يتطلع المغرب إلى تصدير 18 ألف مركبة سنويًا إلى السوق المصري، ضمن خطة شاملة لإعادة التوازن إلى الميزان التجارى بين البلدين، والذى شهد خلال الفترة الأخيرة تباينًا ملحوظًا فى القيم المسجلة بين الصادرات والواردات.
قال نزار أبو إسماعيل، رئيس مجلس الأعمال المصرى المغربي، فى مقابلة مع “البورصة”، إن الخلافات التجارية التى نشبت بين مصر والمغرب مؤخرًا دفعت إلى توقيع اتفاقية جديدة بين البلدين، تتضمن التزامًا من الجانب المصرى برفع حجم وارداته من المغرب إلى 500 مليون دولار خلال ثلاث سنوات.
وأضاف أن الجانب المصرى اقترح آلية جديدة لتحقيق هذا الهدف، تتمثل فى احتساب العوائد السنوية للاستثمارات المصرية القائمة داخل المملكة المغربية ضمن الميزان التجارى الثنائي، وذلك فى إطار تعزيز مفهوم الشراكة الاقتصادية الشاملة، وليس الاقتصار فقط على المبادلات السلعية.
وأشار إلى أن حجم الاستثمارات المصرية فى المغرب يتجاوز 700 مليون دولار، وهى تحقق عوائد مهمة سنويًا، وعند احتساب هذه العوائد كجزء من الواردات، سيسهم ذلك فى تقليص فجوة الميزان التجاري، خاصة مع تباين هيكل الإنتاج والتصدير بين البلدين.
سميح ساويرس يقود مشروع “الجونة المغربية” باستثمارات تتجاوز 500 مليون دولار
وكشف أبو إسماعيل عن مشروع ضخم يقوده رجل الأعمال سميح ساويرس لإنشاء مدينة سياحية متكاملة فى إحدى المناطق الساحلية المغربية، بتصميم مشابه لمدينة الجونة فى مصر، ومن المقرر أن تتجاوز الاستثمارات فى هذا المشروع حاجز 500 مليون دولار على مدى ثلاث إلى أربع سنوات.
ولفت إلى أن المشروع يعد من أكبر المشروعات السياحية المصرية فى شمال أفريقيا، ومن المتوقع أن يوفر فرص عمل كبيرة ويخلق بيئة استثمارية جذابة تفتح آفاقاً جديدة للتعاون المشترك بين البلدين.
الخلافات التجارية أوقفت 4500 حاوية مصرية بالموانئ المغربية قبل مارس 2025
وعن التوترات الأخيرة بين مصر والمغرب، أوضح أبو إسماعيل أن تصاعد الخلافات التجارية تسبب فى توقف دخول نحو 4500 حاوية بضائع مصرية فى الموانئ المغربية قبل شهر مارس 2025، وهو ما أحدث حالة من القلق فى أوساط المصدرين المصريين.
ولفت إلى أن السلطات المغربية بررت هذا التوقف بوجود “إغراق” للسوق بمنتجات مصرية، بعد أن مالت كفة التعاملات التجارية بشكل كبير لصالح مصر.
أشار إلى أن المغرب ترى أن قطاع صناعة السيارات لديها يمثل أحد أهم دعائم الصادرات، ولا يمكن إغفال تحقيق نوع من التوازن فى التبادل التجارى مع الدول الشريكة.
اقرأ أيضا: مصر والمغرب تعبران خلافات التجارة إلى “شراكة متوازنة”
وبحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فقد سجلت قيمة الصادرات المصرية إلى المغرب خلال أول 11 شهرًا من عام 2024 نحو 896.5 مليون دولار، بينما لم تتجاوز قيمة الواردات من المغرب 41.9 مليون دولار، مما يعكس تفاوتاً واضحاً فى الميزان التجارى بين البلدين.
وقال أبو إسماعيل، إن العلاقات الاقتصادية بين مصر والمغرب شهدت بدايات حذرة فى منتصف التسعينيات، حيث لم يكن حجم التبادل التجارى يتجاوز 100 مليون دولار، ولكن مع إنشاء اللجنة العليا المشتركة للأعمال، بدأت العلاقات تأخذ منحى أكثر تطورًا، وجرى تنظيم زيارات متبادلة ساعدت على خلق بيئة مواتية لنمو العلاقات الثنائية.
“اتفاقية أغادير” تعود إلى الواجهة لدعم المنتجات المصرية فى السوق المغربي
وأكد أن نقطة التحول الحقيقية جاءت مع توقيع اتفاقية أغادير فى عام 2004، والتى دخلت حيز التنفيذ عام 2006، وتهدف إلى إقامة منطقة تجارة حرة بين الدول الأعضاء، وهى مصر، المغرب، الأردن، وتونس.
ولفت إلى أن اتفاقية أغادير تمنح المنتجات المصرية ميزة تنافسية كبيرة فى السوق المغربية مقارنة بمنتجات دول مثل الصين وتركيا، خصوصًا مع التطور النوعى الذى تشهده الصناعة المصرية.
وأوضح أن الاتفاقية رغم أهميتها، لم تُفعل بشكل كامل فى البداية، وواجهت بعض العقبات، خاصة بسبب القيود الجمركية وعدم التزام بعض الأطراف بالبنود التنفيذية، ما أدى إلى تبادل الشكاوى بشأن العوائق التجارية.
وأضاف أن هذه التحديات أدت إلى إنشاء مجلس الأعمال المصرى المغربي، بهدف معالجة هذه العقبات، لكنه فى بدايته لم يحقق التأثير المطلوب، إلى أن بدأت الظروف الاقتصادية والسياسية تلعب دورًا فى إعادة تشكيل العلاقات.
وأشار إلى أن المغرب اتخذت خطوات كبيرة فى مجال تطوير صناعة السيارات، وأرادت ربط استيرادها من مصر بتصدير السيارات إلى السوق المصري.
تابع أن القيود التى فرضتها مصر على الاستيراد فى إطار أزمة العملة الأجنبية أثارت غضب الجانب المغربي، الذى اعتبر هذه الخطوة مخالفة لمبدأ التبادل التجارى الحر، وردّ بإجراءات مماثلة مست قطاعات التصدير المصرى إلى المغرب.
وأضاف أنه مع تحسن الأوضاع الاقتصادية فى مصر، بدأت العلاقات تعود لمسارها الطبيعي، واستؤنفت عمليات الاستيراد والتصدير تدريجيًا، غير أن الأحداث التى وقعت قبل مارس 2025 شكلت صدمة جديدة، عندما توقفت أكثر من 4500 حاوية فى الموانئ المغربية، مما دفع الطرفين إلى الدخول فى مفاوضات مكثفة أعادت تشكيل العلاقات على أسس أكثر توازنًا.
وأوضح أبو إسماعيل أن نتائج الزيارة المغربية الأخيرة إلى القاهرة أسفرت عن وضع جدول زمنى واضح لزيادة الواردات من المغرب، وتسهيل حركة التجارة، وإزالة العوائق التى كانت تعطل انسياب البضائع.
وكشف أن مجلس الأعمال المصرى المغربى بصدد تنظيم زيارة رسمية إلى المغرب خلال الشهر المقبل لتوضيح نتائج المباحثات الأخيرة واستكشاف فرص التعاون المشترك.
30 شركة مصرية تخطط لإنشاء مصانع جديدة فى المغرب خلال 3 سنوات
وقال إن نحو 30 شركة مصرية أعربت عن اهتمامها بإقامة مصانع جديدة فى المغرب خلال السنوات الثلاث المقبلة، ضمن توجه يهدف إلى توسيع نطاق الاستثمارات المصرية فى شمال أفريقيا، والاستفادة من المزايا التى توفرها السوق المغربية، من حيث القرب الجغرافى من أوروبا، وتوافر اتفاقيات تجارة حرة تساعد على التوسع فى الأسواق الغربية والأفريقية.
وأكد أن هذه الشركات تنتمى إلى قطاعات متنوعة، منها الصناعات الغذائية، والصناعات التحويلية، والمكملات الغذائية، وقطع غيار السيارات، بالإضافة إلى صناعات الصيد البحرى ومراكب الصيد، لافتًا إلى أن بعض الشركات تدرس الدخول فى شراكات مع مستثمرين مغاربة لتقليل تكاليف التأسيس وتسهيل إجراءات التشغيل.
وأشار إلى أن العلاقات التجارية بين مصر والمغرب تشهد حاليًا أفضل مستوياتها منذ سنوات، وتمت معالجة جميع مظاهر تعطيل حركة البضائع، فى ظل التزام مشترك بتسهيل عمليات التبادل التجاري.
وأوضح أن واردات مصر من السيارات المغربية تتراوح سنويًا بين 15 و20 مليون دولار، وهناك خطة لزيادتها تدريجيًا إلى 18 ألف مركبة سنويًا ضمن الاتفاقيات الأخيرة.
وكشف عن تنظيم بعثة تجارية موسعة إلى المغرب فى شهر سبتمبر المقبل، بمشاركة عدد كبير من الشركات المصرية العاملة فى مختلف القطاعات الاقتصادية، من أجل توسيع مجالات التبادل والاستثمار المشترك.
وأكد أبو إسماعيل أهمية تفعيل آليات جديدة لدعم الاستثمارات المشتركة، وعلى رأسها تسهيل دخول المستثمرين المغاربة إلى السوق المصري، من خلال تقديم حزمة متكاملة من الحوافز، تشمل الإعفاءات الضريبية، وتسريع إجراءات تخصيص الأراضى الصناعية.
بالإضافة إلى تسهيل عمليات تسجيل الشركات، مشيرًا إلى أن تلك الخطوات من شأنها خلق بيئة استثمارية جاذبة ومستدامة تخدم المصالح الاقتصادية للجانبين.
نوه إلى أن المجلس يعمل حاليًا على تشكيل عدد من اللجان المتخصصة لدعم العلاقات الثنائية وتطوير الاستثمارات المشتركة، وتشمل لجنة للصناعة، وأخرى للسيارات، بالإضافة إلى لجنة للطاقة، ولجنة للوجستيات والنقل البحري، ولجنة للتكنولوجيا والتمويل المالي، ولجنة للتدريب المهنى والموارد البشرية.
كما أشار إلى أن لجنة الرياضة يرأسها رجل الأعمال عادل سامي، الذى يخطط لتوسيع فروع نادى وادى دجلة فى المغرب، بالتزامن مع استعدادات المملكة لاستضافة كأس العالم، واستغلال الفرص المتاحة فى قطاع الأندية الرياضية الخاصة، التى لا تزال محدودة فى المغرب.
وأفاد أن لجنة التكنولوجيا التى يترأسها جاك بزيل ماركو، والتى أطلقت منصة “رقمي” بالتعاون مع الجانب المغربى تسعى إلى تسهيل التعاملات المالية بين البلدين، وهى خطوة مهمة نحو دعم الاقتصاد الرقمى وتعزيز حركة التحويلات والمعاملات الإلكترونية فى إطار التجارة الثنائية.
أخبار متعلقة :