نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل بدأت الأغلبية الحكومية في التفكك؟, اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025 05:59 مساءً
ساعة واحدة مضت
عبد الحكيم العياط
في خضم المشهد السياسي المغربي المتحول، لم تمر تصريحات قادة الأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية مرور الكرام، بعد أن خرجت إلى العلن مؤشرات واضحة على تصدع البيت الداخلي للائتلاف الحكومي. التراشق الإعلامي والاتهامات المتبادلة بين قيادات من التجمع الوطني للأحرار وحزب الاستقلال والحركة الشعبية، بل وحتى التململ الواضح في مواقف حزب الأصالة والمعاصرة، كلها تدفع نحو سؤال محوري: هل دخلت الأغلبية الحكومية مرحلة التفكك قبل أوانها؟
المثير في الأمر أن هذا التوتر يأتي في سياق خاص يتمثل في اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية لسنة 2026، ما يجعل من تحركات الفاعلين السياسيين قابلة للقراءة من زوايا متعددة، سواء تعلق الأمر بإعادة التموضع داخل المشهد، أو بتصفية الحسابات داخل التحالف الحاكم. يبدو أن ما كان خفياً خلال النصف الأول من الولاية بدأ يطفو على السطح، خصوصاً بعد ظهور مواقف متباينة حول عدد من الملفات الاجتماعية والاقتصادية، أهمها ملف الدعم الاجتماعي المباشر، وإصلاح نظام التقاعد، ومنظومة التعليم. فكل حزب يسعى إلى تسجيل نقاط لصالحه أمام قواعده الانتخابية، حتى لو اقتضى الأمر توجيه اللوم إلى "الحليف الحكومي".
وتجسد هذا التباين بشكل واضح من خلال التصريحات الأخيرة التي انتقد فيها مسؤول حزبي من الأغلبية تأخر تنفيذ مشاريع اجتماعية في عدد من الأقاليم، ملمحاً إلى ما وصفه بـ"هيمنة بعض الوزارات على القرار العمومي"، في إشارة إلى التجمع الوطني للأحرار. رد الفعل لم يتأخر كثيراً، حيث خرج قادة الحزب الحاكم في نبرة هجومية تؤكد أن الحكومة تسير وفق برنامج متفق عليه، وأن أي انحراف عن هذا البرنامج لا يخدم إلا المعارضة.
من الناحية العلمية، يمكن تفسير هذا الوضع على ضوء نظرية "الائتلافات الحاكمة" التي ترى أن تماسك الحكومات الائتلافية هش بطبعه، خصوصاً عندما تكون المصالح الحزبية متعارضة أو عندما يغيب التنسيق السياسي العميق. كما أن منطق الاستعداد للانتخابات عادة ما يدفع الأحزاب إلى اتخاذ مسافة من الحكومة، رغم بقائها شكلياً داخلها.
في ظل التوترات المتزايدة داخل الائتلاف الحكومي، شهدت الساحة السياسية المغربية لقاءً "ساخنًا" لقيادات الأغلبية حيث تمت مناقشة تصريحات نزار بركة التي انتقد فيها أداء الحكومة، هذا الاجتماع أبرز الخلافات العميقة بين مكونات التحالف، خاصة فيما يتعلق بتوزيع الميزانيات المخصصة للقطاعات الوزارية، مما يسلط الضوء على الصراعات الداخلية المتصاعدة.رغم محاولات التهدئة، قللت الحكومة من أهمية التراشق السياسي بين قياديي الأحزاب المكونة للأغلبية، مشددة على أن "لا وصاية على الفضاء السياسي". هذا التصريح يعكس الجهود المبذولة للحفاظ على تماسك التحالف الحكومي، رغم التوترات المتزايدة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية.
في محاولة لتعزيز التعاون وتبديد الشكوك حول الانقسامات، عقدت هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية اجتماعًا أكدت فيه التزامها بتقوية التعاون بين مكوناتها الحكومية والبرلمانية والحزبية، معبرة عن عزمها الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين ومن جانبه جدد المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار تمسكه بـ"منجزات الحكومة" ومشيدًا بمجهودات الوزراء في تنفيذ البرنامج الحكومي، هذا التأكيد يأتي في سياق محاولات الحزب لاحتواء التوترات الداخلية وتعزيز صورة الحكومة أمام الرأي العام، رغم التحديات التي تواجهها الأغلبية.
لكن في السياق المغربي، يبدو أن ما نشهده اليوم يتجاوز مجرد الاختلاف في وجهات النظر، إلى صراع فعلي على المواقع، في أفق إعادة تشكيل الخريطة السياسية بعد 2026. فهناك من يرى أن حزب الاستقلال بدأ فعلياً في رسم خط فاصل بينه وبين "أداء الحكومة"، فيما يتردد داخل حزب الأصالة والمعاصرة نقاش داخلي عميق حول جدوى الاستمرار في التحالف الحالي بنفس الشروط، خاصة مع تراجع التأثير الإعلامي والسياسي للحزب.
المشهد الحالي يشي بأن الحكومة دخلت زمن "العد العكسي"، حيث لم يعد النقاش منصباً على إنجاح التجربة، بل على من ينجو سياسياً من تبعاتها. وهذا يطرح سؤالاً أكبر حول فعالية النموذج السياسي المغربي القائم على تحالفات غير مبنية على برامج متقاربة أو انسجام إيديولوجي، بقدر ما هي تحالفات ضرورة ظرفية. إن تصدع الأغلبية الحكومية قبل سنة من الانتخابات هو إنذار مبكر بفترة سياسية ساخنة قد تسبق الاستحقاقات المقبلة، وربما بداية لإعادة رسم ملامح مرحلة ما بعد 2026، سواء على مستوى التحالفات أو على صعيد ثقة الناخبين في المؤسسات الحزبية والسياسية.
0 تعليق