اليوم الجديد

استعراض جماعة الحوثي أمام منزل الشيخ الأحمر بصنعاء.. هل تكريس لقوتها أم انعكاس يفضح خوفها ورعبها؟

في واقعة استفزازية، أشعل عرضًا عسكريًا نفذته جماعة الحوثي، أمس الأربعاء، أمام منزل الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، أحد أبرز زعماء القبائل اليمنية ورئيس مجلس النواب الأسبق، في حي الحصبة بالعاصمة صنعاء، موجة استنكار واستياء واسعين بين أوساط اليمنيين.

 

وتداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو توثق لحظة الاستعراض، ما أثار جدلًا واسعًا حول توقيته ودلالاته، خصوصًا أنه جاء بعد يومين من لقاء جمع في القاهرة العميد طارق صالح واللواء هاشم الأحمر وكهلان مجاهد أبو شوارب، خلال مناسبة زفاف لنجل صالح والقاضي ودويد، وهو اللقاء الأول من نوعه منذ أحداث 2011.

 

وتوالت ردود فعل اليمنيين حول العرض العسكري للحوثيين، منهم من اعتبرها رسالة سياسية واجتماعية تتجاوز مجرد الاستعراض العسكري، بينما يرى آخرون أن تلك العرض يعكس مدى الخوف والرعب التي تحيط بهذه الجماعة.

 

وتعليقا على ذلك قال عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين الشيخ سلطان السامعي، إن "ما جرى صباح أمس من استعراض عسكري أمام منزل الشيخ حمير الأحمر في منطقة الحصبة بأمانة العاصمة يُعد تصرفًا استفزازيًا مرفوضًا".

 

 

وأضاف السامعي "لا يليق بعاقل أن يقبله في إطار النظام، ونؤكد لهؤلاء: "ما هكذا تُورد الإبل".

 

من جانبه قال وزير الإعلام في الحكومة اليمنية (المعترف بها دوليا) معمر الإرياني، إن "هذه العروض الاستعراضية البائسة لا تخفي حقيقة أن جماعة الحوثي حالة طارئة وغريبة عن النسيج الوطني، وأنها مهما حاولت العبث بالهوية الجامعة أو الانتقام من رموزها، ستظل مجرد سحابة عابرة في سماء تاريخ صنعه الأبطال من كل ارجاء اليمن بتضحياتهم ودمائهم، وأن يوم هذه المليشيا قريب، وساعتهم آتية، وسيلحقون بأسلافهم في مزبلة التاريخ، والجمهورية وأهلها باقين ما بقيت الجبال في مكانها".

 

وأضاف "في مشهد يكشف حجم الأحقاد المتجذرة التي تحملها هذه الجماعة ضد القوى الجمهورية ورموزها الوطنية، التقطت إحدى كاميرات المراقبة قيام عناصر الحوثي بتنظيم استعراض عسكري أمام منزل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله، مرددين الصرخة الخمينية في تصرف استفزازي يفتقر لأبسط قيم الاحترام، ويعكس ذهنية عدائية مريضة.

 

 

من جهته اعتبر الإعلامي بشير الحارثي، استعراض الحوثي المليشاوي أمام منزل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر واستفزاز شيخ مشايخ حاشد حمير الأحمر ليس قوة بل دليل ضعف وخوف تكشف هشاشته.

 

وقال "هو استفزاز متعمد ليس للشيخ حمير وآل الأحمر بل لقبيلة حاشد وكل قبائل اليمن حاشدي وبكيلي ومذحجي وإهانة لرموزها ومشايخها بعد أن أمتهن كرامتها وسفك دماء أبنائها".

 

وأضاف "لكن ما يحاول تجاهله الحوثي أن الكرامة إذا جُرحت اشتعلت وأن ساعة الحساب قادمة وفاتورة الانتقام والدم ثقيلة، وثقيلة جدًا، واليمني لا ينسى ولا يترك حقه والتاريخ شاهد".


 

 

الكاتب الصحفي فتحي أبو النصر، علق بالقول "العرض العسكري أمام بيت الشيخ عبدالله مشهد كاريكاتوري لسلطة خائفة". وقال "يخرج علينا الحوثي بعرض عسكري أمام بوابة منزل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في الحصبة لا، ليس استعراضا للقوة، بل لضعف صاخب، وخوف جلي، يقفز على عتبة بيت لم يسجد إلا لله، ولم يُقايض مواقفه الجمهورية لا بالدولار ولا بالصرخة".

 

وأضاف "يحدث ذلك في لحظة تُكتبُ فيها فصول الهوان بمداد الوقاحة، ويختلط فيها صوت البندقية برعشة الفزع. على إنه مشهد لا يُشبه الدول، ولا حتى يشبه العصابات. إنه مسرح عبثي من إنتاج "جماعة تحكم ولا تملك"، وتخاف من كل ظلٍ، حتى ولو كان ظلا جمهوريا عمره قرون".

 

وتابع "والشاهد إن عبدالملك الحوثي، بكل ما أوتي من فُصام وارتباك، أراد إيصال رسالة. لكنه لم يرسلها بطائرات أو خطابات، بل أرسلها بطابور عسكري في زقاق ضيق لا يسع حتى ذكريات مجلس الشيخ عبدالله، ناهيك عن جنرالاته من ورق. أي أراد أن يقول شيئا، ففضحه الفعل قبل أن يُفهم القول. الرسالة؟ "نخاف من هذا البيت. ونتمنى كسره لأننا لا نتحمله".

 

وزاد أبو النصر "أي عُقدة يحملها هؤلاء من بيت الأحمر؟ أهو الحضور؟ التاريخ؟ الوقوف مع الدولة في زمن اختبأ فيه آخرون خلف أعمدة الخراب؟  أم هو الحنين إلى زمن الخنوع والعبيد، الذي لم يكن لهذا البيت فيه نصيب؟ وبيت الأحمر، وخصوصا حمير وصادق وهاشم، ليسوا ملائكة، لكنهم وقفوا يوم انقسمت البلاد، وقالوا: "لا" في زمن الـ"نعم" الخانعة. واليوم، يدفعون الثمن. تماما كما دفعت حاشد، وكما دفع اليمنيون الصادقون".

 

 

وأردف "تذكرون في زفاف ال عفاش، صافح هاشم الأحمر طارق. فعلٌ عادي، يُكافأ عليه في دولة، ويُعاقب عليه في سلالة. فجن جنونهم، وكشروا عن أسنانهم المهترئة، وأصدروا أوامر بمنع خروج الشيخ حمير من بيته "إلا للضرورة القصوى". وكأننا في حكاية كافكاوية، فيما المنطق يُصلب على باب الحصبة، والعقل يُنفى إلى جبال مران".

 

وختم أبو النصر مقاله بالقول "يا حوثي، هل تظن أن استعراضك في وجه بيت الشيخ عبدالله يُخيف من تشرب الصلابة من مجلس والده؟ أم تظن أن محمد العماد، بصراخه الهستيري عن عدد سيارات حمير، سيعيد ترتيب الجغرافيا؟ الأرض أرضنا، والبيوت بيوتنا، والتاريخ لا يُعيد نفسه إلا على شكل مهزلة، وأنتم الآن المهزلة بعينها".

 

الخبير في شؤون الجماعات المسلحة عدنان الجبرني قال إن موجة التحريض الحوثية لم تعد تقتصر على الخصوم السياسيين في المدن، بل انتقلت بشكل واضح نحو القبائل ورموزها التقليدية، خصوصًا بعد لقاءات المؤتمر الشعبي العام وما تلاها من نشاط للسامعي.

 

واضاف الحوثيون وجهوا رسائل مباشرة إلى الشيخ حمير بن عبدالله الأحمر، شيخ مشايخ حاشد، والشيخ ناجي الشايف، شيخ مشايخ بكيل، إلى جانب مشايخ آخرين، باعتبار أن أي نشاط اجتماعي اعتيادي، وفق أعراف القبائل المتجذرة منذ قرون، سواء أكان لحل المشكلات أو للقيام بالواجبات الاجتماعية مثل العزاء وحضور الأفراح، يُعد خرقًا لتوجيهات قياداتها و"خيانة لقضية فلسطين".


 

 

ويرى الجبرني أن هذه التصرفات وصلت إلى حد تنفيذ الجماعة، يوم أمس، وقفة مسلحة أمام منزل الشيخ حمير الأحمر، في إشارة واضحة إلى تصعيد الضغط والتهديد الموجه ضده شخصيًا وضد رموز حاشد. واعتبر أن هذه الممارسات الاستفزازية تهدف إلى كسر الحضور القبلي التقليدي للأسرة وإظهار قدرة الجماعة على فرض هيمنتها الميدانية، رغم الصمود الرمزي والسياسي للشيخ حمير الأحمر وعائلته.

 

رضوان الهمداني، كتب مخاطبا الحوثي بالقول: كيف تقول إنك دولة عظمى وبتهدد الشرق والغرب، وآخر شيء تبكر تعمل عرض عسكري امام منزل حمير الأحمر؟

 

وأضاف "انت لو دولة بتتصل لحمير بالتلفون وسيحضر غصبا عنه لأي قسم شرطة"، مردفا "الله والمصيبة الذي نحن فيها، لا فلحنا في انقلابات، ولا فلحنا نكون شرعية، ولا قدرنا نكون جمهورية ولا ملكية مثل خلق الله".


 

 

ابراهيم عسقين، المستشار الإعلامي لمحافظ إب كتب "استفزاز حقير من الحوثيين اليوم بإقامة عرض عسكري أمام منزل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رداً على لقاء هاشم الاحمر بطارق صالح قبل يومين في القاهرة".

 

وقال "هذا الاستفزاز دليل واضح بأن الحوثيين يتغذون سياسياً على فُرقة أطراف 2011 ويؤلمهم جداً أن يتفقوا أو يلتقوا على طاولة واحدة".


 

 

الناشط عفيف البراشي قال "عرض المليشيا أمام بيت الشيخ الأحمر استعراض للخوف أمام بيت المجد، وأضاف "لم يكن المشهد استعراض قوة، بقدر ما كان اعترافًا صامتًا بالخوف. فالمتغلب الواثق لا يحشد البنادق أمام الأبواب المغلقة، ولا يستعرض عضلاته عند عتبة التاريخ، إلا إذا كان هذا التاريخ يؤرقه ويلاحقه".

 

وتابع "منذ أن خرجت المليشيا من كهوف صعدة وسارت باتجاه العاصمة، كان بيت الأحمر أول ما تسعى للنيل منه في كل مدينة تطأها الخمري، حوث، خمر، عمران..الخ، لأنها تعرف أنه بيت اليمن حين كانت القبيلة درعًا لكرامة الوطن والمواطن، والكلمة فيه ميثاقًا، والموقف سيفًا. بيتٌ خرجت منه مواقف هزّت القصور، وساندت الدولة في أعتى الحروب، ووقفت بوجه الظلم والمؤامرات".

 

 

واستدرك "يظن الحوثي أن صفوف مقاتليه وهدير محركاته تكفي لطمس هذه الذاكرة، لكنه يجهل أن الذاكرة ليست في الحجارة، بل في قلوب الرجال الذين أنجبهم هذا البيت، وفي تاريخٍ لا يزول بزخرفة الرايات وبريق الشعارات".

 

واستطرد "وقفوا أمام بيت الأحمر كمن يقف أمام مرآة تكشف عجزه؛ فالعرض كان رسالة للعالم، لكنه كان أيضًا رسالة لأنفسهم: كم يخافوا من هذا الاسم، ويخافوا من هذا الإرث الذي لطالما حاولوا وغيرهم طمسه"، مضيفا "إنه عرض خوف لا عرض قوة، وبيت الأحمر سيظل شاهدًا لا تهزه مواكب السلاح، ولا تطفئ نوره مواكب الظلام".

 

عبد الاله مجاهد المطري، قال "استعراض الحوثيين اليوم أمام منزل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، يؤكد أن الخوف والهلع بدأ يطاردانهم مترقبين شرارة انتفاضه شعبية تفاجئهم وتأخذهم في أي لحظة".


 

 


أخبار متعلقة :