اليوم الجديد

5 حلول لمواجهة تحديات المناخ وتحقيق الأمن الغذائى

دعت دراسة حديثة، إلى تحسين أنظمة الرصد والإنذار المبكر، وتطوير سياسات زراعية تراعى الاستدامة والعدالة.

وأوصت الدراسة التى أعدتها الدكتورة راجية الجرزاوى، الاستشارية فى مجال البيئة وتغير المناخ، بالعمل فى 5 محاور أولها توسيع تطبيق تقنيات الزراعة الذكية مناخياً، وتوفير دعم مالى للمزارعين، وتعزيز الإرشاد الزراعى، وتمكين المرأة فى سلسلة الغذاء، إلى جانب تقليل الفاقد من الأغذية الذى يصل فى بعض المحاصيل إلى أكثر من 50%.

أكدت الدراسة، أنَّ منظومة الغذاء فى مصر تُعانى أوجه ضعف هيكلية تُعرضها بشكل خاص لاضطرابات المناخ، وتقلبات الأسواق.

وخلصت إلى أن تحقيق الأمن الغذائى بمصر يواجه تحدياً مركباً يستلزم استجابة شاملة لا تقتصر على الزراعة؛ بل تشمل البنية الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية، وحوكمة السياسات، إضافة إلى تطوير رؤية وطنية واضحة، مبنية على بيانات دقيقة ومشاركة مجتمعية حقيقية لضمان مستقبل غذائى عادل ومستدام فى ظل تغير مناخى لا يرحم.

وكشفت دراسة «الجرزاوى» عن 3 تهديدات مناخية رئيسية تواجه مصر، تتمثل فى: فقدان الأراضى، وارتفاع درجات الحرارة، وازدياد ندرة المياه.

فحسب الباحثة، تضررت أراضٍ زراعية شاسعة بسبب الملوحة والغمر، بينما يُتوقع أن يرتفع عدد أيام الموجات الحارة إلى 40 يوماً سنوياً بحلول منتصف القرن.

واعتمدت الدراسة على تقديرات للبنك الدولى، تشير إلى احتمال خسارة مصر نحو مليون فدان من الأراضى المزروعة بحلول 2030، ما يهدد الأمن الغذائى بشكل مباشر.

كشفت الدراسة، أن الزراعة تستهلك 80% من المياه، لكنها لا تسد سوى نصف الاحتياج الغذائى، فالقطاع الزراعى ركيزة أساسية للاقتصاد المصرى، من حيث الناتج المحلى أو التوظيف، لكنه يواجه ضغوطاً شديدة بسبب ندرة المياه وتآكل الأراضى وتراجع الإنتاجية.

وتستورد مصر حوالى 40 ـ 50% من غذائها، وتعد أكبر مستورد للقمح فى العالم، حسب الدراسة. كما أن غلة المحاصيل لم تتحسن خلال العقد الأخير، بينما تبلغ الأراضى الزراعية نحو 4.1% فقط من مساحة البلاد.

من جانبها، قالت الدكتورة سحر البهائى، أستاذ الاقتصاد الزراعى بمعهد التخطيط القومى، إنَّ تراجع ترتيب مصر على مؤشر الأمن الغذائى العالمى، يرجع إلى انخفاض قدرة المواطنين على تحمُّل تكلفة الغذاء، مع ارتفاع أسعار بعض السلع بنسبة تجاوزت 100%.

وقال الدكتور شعبان رأفت، أستاذ المالية العامة والتشريع الضريبى بكلية الحقوق ـ جامعة القاهرة، إنَّ أهم التحديات التى تواجه جهود مصر لتحقيق الأمن الغذائى؛ هى محدودية الموارد المائية، مبيناً أن المياه العذبة هى المورد الأكثر محدودية مع بناء السد الإثيوبى، فضلاً عما تشهده مصر من موجة جفاف شديدة، وقلة الأمطار، وهذا محدد رئيسى للتنمية الزراعية.

وحسب «رأفت»، فإنَّ الاعتماد المتزايد على استيراد الغذاء من الخارج تكتنفه صعوبات تتعلق بعدم استقرار أسعار الغذاء فى السوق العالمى، واتجاهها للارتفاع الحاد أحياناً أو النقص فى إمدادات الغذاء، مع ما يصيب مصر من تناقص مصادر المياه الجوفية غير المتجددة نتيجة التوسع الزراعى أو لسوء الاستخدام.

وبيّنت سمر الششتاوى، المدرّسة بكلية الزراعة ـ جامعة أسيوط، أن هناك زيادة ملحوظة فى مؤشر سوء التغذیة بمصر.

فحسب بحث لها، بلغ أدنى مستوى له بنحو 5.5% عام 2014 وأقصى مستوى له 7.2% بنهاية 2021، موضحة زيادة مؤشر انعدام الأمن الغذائى الحاد؛ إذ ارتفع من 6.7% خلال الفترة (2018 – 2020) إلى%10.4 فى (2021 – 2023).

وأضافت لـ«البورصة»، أن مؤشر نقص التغذية فى ازدياد؛ إذ قدرت النسبة بنحو 8،5% حسب إحصائيات 2023 مقارنة بـ2020، بينما تراجع عدد العاملين فى القطاع الزراعى خلال الأعوام الأخيرة، ما أدى إلى انخفاض فى عدد الوظائف فى الفترة (2015 – 2022)، على الرغم من زيادة معدل الناتج المحلى الزراعى مؤخراً، ولكنها تبقى أقل من نمو الناتج المحلى الإجمالى.

وتوقعت الدراسة انخفاض إنتاج الأرز والذرة وفول الصويا بنسب تصل إلى 28%، ما يضر بدخل المزارعين ويرفع أسعار الغذاء، ومن ثم، لا يقتصر التهديد على وفرة الغذاء؛ بل يمتد إلى العدالة الاجتماعية، والاستقرار الاقتصادى.

وتتركز تلك التداعيات على الريف وصعيد مصر، حسب الدراسة، خاصة مع ضعف البنية التحتية والخدمات، بينما تتأثر النساء فى هذه المناطق بشكل غير متناسب، ما يعزز التفاوت القائم.

وبيَّنت هدى عبدالغفار، الباحثة فى مجال الزراعة والأمن الغذائى، أن محدودية الموارد المائية، واستمرار الزيادة السكانية يؤديان إلى زيادة الطلب على السلع الغذائية التى تشهد ـ بالفعل ـ أسعارها ارتفاعاً كبيراً، ومن ثم اللجوء إلى الاستيراد لسد الفجوة الغذائية.

وأشارت إلى أن الأمر ينطوى على مخاطر عالية فيما يتعلق بالأمن الغذائى المصرى؛ إذ إنَّ استمرار الاعتماد على الاستيراد لتقليل الفجوة بين العرض والطلب على السلع الغذائية الرئيسية يتسبب فى زيادة العبء على كاهل الموازنة العامة للدولة، ويزيد من عجز الميزان التجارى، فضلاً عن التبعية الاقتصادية للدول المصدرة.

وحسب دراسة «الجرزاوى»، فعلى الرغم من تبنى مصر إستراتيجيات متعددة، مثل «إستراتيجية تغير المناخ 2050» و«خطة المساهمات المحددة وطنياً»، تظل هناك فجوات فى التنسيق والتمويل والشفافية. فالسياسات تركز ـ حسب الدراسة ـ على زيادة الرقعة الزراعية، ومشروعات البنية التحتية، لكنها لا تُولى اهتماماً كافياً بتحسين الوصول إلى الغذاء، أو إشراك منظمات المجتمع المدنى، إضافة إلى غياب بيانات التنفيذ، وعدم وضوح دور المجلس الوطنى للمناخ.

بقلم: إبراهيم الهادى عيسى

أخبار متعلقة :