في لحظة سياسية وُصفت بـ"المفصلية"، أعلنت حضرموت – من قلب هضبتها الشرقية – تجديد التمسك بخيار "الحكم الذاتي" كطريق استراتيجي لاستعادة القرار المحلي، وذلك خلال لقاء قبلي حاشد دعا إليه الشيخ عمرو بن حبريش، وكيل أول المحافظة ورئيس حلف قبائل حضرموت، بمشاركة واسعة من وجهاء القبائل والمكونات المدنية من الساحل والوادي.

الحدث الذي انطلق منذ ساعات الفجر الأولى، لم يكن مجرد تجمع قبلي، بل رسالة سياسية صريحة، أعادت التأكيد على أن "قرار حضرموت بات بيد أبنائها"، وأن العودة لأي شكل من أشكال "الهيمنة المركزية" لم تعد مقبولة في وعي الشارع الحضرمي.

الحكم الذاتي كضرورة وطنية لا خيار نخبوي

البيان الختامي للقاء وصف مطلب الحكم الذاتي بأنه "ضرورة وطنية ملحة"، تتجاوز الطابع المحلي لتلامس أبعادًا وطنية وإقليمية، مشددًا على أن هذا التوجه يجسّد "إرادة شعبية متنامية"، في محافظة ظلت لعقود على هامش القرار السياسي.

ودعا الحلف القبلي المجتمعين الإقليمي والدولي، وفي مقدمتهم "المملكة العربية السعودية"، إلى اتخاذ خطوات عملية لترسيخ الحكم الذاتي لحضرموت، بوصفه مطلبًا سياديًا يمثل حائط صد أمام عودة "الهيمنة من أطراف سياسية أخرى"، في إشارة ضمنية للمجلس الانتقالي الجنوبي.

حضرموت تطالب بسلطة وموارد تكافئ حجمها

وفي ما بدا تحوّلًا في طبيعة الخطاب من المطالبات إلى صياغة برنامج سياسي وإداري، طالب الحلف بفتح باب التجنيد لأبناء حضرموت لتشكيل قوة أمنية محلية، تتولى حماية أمن واستقرار الإقليم، معتبرًا أن هذه الخطوة "حق مشروع" لا بد أن يواكبه دعم حكومي ودولي.

كما ألقى البيان الضوء على أزمة الكهرباء الخانقة في المحافظة، داعيًا الحكومة إلى توفير قدرة إنتاجية لا تقل عن 500 ميغاوات، لمواجهة الانقطاعات المتكررة التي تشل الحياة اليومية في واحدة من أغنى المحافظات بالموارد.

ابن حبريش: حضرموت اختارت مصيرها.. ولن تعود للوراء

وفي كلمة قوية أمام الحشود، قال الشيخ عمرو بن حبريش إن حضرموت قررت أن تختار الحكم الذاتي بإرادة أبنائها، مؤكدًا أن "القرار في حضرموت لم يعد بيد الآخرين".

وشدد على أن المرحلة المقبلة ستشهد "نقلة إيجابية" على صعيد الخدمات والأمن والتجنيد وتقرير المصير، مضيفًا: "السعودية إلى جانب حضرموت.. ولن نعود إلى الهيمنة إلا إذا عاد شهداؤنا إلى الحياة".

وأكد أن زيارته الأخيرة للمملكة حملت مؤشرات إيجابية وتفهمًا كاملاً لمطالب أبناء حضرموت، مشيرًا إلى أن المرحلة الراهنة لا تحتمل التأجيل أو التنازل عن الحقوق السياسية والإدارية.

لا وصاية بعد اليوم

في ساحة اللقاء، رفع المشاركون شعارات تطالب بـ"التمكين الحضرمي الكامل"، و"إدارة حضرموت من قِبل أبنائها"، مجددين رفضهم لما وصفوه بـ"الوصاية والهيمنة من خارج المحافظة".

وتحوّلت الهضبة إلى منصة مفتوحة لرسائل القبائل والمكونات الاجتماعية، التي أجمعت على ضرورة استعادة القرار السيادي، والانتقال من مرحلة المطالبة إلى التنفيذ.

البيان الختامي اختتم برسالة تحذيرية، أكّد فيها الحلف استعداده لاتخاذ "خطوات تصعيدية سلمية ومشروعة" دفاعًا عن مطالب حضرموت، واصفًا المرحلة المقبلة بأنها "مفصلية" في مسار انتزاع الحقوق السياسية والتنموية.