في خطوة تحمل في طياتها العديد من الأبعاد الاقتصادية والتكنولوجية، دخلت السلطات المغربية في مفاوضات مع شركة "ستارلينك" التابعة لإيلون ماسك، لتوفير خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية لساكنة الصحراء المغربية، وهي محادثات تعد بمثابة تعزيز جديد للبنية التحتية الرقمية في الأقاليم الجنوبية، وتأتي في وقت يشهد فيه المغرب طموحات كبيرة لتوسيع شبكاته الرقمية في المناطق النائية، حيث يتوقع أن تكون هذه الخطوة نقطة تحول في مستقبل الاتصال في تلك المناطق.
ويضع إيلون ماسك، الرجل الذي يعتبر من أبرز رواد الأعمال في العالم، والذي أسس شركة "سبيس إكس" لتكنولوجيا الفضاء، رهانات كبيرة على نجاح هذه المفاوضات التي يشرف عليها رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، حيث يسعى الطرفان من خلال الدعم الواضح من رئيس الحكومة، الذي يتابع سير المفاوضات عن كثب بالتنسيق مع الديوان الملكي، إلى تحقيق مشروع يعد بمثابة قفزة نوعية في تقديم خدمات الإنترنت في الصحراء الغربية، وهو ما قد يسهم في تعزيز التنمية الرقمية بالمنطقة.
وتعتمد "ستارلينك"، التي توفر الإنترنت عبر الأقمار الصناعية لمئات الملايين من الأشخاص حول العالم، على شبكة من الأقمار الصناعية الصغيرة التي تدور على مسافات أقرب بكثير من الأقمار التقليدية، حيث يمكن هذا النظام الجديد من تحقيق اتصال أسرع وأكثر استقرارا، وهو ما يعد بتحقيق ثورة حقيقية في مجالات التعليم عن بعد، والتجارة الإلكترونية، وحتى في جوانب الحياة اليومية لملايين المواطنين المغاربة في الجنوب.
ويعول المغرب، الذي يسعى إلى تحسين وضعه في مجال الابتكار التكنولوجي، بشكل كبير على هذا المشروع لتنويع مصادر التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية، حيث يعد التوسع في البنية التحتية الرقمية خطوة حاسمة في تنمية هذه المناطق، التي تحتاج إلى دعم إضافي لتنمية قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والخدمات الحكومية، فضلا عن تحسين جودة الحياة للسكان المحليين.
وكانت تقارير إعلامية ثد أكدت أن المفاوضات بين المغرب و"ستارلينك" بدأت في صيف 2024، عندما قام إيلون ماسك بالاتصال لأول مرة بالمسؤولين المغاربة لبحث إمكانيات التعاون، حيث أحيطت هذه المباحثات بهالة من التفاؤل في أوساط المسؤولين المغاربة، الذين يتطلعون إلى نتائج إيجابية تسهم في إحداث طفرة في هذا المجال، ولعل وجود لورين دراير، نائبة رئيس "ستارلينك"، في منتدى قطر-إفريقيا للأعمال في مراكش في نونبر من نفس العام، قد أضاف زخما كبيرا لهذه المحادثات.
ويتعين على "ستارلينك" الحصول على موافقة رسمية من السلطات المغربية، التي ستقوم بمراجعة الجوانب التقنية والأمنية للمشروع، الذي يحتاج إلى موافقة من الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات "ANRT"، التي ستتولى فحص الجوانب الفنية الخاصة بالتقنيات التي سيعتمدها المشروع، إضافة إلى تقييم من قبل المديرية العامة لأمن نظم المعلومات "DGSSI"، التي ستدرس المخاطر الأمنية المحتملة.
وسيكون لهذا المشروع في حالة إقراره تأثير بالغ على مستقبل الاتصال في المغرب، حيث سيسهم في تحسين الوصول إلى الإنترنت في المناطق النائية التي تعاني من نقص في خدمات الإنترنت التقليدية، كما أنه سيعود بالفائدة على القطاعات الاقتصادية المحلية، ويزيد من قدرة المغرب على جذب الاستثمارات في مجالات تكنولوجيا المعلومات.
وتعتبر المحادثات بين "ستارلينك" والمغرب بمثابة اختبار حقيقي للقدرة على تنفيذ مشاريع استراتيجية كبيرة في مجال التكنولوجيا، حيث ستفتح آفاقا جديدة للمغرب في عالم الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، ليحقق المزيد من التقدم في تعزيز مكانته الرقمية على الساحة العالمية، ما سيشكل خطوة تاريخية نحو رفع مستوى الإنترنت في المناطق النائية ويعزز البنية التحتية الرقمية للمملكة.
أخبار متعلقة :