في ليلة بريداويَّة، كان فيها الهواء معطَّرًا برائحة الإنجاز، تنفَّس «النمر» الأصفر والأسود أنفاسه الأخيرة، في ماراثون طويل، امتدَّ لـ32 جولةً، ليحسم على أرض مدينة الملك عبدالله الرياضيَّة لقب الدوري السعوديِّ، بعد انتصار ثمين على الرائد بثلاثيَّة مقابل هدف.كان المشهد أشبه بلوحة فنيَّة، رسمها لاعبو الاتحاد بألوان الإبداع والعطاء، فالنمر الجسور، الذي طالما عانق الألقاب، واحتضن الكؤوس، استطاع أنْ يقطف ثمرة موسم استثنائيٍّ، ويضيف إلى خزانته لقبًا جديدًا؛ ليصل إلى النقطة 77 متفوِّقًا على الهلال الوصيف بفارق 9 نقاط كاملة.عندما سجَّل عمر جونزاليس هدف السبق للرائد في الدقيقة التاسعة، لم يكن يعلم أنَّه أشعل فتيل النار في قلوب لاعبي الاتحاد، فردُّوا بثلاثيَّة حارقة، كتبت تاريخًا جديدًا في سجلات الكرة السعوديَّة. ستيفن بيرجون في الدقيقة 21، ثم دانيلو بيريرا في الدقيقة 40، قبل أنْ يختتم عبدالرحمن العبود المهرجان الاتحاديِّ بهدفٍ ثالث في الدقيقة 47.يقول الشاعر السعوديُّ:يا عزوتي يا فخر كل الأناميا عميد أنديتنا والأساسأنت في قلبي مثل روحي تمامأنت بس اللِّي تستحق الكاسكان كانتي -كالعادة- درَّة التاج في وسط الميدان، يركض بطاقة لا تنفد، يقطع الكرات، ويمرِّرها بذكاء، وكأنَّه يملك قلبين في صدره. أمَّا دفاع الاتحاد، فكان كالصَّخر الصلد، لا يُخترق إلَّا بصعوبة بالغة.وفي المدرجات، كانت الجماهير الاتحاديَّة تصنع ملحمةً أُخْرى من الوفاء والعشق، تهتف وتغنِّي وتشجِّع بحناجر لا تعرف الكلل، وكأنَّها تردِّد مع الشاعر:يا نمر ما مثلك في الملاعب نمورأنت السبع اللِّي ما يشيله سلاسلتاريخك المجيد أبيات وسطوروبطولاتك يعجز عنها المراسلإذا حدث هذا الفوز في زمن أنيس منصور، كان سيكتب عن الاتحاد قائلًا: «إنَّ للأندية أرواحًا كالبشر، منها ما يحيا كالزَّهرة يومًا ثم يذبل، ومنها كالنَّمر لا يعرف إلَّا القمة مسكنًا. والاتحاد من النوع الأخير، نادٍ يحمل في جيناته حب التحدِّي، وعشق الانتصار».لقد كان الاتحاد كالطَّائر الفينيق، الذي ينهض من رماده، عندما ظنَّ البعض أنَّ المنافسة محسومة، عاد النمر ليزأر بصوتٍ يهزُّ أركان الملاعب السعوديَّة، ويؤكِّد أنَّ العميد لا يرضى إلَّا بالقمَّة.هي ليست مجرَّد بطولة، بل هي نصر للإرادة والعزيمة والإصرار، هي قصَّة نادٍ عريق، يعرف كيف يصنع المجد، ويعانق السحاب.وللعميد منا كل التحيةما دام نبضه في القلوب سريعيكفي فخرًا إنَّه للأنديةعميدها وأوَّل من في التاريخ رفيع