة ومُثمرة.
رؤية 2030.. التزام بالابتكار والتطوير المستمر للخدمات الرقمية في الحج:
تعمل وزارة الحج والعمرة، بالتعاون الوثيق مع جميع الجهات المعنية، على تطوير المنصات والخدمات الرقمية بصورة دورية ومستمرة، ويستند هذا التطوير إلى تحليل دقيق لبيانات الاستخدام وملاحظات الحجاج أنفسهم، لضمان تقديم تجربة أكثر كفاءة وسهولة عامًا بعد عام.
ويُعدّ هذا التحول الرقمي تجسيدًا عمليًا لأحد أبرز مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تضع في أولوياتها القصوى تحسين تجربة ضيوف الرحمن وتقديم خدمات نوعية تليق بمكانة المملكة في خدمة الحرمين الشريفين وتواكب تطلعات الزوار.
وتجدر الإشارة إلى أن التحول الرقمي والاعتماد على الحلول الرقمية لم يَعد خيارًا تكميليًا، بل أصبح عنصرًا أساسيًا لا غنى عنه في إدارة موسم الحج، فقد أسهمت هذه التقنيات بفاعلية في تعزيز كفاءة الأداء الميداني، وتقليل الازدحام، وتحسين تجربة الحاج في المدينة المنورة بصورة جذرية، مقدمة تجربة فريدة تمزج بين روحانية المكان وحداثة الوسائل.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق