دخلت التعريفات الجمركية الأميركية على الهند حيز التنفيذ أمس (الأربعاء)، وذلك بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم لسد عجز تجاري قدره 44 مليار دولار مع نيودلهي.
وأدخل ترامب روسيا طرفا، ووبخ الهند على مشترياتها من الطاقة الروسية، حيث قال على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الهند هي «أكبر مشتر للطاقة من روسيا، إلى جانب الصين، في وقت يطالب الجميع روسيا بوقف القتل في أوكرانيا».
وفي 6 أغسطس الجاري، أصدر ترامب أمرا تنفيذيا ينص على أنه سيفرض رسوما جمركية بنسبة 25% على واردات البضائع الهندية عقابا على شراء النفط الروسي، وهذه التعريفات، التي دخلت حيز التنفيذ أمس، تضاف إلى تعرفة جمركية بنسبة 25% كان قد فرضها بالفعل بحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، اطلعت عليه «العربية Business».
وتواجه الهند الآن تعريفات جمركية بنسبة 50% تفوق أي دولة في العالم، وأعلى بكثير من تلك التي تستهدف منافسيها الآسيويين، كما جادل العديد من الأشخاص والمنظمات الأخرى بأن الهند تحرض روسيا في حربها على أوكرانيا بشراء النفط الروسي. لكن ترامب جعلها جزءا من محادثات التجارة الأميركية - الهندية.
وكان طلب ترامب، الذي وصفته الهند بأنه «فاحش وغير مبرر»، بمنزلة قنبلة دخان في مفاوضات البلدين، تخضع موسكو لعقوبات، بشكل رئيسي من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وفي محاولة للإضرار بالمجهود الحربي الروسي، فرض الغرب حدا أقصى على السعر الذي يمكن لروسيا أن تفرضه على نفطها.
وبعد فرض العقوبات وإغلاق الأسواق الأوروبية وغيرها أبوابها أمام روسيا، بدأت الصادرات البحرية من روسيا إلى الهند بالتزايد، وردت روسيا على تهديدات ترامب ضد الهند، حيث صرح ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، لوكالات أنباء روسية بأن روسيا تعتقد أنه من «غير القانوني» محاولة «دفع دول أخرى إلى قطع علاقاتها التجارية مع روسيا».
ولكن عقوبات ترامب على النفط الروسي لم تمتد إلى الصين التي تعد مشتريا رئيسيا آخر للنفط الروسي، وتحافظ البلاد على علاقات ودية للغاية مع روسيا، حيث ارتفع التبادل التجاري بينهما بمقدار الثلثين منذ غزو روسيا لأوكرانيا، وفي العام الماضي، تجاوز حجم التجارة الثنائية 240 مليار دولار، حيث ترسل الصين إلى روسيا كل شيء من السيارات إلى الطائرات المسيرة.
ولكن باستثناء الصين، لا توجد دولة تشتري النفط الروسي أكثر من الهند هذه الأيام، إذ ارتفعت مشتريات الهند من النفط الروسي لتتجاوز مستوياتها قبل غزو شامل لأوكرانيا في فبراير 2022، وقبل بدء الحرب بفترة وجيزة، شكل النفط الخام الروسي 0.2% من واردات الهند. وبحلول مايو 2023، كانت روسيا تبيع للهند أكثر من مليوني برميل من النفط الخام يوميا، أي ما يقارب 45% من وارداتها.
وأظهرت البيانات ثبات تدفقات النفط الروسي إلى الهند خلال العامين الماضيين، حيث تجاوز إجمالي المبيعات 130 مليار دولار سنويا، بحسب ما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز»، وفي يونيو 2023، وجد تحليل لبيانات الشحن أجرته الصحيفة أن عشرات الناقلات الروسية كانت تصل شهريا إلى مصافي النفط الهندية.
واستفادت الهند من العقوبات المفروضة على النفط الروسي وتحديد سقف سعري منخفض للبراميل الروسية، وتعد الهند أكثر دولة في العالم اكتظاظا بالسكان وأسرع الاقتصادات الكبيرة نموا ما رفع من حجم طلبها على النفط الروسي بكميات ضخمة.
وكانت مشتريات الهند من النفط الروسي مناسبة للطرفين. فروسيا قادرة على بيع نفطها الخام، نظريا بسعر أقصى حدده الاتحاد الأوروبي عند 60 دولارا للبرميل، بينما تشتريه الهند بخصم. وقد كررت شركات النفط الهندية بعضه للاستهلاك المحلي، وصدرت الباقي إلى أوروبا وأماكن أخرى على شكل ديزل ومنتجات أخرى.
وبالإضافة إلى دعم الاقتصاد الهندي، ساعد النفط الروسي الرخيص الهند على تأسيس تجارة مربحة لتصدير المنتجات المكررة إلى المناطق التي تحتاج إلى إمدادات طاقة جديدة. وتعد إحدى مصافي التكرير الهندية، وهي موقع جامناجار على الساحل الغربي للبلاد، الأكبر في العالم.
وساعدت الزيادة الكبيرة في استيراد النفط الروسي في رفع أرباح شركات مثل مجموعة ريلاينس الهندية، التي تدير مصفاة جامناجار. ارتفع سعر سهم «ريلاينس» بشكل حاد منذ بداية الحرب، وهي فترة استقرت فيها أسهم «إكسون موبيل».
0 تعليق