اليوم الجديد

لإسكات الحقيقة.. إسرائيل تقتل 238 صحفيا خلال الإبادة بغزة

خلال حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ 22 شهرا، دفع الصحفيون الفلسطينيون ثمنا باهظا مقابل أداء واجبهم المهني في تغطية الأحداث من الميدان، حيث ركزت تل أبيب على استهدافهم بغية إسكات الحقيقة وحجب صورة ما يحدث عن العالم الخارجي.

 

ولم يكن حمل الكاميرا أو الميكروفون وارتداء الدرع كافيا لحماية الصحفيين من الغارات والقصف الإسرائيلي بل كانوا هم الهدف، إذ تعمد الجيش الإسرائيلي استهدافهم أثناء توثيقهم لمعاناة المدنيين ونقل تفاصيل الكارثة، وحتى أثناء لحظات استراحتهم والتقاط أنفاسهم بعيدا عن الميدان الملتهب.

 

وبحسب إحصائيات للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة ونقابة الصحفيين الفلسطينيين، وعلى مدار نحو عامين من الإبادة الجماعية، قتلت إسرائيل 238 صحفيا، بينهم 26 صحفية.

 

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى نهاية العام 2024، قتل 201 صحفي وصحفية، فيما قتل 37 آخرون منذ مطلع عام 2025 وحتى 15 أغسطس/ آب الجاري.

 

كما أصيب 480 صحفيا وتعرض 49 آخرون للاعتقال، وشمل الاستهداف البنية التحتية للقطاع الإعلامي.

 

حيث استهدف الجيش الإسرائيلي 12 مؤسسة صحفية ورقية، و23 مؤسسة إعلامية رقمية، و11 إذاعة، و16 فضائية (بينها 4 محلية و12 مقراتها بالخارج)، و5 مطابع كبرى و22 مطبعة صغيرة، و5 مؤسسات نقابية ومهنية وحقوقية معنية بحرية الصحافة.

 

كذلك دمر الجيش الإسرائيلي 32 منزلا لصحفيين، حيث قصفها بطائراته الحربية.

 

ويقدر المكتب الإعلامي الحكومي خسائر هذا القطاع في غزة بأكثر من 400 مليون دولار، ورغم ذلك، لا تزال 143 مؤسسة إعلامية تواصل عملها في القطاع رغم القتل والتدمير.

 

ويرصد التقرير عددا من الصحفيين الفلسطينيين:

 

** 6 صحفيين بينهم الشريف وقريقع

في 10 أغسطس 2025، قتلت إسرائيل 6 صحفيين بينهم مراسلا قناة "الجزيرة" أنس الشريف ومحمد قريقع، بغارة استهدفت خيمة كانوا يقيمون فيها قرب "مستشفى الشفاء" غرب مدينة غزة.

 

كان اسم أنس الشريف حاضرًا في نشرات الأخبار العالمية طوال نحو عامين من الحرب، بصفته مراسلًا ميدانيًا وأحد الأصوات القليلة التي كسرت الحصار الإعلامي، موثقًا للعالم مشاهد المجاعة والمجازر الإسرائيلية في غزة.

 

ولد الشريف في 3 ديسمبر/كانون الأول 1996 في مخيم جباليا شمال القطاع، ونشأ وسط بيئة مشبعة بالصراع، حيث عاش طفولته بين أزقة المخيم المكتظ وظروف الأزمات والحروب المتكررة.

 

فيما ولد قريقع عام 1992 في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، نال درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية بغزة عام 2014، وعمل في وسائل إعلام محلية عديدة، قبل عمله بقناة "الجزيرة" خلال الحرب على القطاع.

 

نشأ يتيما بعد فقدان والده في طفولته، وتربى مع والدته التي ارتبط بها ارتباطا وثيقا والتي قتلها الجيش الإسرائيلي أثناء اجتياحه "مستشفى الشفاء" في مارس/آذار 2024، عندما اعتقل ابنها محمد آنذاك.

 

وعرف قريقع بتدينه وحفظه للقرآن، وهو متزوج ولديه ثلاثة أبناء.

 

** مقتل 4 صحفيين في يوم

- في يونيو/حزيران 2025 قتل الجيش الإسرائيلي 4 صحفيين فلسطينيين في استهداف إسرائيلي واحد وهم:

 

سليمان حجاج، مراسل ومحرر بقناة "فلسطين اليوم"، وإسماعيل بدح، مصور في ذات القناة، وسمير الرفاعي، محرر بوكالة "شمس نيوز" الإخبارية.

 

وفي ذات اليوم توفي يوسف النخالة، الصحفي بوكالة الوطنية للإعلام، متأثرا بجروح أصيب بها في 31 مايو/أيار 2025.

 

** سائد أبو نبهان

في 10 يناير/كانون الثاني 2025، قُتل أبو نبهان المتعاون مع وكالة الأناضول برصاص قناص إسرائيلي أثناء تأديته عمله الإنساني والصحفي في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

 

** حسن حمد

قتل المصور الصحفي حسن حمد في أكتوبر 2024، جراء قصف إسرائيلي شمال قطاع غزة، بينما كان يعمل مع عدد من وسائل الإعلام بينها وكالة الأناضول.

 

وصل جثمانه إلى "مستشفى كمال عدوان" أشلاءً لا تحمل سوى سترته الصحفية، وتعرّف عليه شقيقه محمد من خلال شعره.

 

** حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا

في يناير 2024، قتل الصحفي حمزة الدحدوح (مواليد 1996) الذي يعمل لقناة "الجزيرة"، وهو نجل مدير مكتب الجزيرة بغزة وائل الدحدوح، إلى جانب زميله الصحفي مصطفى ثريا، بقصف إسرائيلي استهدف مركبة صحفيين غرب خان يونس جنوب القطاع.

 

كان حمزة قد حصل على بكالوريوس الصحافة والإعلام من جامعة الأزهر بغزة، وفقد والدته وأشقاءه بقصف إسرائيلي استهدف منزلا يؤوي العائلة بمخيم النصيرات في أكتوبر 2023، قبل أن يُستهدف مجددًا خلال عمله الميداني.

 

** سامر أبو دقة

قتل الصحفي والمصور سامر أبو دقة (مواليد 1978)، الذي يعمل في قناة "الجزيرة" في 15 ديسمبر/كانون الأول 2023، جراء قصف إسرائيلي استهدفه في خان يونس، حيث تُرك ينزف ست ساعات دون إسعاف بسبب الاستهدافات الإسرائيلية.

 

وينحدر أبو دقة من بلدة عبسان الكبيرة قرب خان يونس، وهو أب لثلاثة أبناء وبنت يقيمون في بلجيكا، فيما اختار البقاء في غزة لمواصلة عمله الميداني.

 

** بلال جاد الله

قتل الصحفي بلال جاد الله (مواليد 1978) في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إثر قصف مباشر استهدف مركبته بمدينة غزة.

 

شغل جاد الله منصب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لمؤسسة بيت الصحافة، وساهم في تأسيس وكالة سوا الإخبارية (خاصة).

 

وخلال عمله، عقد اتفاقيات تعاون دولية وعربية لحماية الصحفيين، وأشرف على ورش تدريبية، كما جعل من بيت الصحافة ملاذاً آمناً للإعلاميين خلال الحروب ووزع عليهم معدات السلامة المهنية.

 

** الشقيقان منتصر ومروان الصواف

المصور المتعاون مع الأناضول منذ 2014، منتصر الصواف (مواليد 1990)، قتل هو وشقيقه الصحفي مروان، بقصف إسرائيلي استهدف جنوب غزة مطلع ديسمبر 2023.

 

قبل أسبوعين فقط من مقتله، نجا منتصر من قصف صاروخي إسرائيلي على منزله أودى بحياة والديه وعدد من أشقائه، وأصيب حينها في عينه وأنفه لكنه واصل عمله الميداني رغم تدمير المستشفيات ونقص العلاج.

 

منتصر متزوج وأب لطفلين، ودرس الصحافة والإعلام في "جامعة الأقصى".

 

أما شقيقه مروان المتزوج ولديه طفل، فدرس تخصص "تكنولوجيا المعلومات" بمدينة غزة وعمل في شركة "ألِف ملتيميديا" المتخصصة في الأفلام الوثائقية.

 

بدوره، قال مدير المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة إسماعيل الثوابتة للأناضول إن "استهداف الاحتلال الصحفيين والمؤسسات الإعلامية جريمة حرب مكتملة الأركان".

 

وأضاف: "قتل الصحفيين يهدف لإسكات الحقيقة وطمس معالم جرائم الإبادة الجماعية، وهي تمهيد لخطة الاحتلال الإجرامية للتغطية على المذابح الوحشية الماضية والقادمة التي نفّذها وينوي تنفيذها في قطاع غزة".

 

وطالب الثوابتة "الاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، وجميع الأجسام الصحفية والحقوقية الدولية في كل أنحاء العالم، لتأمين الحماية الكاملة للصحفيين الفلسطينيين والمؤسسات الإعلامية في غزة، وضمان محاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم ضد حرية الصحافة والحق في الوصول إلى المعلومات".

 

ومنذ 7 أكتوبر 2023 ترتكب إسرائيل - بدعم أمريكي - إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

 

وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 62 ألفا و192 قتيلا، و157 ألفا و114 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 271 شخصا، بينهم 112 طفلا.


أخبار متعلقة :