نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من "نتفلكس" إلى السيارات.. لماذا الإقبال على "الاشتراكات"؟, اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025 07:40 مساءً
في السنوات الأخيرة، تغيرت عادات المستهلكين بشكل ملحوظ، حيث لم يعد الامتلاك هدفا رئيسيا كما كان في السابق، بل حلّت فكرة الاشتراك الشهري كبديل عملي وسهل، سواء في خدمات البث مثل "نتفلكس" أو الموسيقى مثل "سبوتيفاي"، أو حتى في تأجير السيارات وتطبيقات اللياقة البدنية.
ودفع هذا التحول خبراء الاقتصاد إلى طرح تساؤلات مهمة حول: لماذا يفضل الناس اليوم الدفع شهريا بدلا من الشراء مرة واحدة؟ وهل يمثل ذلك مرونة اقتصادية أم عبئا طويل الأمد على ميزانية الأسر؟
مرونة لا التزام
يقول الدكتور أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أحمد غنيم، في حديثه لـ "سكاي نيوز عربية"، إن "الجيل الجديد من المستهلكين أصبح يبحث عن المرونة أكثر من الامتلاك، فكرة شراء سيارة أو مكتبة أفلام لم تعد جذابة كما كانت من قبل، بل أصبح الحصول على الخدمة وقت الحاجة هو الأساس".
وأضاف: "الاشتراكات تمنح المستهلك حرية الدخول والخروج دون استثمار كبير مقدما، وهذا يتماشى مع نمط الحياة السريع في العصر الرقمي".
وقال غنيم إن هذا التحول ليس مجرد تغيير في سلوك استهلاكي، بل يعكس فلسفة اقتصادية جديدة لدى الأجيال الشابة، حيث لم يعد الامتلاك رمزا للاستقرار أو المكانة الاجتماعية كما كان في الماضي، بل أصبحت المرونة في الاستخدام وتجربة خيارات متعددة أكثر قيمة.
وتابع: "هذا الاتجاه مرتبط أيضا بتراجع ثقة الشباب في الاستثمارات طويلة المدى، خاصة مع تقلبات سوق العمل والأزمات الاقتصادية العالمية، لذلك فهم يفضلون نموذج الدفع مقابل الخدمة فقط، دون تحمل أعباء الصيانة أو الالتزامات طويلة الأجل".
كما يشير إلى أن انتشار ثقافة "التجربة" على حساب "الاقتناء" قد يعيد تشكيل قطاعات اقتصادية بأكملها، فالمستهلك بات يقارن بين الخدمات بشكل دوري، ويستطيع الانتقال من منصة لأخرى بسهولة، مما يجبر الشركات على تحسين عروضها باستمرار للحفاظ على ولاء العملاء.
الشركات تجد ضالتها
من جانبها، ترى الشركات في هذا النموذج فرصة ذهبية. فبدلا من البيع لمرة واحدة، يتحول العميل إلى مصدر دخل مستمر.
يقول محمد حجازي وهو مسؤول تسويق بإحدى شركات السيارات في مصر، في تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية": "الخدمات القائمة على الاشتراك الشهري بدأت تدخل سوق السيارات مؤخرا، العميل لم يعد مضطرا لدفع مئات الآلاف لامتلاك سيارة، بل يمكنه الاشتراك ودفع مبلغ ثابت شهريا يغطي الاستعمال والصيانة والتأمين".
وأضاف أن "هذا النموذج مناسب جدا لطبقة الشباب ورواد الأعمال الذين يبحثون عن المرونة وعدم الارتباط طويل المدى".
المستهلك بين الراحة والاستنزاف
ورغم هذه الإيجابيات، هناك من يرى أن الأمر قد يتحول إلى عبء مالي، حيث توضح داليا جودة، من جهاز حماية المستهلك، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "كثرة الاشتراكات الشهرية قد تستنزف دخل المستهلك دون أن يشعر، البعض يدفع لنتفلكس وسبوتيفاي وتطبيقات رياضية وخدمات إنترنت وألعاب، وفي النهاية يكتشف أن ما يدفع شهريا يعادل أقساطا ثابتة طويلة الأجل".
وأضافت: "من هنا تأتي أهمية التوعية، لأن المستهلك أحيانا يقع تحت إغراء السهولة والمرونة دون حساب التراكم المالي".
مستقبل اقتصاد الاشتراكات
وتشير تقارير اقتصادية إلى أن حجم سوق الخدمات القائمة على الاشتراك عالميا سيتضاعف في السنوات المقبلة، خصوصا مع دخول مجالات جديدة مثل الملابس والأجهزة المنزلية وحتى الرعاية الصحية.
ويرى الخبراء أن هذا النموذج لن يختفي، لكنه بحاجة إلى تنظيم أكبر لحماية المستهلكين وضمان عدم تحول الراحة إلى استغلال.
وبين من يراه خيارا عصريا يوفر مرونة وحرية، ومن يعتبره التزاما يستنزف الدخل، يبقى اقتصاد المشتركين مرآة لتحولات الحياة الحديثة، حيث تتراجع فكرة الامتلاك أمام ثقافة "الاستخدام عند الحاجة".
أخبار متعلقة :