بعد أن أعلن البنك المركزي الأوروبي انتصاره على التضخم المرتفع، بدأ بعض المسؤولين الأوروبيين يُبدون مخاوف من عودة سيناريو التضخم المنخفض للغاية، الذي طغى على العقد السابق لجائحة كورونا.
وفي خطوة كانت متوقعة، خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة يوم الخميس للمرة الثامنة خلال عام واحد، مشيرًا إلى احتمال التوقف المؤقت عن التيسير النقدي الشهر المقبل، خاصة وأن التضخم بات قريبًا من هدف البنك البالغ 2%، بعد ثلاث سنوات من تجاوزه المستمر.
ويستند هذا التوقف المحتمل إلى تحسن مفاجئ في نمو اقتصاد منطقة اليورو، حيث أظهرت البيانات أن الاقتصاد نما بنسبة 0.6% في الربع الأول، مقارنة بتقدير سابق بلغ 0.3%. كما سجلت مبيعات التجزئة أداءً قويًا.
لكن بعض الاقتصاديين يرون أن هذه الأرقام قد تكون مضللة، مشيرين إلى أن النمو كان مدفوعًا بزيادة الصادرات إلى الولايات المتحدة قبل بدء تطبيق الرسوم الجمركية، إضافة إلى أن البيانات تأثرت بشدة بأداء الاقتصاد الإيرلندي، الذي يعتمد بشكل كبير على نشاط الشركات المتعددة الجنسيات الموجودة هناك لأسباب ضريبية.
تحذيرات من عودة “شبح التضخم الضعيف”
وفي هذا السياق، قال ماريو سنتينو، عضو مجلس إدارة البنك من البرتغال، إن على البنك الحذر من خطر الانزلاق نحو معدلات تضخم أقل من الهدف المطلوب.
وأضاف من لشبونة: “معدل التضخم في منطقة اليورو حاليًا دون 2%، ويتجه لمزيد من الانخفاض حتى بداية العام المقبل، عندما قد يقترب من 1% أو حتى أقل. وهذا سيناريو يجب أن يدق ناقوس الخطر”.
أما عضو المجلس الفنلندي أولي رين، فلفت إلى تصاعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة كمصدر قلق إضافي، مشيرًا إلى أن التعقيد الحالي في المشهد الاقتصادي يجعل من الصعب على البنك المركزي توقع جميع السيناريوهات السلبية.
وقال في منشور على مدونة: “الاضطرابات المحتملة في سلاسل التوريد أو الأسواق المالية لم تُدرج ضمن تحليلات البنك، ما يزيد من حجم المخاطر الكامنة”.
الاقتصاد الألماني في دائرة الركود
جزء من هذه المخاوف مرتبط بأداء ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، والذي يتوقع أن يبقى في حالة ركود أو نمو صفري للعام الثالث على التوالي.
ورغم خطط الحكومة الألمانية الجديدة لزيادة الإنفاق على البنية التحتية والدفاع، إلا أن البنك المركزي الألماني أكد أن هذا الإنفاق لن ينعكس إيجابيًا على النمو قبل نهاية 2027.
وأوضحت مؤسسة “أوكسفورد إيكونوميكس” في مذكرة تحليلية أن “المخاوف من تضخم منخفض مزمن قد تعود قريبًا، خاصة إذا تصاعدت التوترات التجارية وقلّ الطلب”.
آراء أكثر تفاؤلاً
في المقابل، يرى بعض المسؤولين أن الوضع لا يدعو للقلق المفرط. وقال ماديس مولر، عضو مجلس إدارة البنك من إستونيا: “لقد حقق البنك هدف التضخم البالغ 2% بشكل فعلي. كما أن النمو المتوقع في السنوات المقبلة سيكون معتدلًا، مما يقلل من احتمالات أي ضغوط تضخمية خطيرة”.
أخبار متعلقة :