اليوم الجديد

ترامب و"دبلوماسية عالم الخيال".. مبادرة محفوفة بالمخاطر

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترامب و"دبلوماسية عالم الخيال".. مبادرة محفوفة بالمخاطر, اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025 02:04 مساءً

في يوم وصفه مراقبون بأنه الأفضل لأوكرانيا منذ فترة طويلة، استضاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، في لقاء اتسم بالهدوء والتفاهم، خلافًا للزيارة السابقة التي شهدت توترات حادة.

المحادثات التي جرت في واشنطن، بحضور عدد من القادة الأوروبيين، بدت وكأنها تعيد للأذهان لحظات تاريخية سبقت نهاية الحرب العالمية الثانية.

فقد أظهر الحضور الأوروبيون، رغم تبايناتهم الأيديولوجية، وحدة نادرة في دعمهم لأوكرانيا، بينما حاولوا جميعًا، أمام الكاميرات، دفع ترامب لتبني موقف واضح وقوي ضد روسيا.

لكن هذه اللحظة، رغم رمزيتها، لا تخفي هشاشة الوضع وتعقيد الطريق نحو تسوية سلمية. فجهود ترامب الدبلوماسية، رغم ما قد تحققه من اختراقات أولية، تواجه شكوكًا عميقة بشأن استدامتها ومصداقيتها.

قمة ثلاثية مرتقبة؟

في تطور لافت، ألمح ترامب عبر منشور على منصات التواصل الاجتماعي إلى رغبته في استضافة قمة ثلاثية تجمعه بكل من زيلينسكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد تسبقها قمة ثنائية بين الرئيسين الروسي والأوكراني.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس أشار إلى إمكانية عقد مثل هذا الاجتماع خلال أسبوعين، ما يعكس تسارعا محتملا في الحراك الدبلوماسي.

الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب قال لترامب إن الأسبوعين الماضيين شهدا تقدما يفوق ما تحقق خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية. تصريحات قُوبلت بترحيب واسع، باعتبارها اعترافًا صريحًا بوجود فرصة فعلية لإنهاء النزاع.

ضمانات أمنية غامضة

رغم الحديث المتفائل عن "ضمانات أمنية" لأوكرانيا بعد التوصل إلى اتفاق سلام، إلا أن تفاصيل هذه الضمانات لا تزال غائبة.

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني اقترحت نموذجا مشابها للمادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي، لكن خارج الإطار الرسمي للحلف. ومع ذلك، تبقى احتمالات قبول روسيا بهذا الطرح ضعيفة، إذ إن هدف بوتين المعلن هو منع أوكرانيا من الحصول على أي شكل من أشكال الحماية الغربية.

كما يطرح هذا النموذج تساؤلات حول مدى التزام الدول الأوروبية، في حال حدوث هجوم روسي جديد، بالدفاع العسكري المباشر عن أوكرانيا.

الجدل حول "تبادل الأراضي"

واحدة من أكثر النقاط إثارة للجدل في مبادرة ترامب هي فكرة "تبادل الأراضي"، والتي تتضمن تعديل الحدود بين روسيا وأوكرانيا بطريقة تُرضي الطرفين.

ووفقا لمصادر مطلعة، يسعى بوتين للحصول على مكاسب جغرافية في منطقة دونباس الصناعية، مقابل التنازل عن مناطق أقل أهمية.

لكن هذه الخطوة تُثير مخاوف عميقة، إذ تعني ضمنًا شرعنة الاحتلال الروسي لأراضٍ أوكرانية، وفرض واقع جديد على السكان المحليين.

كما تُحمل زيلينسكي عبء إقناع الشعب الأوكراني، وذوي الجنود القتلى، بجدوى تقديم تنازلات إقليمية لعدو شن حربا دموية عليهم.

رهان محفوف بالمخاطر

منذ عودته إلى البيت الأبيض، فاجأ ترامب بعض المراقبين بتغيّره النسبي تجاه الملف الأوكراني. فالرئيس الذي لطالما شكك في جدوى الدعم العسكري لكييف، بات الآن يضع ثقله السياسي خلف جهود السلام، رغم أن تعهداته لا تزال تفتقر إلى الوضوح.

وفي المؤتمر الصحفي المشترك مع زيلينسكي، التزم ترامب بضبط النفس، حتى حين حاول بعض الصحفيين استفزازه، وظهر بمظهر الزعيم التقليدي المحاط بحلفاء غربيين، في مشهد نادر خلال ولايته الحالية.

لكن هذه الصورة سرعان ما تشوشت، عندما التقطت الميكروفونات تعليقًا له خلال حديث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال فيه إن "بوتين يريد إبرام صفقة معي"، في إشارة إلى ما وصفه البعض بسذاجة سياسية خطيرة في التعامل مع بوتين.

رغم الجهود الجارية، يبقى مستقبل المبادرة محفوفًا بالمخاطر. إذ يرى خبراء أن استراتيجية ترامب قد تنهار تحت وطأة تناقضاتها الداخلية.

فالرئيس الأميركي يسعى لإرضاء موسكو وكييف في آن واحد، بينما يُقدم وعودًا غامضة لحلفائه الأوروبيين، دون توضيح لكيفية تحقيق توازن دائم.

الخبير في الشؤون الأوروبية مايكل كيماج، من مركز ويلسون، اعتبر أن "الدبلوماسية الحالية تعيش في عالم من الخيال"، محذرًا من أن "هذه الازدواجية لا يمكن أن تستمر طويلًا".

أخبار متعلقة :