اليوم الجديد

تسعير تذاكر الطيران في عهد الـ AI.. ما الذي سيتغيّر؟

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تسعير تذاكر الطيران في عهد الـ AI.. ما الذي سيتغيّر؟, اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 01:44 مساءً

في ظل مساعي شركات الطيران لاستعادة أرباحها التي تراجعت بشدة خلال فترة جائحة كوفيد-19، يتجه قطاع السفر الجوي اليوم، إلى تبني تقنيات متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي كوسيلة فعّالة لتعزيز إيراداته.

ومن أبرز التحولات المرتقبة في هذا المجال، تخطيط شركات الطيران للاعتماد على أنظمة ذكاء اصطناعي، تساعدها في تسعير تذاكر السفر بشكل دقيق، بما يسمح لها في تحقيق أقصى استفادة مادية ممكنة.

وبحسب تقرير أعدته "بلومبرغ" واطّلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فإن برامج التسعير التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، تهدف إلى مساعدة شركات الطيران، في الوصول إلى أعلى سعر يمكن للراكب تحمّله قبل أن يرفض الحجز، حيث تعمل هذه البرامج عبر نظام تسعير معقد للغاية"، لدرجة أنه "يتجاوز حدود الإدراك البشري".

نهج مشابه للـ AI التوليدي

ووفقاً لورقة بحثية أعدّتها شركة Fetcherr الناشئة في مجال البرمجيات، والتي تعمل مع شركةDelta Air Lines  والعديد من شركات الطيران الأخرى، فإن برنامجاً تجريبياً للذكاء الاصطناعي صممته الشركة، يقوم باستبدال نظام التسعير البسيط، الذي تعتمده شركات الطيران حالياً، بنظام معقد للغاية، حيث يمكن لهذا البرنامج عرض أسعار متقلبة بشكل كبير من لحظة لأخرى، مع توفير فئات أسعار متنوعة بشكل أكبر من السابق.

ويستخدم هذا البرنامج نهجاً مشابهاً لأنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، ولكنه مخصص فقط لاستيعاب معلومات معقدة حول الأسواق وخلق استراتيجيات تسعير تساعد شركات الطيران على زيادة الإيرادات بشكل كبير، حيث أكدت Fetcherr أن برنامجها الذكي لا يسمح بالتسعير الفردي أو الشخصي، ولن يستخدم أو يجمع أي معلومات تعريف شخصية، مشيرة إلى أنه يمكن استخدام البرنامج أيضاً لخفض الأسعار في أوقات تراجع الطلب، فالبرنامج الجديد سيقدم توصيات لتعديلات في الأسعار في كلا الاتجاهين.

كيف تعمل أنظمة التسعير عبر الـ AI؟

وتعمل أنظمة التسعير عبر الذكاء الاصطناعي من خلال جمع كميات ضخمة من البيانات التاريخية والحالية، تشمل أسعار التذاكر، معدلات الإشغال، مواسم السفر، الأحداث المحلية والعالمية، وحتى حالة الطقس. ومن ثم يقوم الذكاء الاصطناعي بمعالجة هذه المعلومات بسرعة هائلة، ومقارنتها بأنماط سلوك المسافرين، ليخرج بتوقعات دقيقة للطلب في كل لحظة. وبناءً على هذه التوقعات، يقترح النظام أسعاراً تتغير بشكل ديناميكي، بحيث تعكس القدرة الشرائية المتوقعة للعملاء وتوازن بين تحقيق أعلى إيرادات ممكنة وضمان امتلاء المقاعد.

ولا يقتصر هذا النهج على قطاع الطيران فقط، إذ تشير توقعات الخبراء إلى أن تقنيات التسعير الذكي ستشهد انتشاراً متزايداً في مجالات أخرى، مثل شركات تأجير السيارات، الفنادق، والرحلات البحرية، وحتى بعض متاجر التجزئة الإلكترونية، حيث يمكن لهذه الأنظمة التكيّف مع سلوك المستهلك وتغيرات السوق لحظة بلحظة، مما يمنح الشركات مرونة أكبر وقدرة تنافسية أعلى.

مخاوف التسعير الفردي

وحرصت شركة Fetcherr على نفي إمكانية قيام برنامجها باعتماد سياسة التسعير الفردي نظراً للمخاوف التي تسببها هذه السياسة، إذ يحذر خبراء السوق من أن هذه السياسات التي تعتمد على تحديد سعر المنتج أو الخدمة لكل عميل على حدة، بناءً على بياناته الشخصية وسجله الشرائي وقدرته الشرائية المتوقعة، تثير مخاوف تتعلق بالشفافية والعدالة، إذ قد يدفع شخصان سعراً مختلفاً لنفس التذكرة أو السلعة في وقت واحد، وذلك فقط لأن الخوارزمية قررت أن أحد هذين الشخصين "يمكنه تحمّل المزيد".

مرونة غير مسبوقة

ويقول الخبير في قطاع السياحة والسفر حسن الحاج، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن تبني شركات الطيران لأنظمة التسعير التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، تُعد خطوة استراتيجية، فهذه التكنولوجيا تسمح بتحليل دقيق وشامل، لكميات هائلة من البيانات المتغيرة، بدءاً من معدلات الإشغال اليومية، مروراً بحركات الطلب الموسمية، وصولاً إلى العوامل الاقتصادية والاجتماعية المؤثرة على سلوك المسافر، وبفضل هذا التحليل يمكن لشركات الطيران ضبط الأسعار بشكل أكثر مرونة وواقعية مما يحقق توازناً دقيقاً بين ملء المقاعد وتحقيق الربحية القصوى.

تخفيضات ذكية

ويلفت الحاج إلى أن ما يجب الإضاءة عليه، هو أن برامج التسعير التي تعمل عبر الذكاء الاصطناعي، لا تقتصر مهمتها فقط على رفع أسعار تذاكر السفر في أوقات الذروة، بل ستقوم أيضاً بخفضها في أوقات الركود أو الطلب المنخفض، أو حتى في حال وجدت أن هناك مقاعد فارغة لم يتم بيعها، مما يتيح للشركات تحسين نسبة إشغال رحلاتها، بطريقة لم تكن ممكنة سابقاً، معتبراً أن هذا التكيّف الديناميكي للأسعار يعزز من فعالية استراتيجيات التسويق، ويجعل قطاع الطيران أكثر استجابة لتقلبات السوق ويحقق له إيرادات أعلى، خصوصاً في حال تمكن البرنامج من بيع مقاعد كانت ستكون فارغة لو لم يشملها أي تخفيض.

ضوابط تحمي المستهلك

وشدد الحاج على أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التسعير، يشكل أداة قوية لدعم الاستدامة المالية لشركات الطيران وتعزيز كفاءتها التشغيلية، ولكن هذا التحوّل يحتاج إلى إرساء أطر تنظيمية واضحة لضمان مصلحة جميع الأطراف، فتحقيق توازن بين الربحية وحماية حقوق المستهلك، يتطلب ضمان عدالة الأسعار وشفافية في معايير تحديدها، إضافة إلى توفير آليات رقابية تُمكّن المسافرين من الاعتراض أو الاستفسار عن فروقات غير مبررة، لافتاً إلى أن دمج تكنولوجيا التسعير عبر الذكاء الاصطناعي في عالم الطيران، يجب أن يواكبه استثمار في تدريب الكوادر البشرية، بما يمنح القدرة على استغلال إمكانات هذه التكنولوجيا بشكل فعّال.

قفزة نوعية

بدوره يقول الكاتب والصحفي أنطوان سعاده في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن تطور الذكاء الاصطناعي في مجال تسعير تذاكر الطيران، يمثل قفزة نوعية في كيفية إدارة شركات الطيران لعلاقاتها مع العملاء والأسواق المتغيرة، فهذه التكنولوجيا تستخدم خوارزميات متقدمة لتوقع سلوك المستهلكين وتحليل أنماط السفر بشكل لحظي، مما يتيح لشركات الطيران تقديم أسعار مرنة تتغير وفقاً للطلب، ولكن مع ذلك فإنه لا يمكن تجاهل الأبعاد الأخلاقية والقانونية، المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في أنظمة التسعير، إذ هناك مخاوف مشروعة من أن يؤدي تفاوت الأسعار بين العملاء إلى فقدان الثقة، بل وربما إلى الإحساس بالظلم، خصوصاً إذا شعر البعض أنهم يدفعون أكثر من غيرههم ثمناً لنفس التذكرة والخدمة، وهذا ما يستدعي إقرار أطر تنظيمية صارمة تعزز الشفافية في آليات التسعير.

تأثير يتخطى الطيران 

ويعتبر سعادة أن الأثر التسويقي لهذه التكنولوجيا، لن يقف عند حدود قطاع الطيران فحسب، بل سيمتد ليشمل قطاعات أخرى مترابطة في منظومة السفر العالمية، مثل شركات تأجير السيارات وسلاسل الفنادق، التي يمكنها بدورها الاستفادة من آليات التسعير عبر الذكاء الاصطناعي، لتقديم عروض مرتبطة برحلة المسافر من بدايتها حتى نهايتها، لافتاً إلى أن هذا التكامل بين الخدمات يتيح إنشاء حزم سفر شاملة تجمع بين تذاكر الطيران والإقامة، وخدمات التنقل الأرضي بأسعار مصممة لتناسب ميزانية واهتمامات كل عميل على حدة.

وبحسب سعادة فإن هذه الإمكانيات تعزز من فرص الشراكات الاستراتيجية، بين مزوّدي الخدمات المختلفة، حيث يمكن لشركة طيران أن تتعاون مع سلسلة فنادق أو شركة تأجير سيارات لتبادل البيانات، بما يتيح تصميم وتقديم عروض تسويقية أكثر جاذبية، وهذا النهج يمكن أن يصبح أداة رئيسية لتعظيم الإيرادات في عالم السياحة والسفر.

أخبار متعلقة :