نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترامب يلتقي الشرع في الرياض.. هل يبدأ مسار التعافي السوري؟, اليوم الخميس 15 مايو 2025 09:15 صباحاً
اللقاء الذي جاء على هامش القمة الخليجية الأميركية، وجرى بحضور مباشر لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لم يكن مجرد مجاملة بروتوكولية، بل تحول إلى محطة سياسية فارقة بعدما كشف البيت الأبيض عن مضمون المباحثات: انضمام سوريا إلى الاتفاقات الإبراهيمية، ترحيل الفصائل الفلسطينية، فتح أبواب الاستثمار الأميركي، وتعاون أمني ضد الإرهاب.
هنا، نغوص في عمق هذا التطور عبر تحليل موسّع لتصريحات عدد من أبرز المحللين والخبراء، في محاولة لفهم ما إذا كان اللقاء يفتح الباب أمام مسار تعافي سوري حقيقي، أم أنه مجرد مفرق طرق في طريق لا تزال تضببه الحسابات الإقليمية والدولية.
الرياض تصنع أرضية الثقة.. وترامب يراهن على الاستقرار
أستاذ العلوم السياسية وعضو مجلس الشورى السعودي السابق، الدكتور إبراهيم النحاس، قدّم في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" قراءة مركبة لمشهد اللقاء، وركز على أهمية المكانة السياسية للدول الوسيطة، خصوصًا السعودية وتركيا، في تمهيد الطريق لهذا التلاقي.
وقال النحاس إن "ثقة ترامب بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبالدور الذي تضطلع به الرياض في إعادة دمج سوريا إقليميًا، كانت حاسمة في اتخاذ قرار رفع العقوبات وتطبيع العلاقات".
وأشار إلى أن الشرع أبدى مؤخرًا مواقف أكثر انفتاحًا، ما شكّل بيئة مواتية للانخراط الأميركي.
وأضاف النحاس أن الرؤية الأميركية تنظر إلى إسرائيل كـ"ركيزة استراتيجية" في المنطقة، مما يفسر غضّ الطرف عن أي تحركات إسرائيلية تجاه سوريا في الوقت الحالي، لكنه في الوقت نفسه شدد على أن الرهان الأميركي يتجه إلى خلق بيئة اقتصادية وأمنية مستقرة، قد تُسهم في احتواء التوترات.
تصريحات النحاس تكشف معادلة دقيقة: استثمار في إعادة الإعمار مقابل ولاء سياسي وأمني جديد، تقوده السعودية، ويستجيب له ترامب بدافع اقتصادي وسياسي معًا.
الاعتراف الأميركي سيعيد هندسة الداخل السوري
من جهته، رأى المحلل السياسي الخاص بسكاي نيوز عربية محمد صالح صدقيان، أن ما جرى في الرياض يتجاوز رمزية اللقاء، ليمثل "نقطة ارتكاز لإعادة بناء الداخل السوري".
فبحسب صدقيان، فإن قبول الشرع بالجلوس إلى طاولة ترامب ليس فقط اعترافًا سياسيًا، بل هو بمثابة "إشارة ضوء أخضر" لكثير من الجماعات والتنظيمات المسلحة لتعيد النظر في مواقفها.
وأوضح أن اللقاء منح الشرع دفعة داخلية قوية، وقد يدفع فصائل المعارضة للانضواء تحت لواء الدولة السورية خشية التصنيف كجماعات إرهابية في المرحلة المقبلة.
كما اعتبر أن رفع العقوبات سيشكل عامل جذب للمستثمرين الخليجيين والدوليين، مؤكدًا أن "الجانب الاقتصادي أصبح ورقة ضغط فعالة في صياغة موازين القوى". الأهم في كلام صدقيان كان تحذيره من تحديات "الأمن الداخلي والبنية التحتية"، حيث لا تزال الميليشيات الأجنبية خارج السيطرة. ورغم فتح أبواب الاستثمار، فإن غياب الضمانات الأمنية والقانونية قد يعوق عمليات إعادة الإعمار.
قدّم الباحث في مؤسسات الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن حسين عبد الحسين نظرة مختلفة، حين وصف المشهد بأن "الشرع بات في نظر واشنطن مشروع زعيم مؤقت بكفالة سعودية".
وأوضح أن ترامب تحرّك بناءً على طلب مباشر من ولي العهد السعودي، وأن قراره جاء بعد تقييم "شخصي سريع" للرئيس السوري الجديد.
وأشار عبد الحسين إلى أن الصورة الأميركية ما زالت غير مستقرة، فترامب معروف بتقلباته، ومن الممكن أن يبدل موقفه في أي لحظة إذا لمس إخفاقًا أو تعارضًا مع مصالحه.
وحذّر من أن الكونغرس الأميركي قد يعوق مسار رفع العقوبات بشكل دائم، ما لم يبرهن الشرع على خطوات ملموسة.
وفي تحليله لبنية الصراع على الأرض السورية، شدد عبد الحسين على أن ما يجري ليس صراعًا سوريًا داخليًا بقدر ما هو تصفية حسابات إقليمية بين تركيا وإسرائيل وإيران، تُدار فوق التراب السوري، دون أن تكون دمشق الطرف الأساسي فيها.
الفيدرالية ليست التقسيم.. ولكن الأمن أساس التعافي
قدّم الباحث والكاتب السياسي عباس شريفة طرحًا أكثر واقعية، إذ شدد على أن التعافي السوري يبدأ من استعادة ثقة المواطن السوري، خصوصًا في المناطق الخارجة عن سلطة الدولة.
واعتبر شريفة أن اللقاء مع ترامب يعزز من شرعية الشرع ويمنحه غطاءً دوليًا طالما كان مفقودًا، لكنّه في الوقت ذاته نبّه إلى ضرورة إصلاح الأجهزة الأمنية وإعادة بناء الجيش السوري على أسس وطنية.
وفي رده على المخاوف من الفيدرالية، قال شريفة: "الفيدرالية لا تعني التقسيم، فالعراق فيدرالي منذ عقدين ولم يتفتت"، مشيرًا إلى أن المشكلة ليست في الشكل الإداري للدولة، بل في غياب حكم القانون وانتشار الفوضى المسلحة، والتي تمنع أي مستثمر من دخول السوق السورية حتى وإن رفعت العقوبات.
لقاء اللحظة الفاصلة.. لكن الطريق طويل
لقاء الشرع وترامب في الرياض، لا يمكن قراءته بمعزل عن التغيرات الجارية في المنطقة، والتي تتجه نحو تسويات على حساب مشاريع الماضي. إنه لقاء التوقيت الحرج بين واقع داخلي منهك في سوريا، وتوازنات إقليمية تبحث عن إعادة ضبط بوصلتها.
لكنّ الطريق نحو "تعافي سوري حقيقي" لا يمر فقط عبر المراسيم الرئاسية الأميركية أو القمم الكبرى، بل يبدأ من الداخل السوري ذاته: من ضبط الأمن، فرض سيادة القانون، إنهاء الفوضى الميليشياوية، وإعادة الثقة بين الدولة ومواطنيها.
ومهما كانت نوايا ترامب – سواء اقتصادية أو انتخابية – فإن اختبار الإرادة السورية في ترجمة هذه الفرصة إلى مشروع وطني شامل، يبقى التحدي الأكبر. فهل يتحول لقاء الرياض إلى لحظة تأسيس جديدة لسوريا؟ أم أنه مجرد هدنة سياسية في لعبة المصالح الكبرى؟
أخبار متعلقة :