نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تمثيلية الشباب في السياسة المغربية صوت غائب أم مغيب؟, اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025 05:59 مساءً
ساعة واحدة مضت
يوسف بوجعدة
رغم أن الشباب يشكلون أكثر من ثلثي سكان المغرب، فإن تمثيلهم في الحياة السياسية لا يزال ضعيفا جدا مقارنة بحجمهم الديمغرافي. في الوقت الذي تروج فيه خطابات رسمية تُشيد بدور الشباب في بناء المستقبل، تبقى المعادلة السياسية صعبة المنال بالنسبة لهذه الفئة الحيوية، التي تواجه تحديات كبيرة في الوصول إلى مراكز اتخاذ القرار. فإلى متى سيظل صوت الشباب مغيّبًا داخل دواليب السياسة؟
لقد تميز الشباب المغربي، منذ عقود، بحراكه الاجتماعي والنضالي الذي يلامس كافة القضايا السياسية والاقتصادية. فعلى الرغم من الحراك المتزايد في الشوارع وبين الفضاءات الرقمية، يظهر أن هذا الحضور الفعال لا يجد صدى في المؤسسات السياسية. فداخل البرلمان والمجالس المحلية، تستمر الأسماء نفسها في التربع على الكراسي، بينما تستبعد الوجوه الشابة التي كانت على الدوام في طليعة المعارك المدنية والمجتمعية.
العديد من المحللين السياسيين يفسرون هذا الواقع بتراجع الثقة في الأحزاب السياسية، التي باتت ترى في الشباب فئة غير قادرة على التأثير الجاد. وفيما تظل هذه الأحزاب تنغمس في صراعات داخلية، يتزايد شعور الشباب بالعزوف السياسي وعدم الجدوى من المشاركة في العملية الانتخابية. وإذا كانت هناك محاولات لتسويق "الكوتا الشبابية" في السابق، فإن إلغاء هذه اللائحة الوطنية المخصصة للشباب سنة 2021 أضاف مزيدا من الإحباط لدى الشباب، وأثار تساؤلات جدية حول مدى مصداقية الفاعلين السياسيين في إشراك هذه الفئة بشكل حقيقي في اتخاذ القرارات السياسية.
ويطرح الكثير من المراقبين تساؤلات عميقة حول كيفية استثمار طاقات الشباب. صحيح أن هناك محاولات لتشجيع الشباب على الانخراط السياسي من خلال إشراكهم في الحملات الانتخابية أو تكليفهم بمناصب رمزية داخل بعض المؤسسات، لكن هذا لا يُترجم إلى حضور حقيقي في مراكز صنع القرار. بل إن تجربة اللائحة الوطنية في سابق عهدها كانت مجرد وسيلة لتجميل الصورة الانتخابية دون أن يكون لها تأثير ملموس على المستوى التشريعي أو التنفيذي.
على الرغم من هذه التحديات، فإن الشباب في المغرب لا يزال يمتلك أدوات تأثير جديدة، أبرزها وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت ساحة مفتوحة للمناقشة والتعبير. فمن خلال هذه المنصات، يعبر الشباب عن آرائهم، ينتقدون السياسات العامة، ويعبرون عن تطلعاتهم بطريقة أكثر حرية وفعالية. ورغم أن هذا النشاط الرقمي لا يرقى إلى مستوى التأثير السياسي التقليدي، فإنه يشكل مؤشرا قويا على قدرة الشباب على إعادة تشكيل قواعد المشاركة السياسية في المستقبل.
إن إعادة الاعتبار لتمثيلية الشباب في السياسة المغربية ليست فقط مسألة عدالة أو ديمقراطية، بل هي مسألة حيوية تتعلق بمستقبل البلاد. فالمغرب الذي يتطلع إلى تحقيق تنمية شاملة وتجديد نموذج التنمية لا يمكنه أن ينجح في ذلك دون الاستفادة من الإمكانات الكبيرة التي يوفرها جيل الشباب. يجب على الأحزاب السياسية أن تتخلى عن ثقافة "التوريث السياسي" وتفتح أبوابها للأفكار الجديدة والطاقات المبدعة.
اليوم، نواجه تحديا حقيقيا في إعادة الثقة بين الشباب والأحزاب السياسية. ورغم أن بعض الخطوات قد تم اتخاذها، إلا أن الطريق لا يزال طويلا أمامنا لتوفير بيئة سياسية حاضنة للشباب، بيئة تشجع على المشاركة الفعلية والمساهمة الجادة في صناعة القرار. يجب أن نعمل على تعزيز قدرات الشباب السياسية والفكرية من خلال برامج تعليمية وتكوينية فعالة، تشجعهم على التفكير النقدي، وتسمح لهم بممارسة حقوقهم السياسية بشكل فعلي.
في النهاية، لا يمكن للسياسة المغربية أن تستمر دون استجابة حقيقية لاحتياجات الشباب وطموحاتهم. تمثيلية الشباب في المؤسسات السياسية يجب أن تكون أولوية، وإذا ما تم ذلك، فإن المغرب سيكون قادرا على الانتقال إلى مرحلة جديدة من النمو والتطور، مرحلة يستعيد فيها دوره القيادي في المنطقة، بمشاركة فعالة لجميع فئاته الاجتماعية.
0 تعليق