أشارت صحيفة "عكاظ" السعودية إلى أن قضية السلاح في لبنان كانت محور نقاش مستمر وسط الأزمات المتتالية التي ضربت البلاد خلال العقود الماضية، موضجة أنه يُفترض أن السلاح يُستخدم لحماية الوطن والدفاع عن سيادته، ولكن المثل القائل: "السلاح عدو صاحبه"، يحمل في طياته حقيقة مؤلمة، لا سيما حين نتمعّن في تجربة "حزب الله" وسلاحه في الواقع اللبناني.
ولفتت إلى أن "حزب الله يرفع شعار امتلاكه لترسانة عسكرية ضخمة تهدف بحكم التصريحات الرسمية إلى حماية لبنان من التهديدات الخارجية، خصوصاً الإسرائيلية، إلا أن الوقائع أثبتت محدودية هذا السلاح حتى في حماية قادة الحزب أنفسهم، فقد تعرّض الأمين العام حسن نصرالله وعدد من كبار قادة الحزب لمحاولات استهداف وتهديدات متكررة، ولم تكن تلك الترسانة الأمنية قادرة على صدها بشكل كامل كما يُدَّعى، سواء عبر الاعتداءات المباشرة أو الضربات العسكرية، أظهرت التجارب أن هذا السلاح لم يحل دون وقوع انتهاكات بحق قادة الحزب وبيئتهم الحاضنة".
واعتبرت أنه "من هنا يتجلى السؤال المحوري: إذا كان هذا السلاح يعجز عن حماية من يديرونه ويمثلونه، فكيف يمكن الوثوق بقدرته على حماية الشعب اللبناني بكل مكوّناته، والدفاع عن لبنان كدولة؟"، مشيرة إلى أن "الواقع أن اعتماد لبنان على هذا السلاح كضمانة أمنية ساهم في تعميق الانقسامات الداخلية وزيادة وتعقيد دائرة الصراعات والأزمات، بدلاً من أن يخلق شعوراً بالأمان والوحدة".
وأوضحت أنه "فيما يتعلق بالأراضي اللبنانية المحتلة، مثل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، لم يُشهد يوماً استخدام هذا السلاح لتحرير هذه المناطق التي تعتبرها لبنان أراضي محتلة، كما أن حرب إسناد غزة التي خاضها حزب الله أدى إلى احتلال 5 تلال جدد من قبل إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية على طول الخط الأزرق، وهي تلة الحمامص وتلة النبي عويضة وجبل بلاط واللبونة والعزية، وهذا يطرح تساؤلات جدية حول فعالية هذا السلاح ودوره الحقيقي في حماية اللبنانيين والدفاع عن سيادة وطنهم".
كما رأت أنه "على صعيد الملف البحري، فقد ظهر تنازل واضح من حزب الله في قضية حقل كاريش النفطي. ففي المفاوضات، قبل لبنان ترسيم الحدود البحرية وفق الخط 23 بدلاً من الخط 29 المعتمد من الأمم المتحدة، وهو الخط الذي يمنح لبنان حقوقاً أكثر في هذا الحقل الغني بالغاز"، مشيرة إلى أن "هذا التنازل أتاح لإسرائيل السيطرة الكاملة على حقل كاريش، في حين حصل لبنان على حقل قانا الذي يتطلب لاستخراج موارده موافقة إسرائيل حسب الاتفاق الدولي. هذا المؤشر يعكس تراجعاً واضحاً عن المواقف السابقة التي كانت تؤكد على حماية الحقوق اللبنانية دون تنازل".
وأضافت: "على الرغم من التهديدات المتكررة التي أطلقها حزب الله بضرب المنشآت الإسرائيلية في حقل كاريش خلال فترات التوتر، إلا أن هذه التهديدات لم تمنع إسرائيل من مواصلة التنقيب والإنتاج، مما يبرز محدودية قدرة هذا السلاح على حماية سيادة لبنان وأراضيه وحماية مصالحه الوطنية".
ولفتت إلى أنه "إذا كان السلاح الذي يُعلن عنه كأداة لحماية لبنان عاجزاً عن تحرير أراضيه المحتلة، ولا ينجح في حماية حقوقه السيادية، ولم يقِ حدوده من التنازلات التي تسلب جزءاً من ثرواته لصالح العدو، فكيف يمكن أن يكون ضمانة لحماية جميع اللبنانيين؟".
ورأت أنه "بناءً على هذا الواقع، أصبح واضحاً أن هذا السلاح لا يكتفي بعدم حماية صاحبه فحسب، بل صار فعلياً "عدو صاحبه" و"عدو الوطن" والمواطنين. لذلك، على حزب الله أن يُسلم سلاحه للجيش اللبناني قبل نهاية العام الجاري، كما طالبت الحكومة اللبنانية رسمياً استناداً إلى اتفاق الطائف والبيان الوزاري".
وأشارت إلى أن "الدولة اللبنانية وحدها تتحمّل المسؤولية الحصرية في حماية لبنان وأمنه، ولا بد من أن تكون هي الجهة الوحيدة التي تمتلك السلاح، بعيداً عن أي أدوات أو ميليشيات خارج إطار الدولة، لأن وجود مثل هذه الأسلحة خارج إطار الشرعية يغذي الانقسامات ويؤدي إلى تصاعد الأزمات والتنازلات".
أخبار متعلقة :