اليوم الجديد

انتقادات لاذعة تطال برادة بسبب تناقضاته في التعاطي مع ظاهرتي العنف المدرسي وشغب الملاعب

تعرض محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، لانتقادات حادة من طرف فاعلين تربويين ومتابعين للشأن العمومي، على خلفية ما اعتبروه ازدواجية في خطابه وتناقضا صارخا في تعاطيه مع ظاهرتين متشابهتين في الجوهر، مختلفتين فقط في السياق، وهما العنف المدرسي وشغب الملاعب، حيث وفي الوقت الذي دافع فيه الوزير بشدة عن المقاربة التربوية والثقافية لمعالجة العنف داخل المؤسسات التعليمية، اختار لغة القانون والصرامة والزجر في مواجهة شغب الملاعب، وهو ما أثار علامات استفهام واسعة حول مدى انسجام تصوره للظاهرة العنيفة في أوساط القاصرين.

الوزير، الذي كان يتحدث قبل أيام تحت قبة البرلمان، شدد على أن الوزارة تبذل جهودا حثيثة لمحاربة العنف المدرسي، مشيدا بأثر الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية في تقويم سلوك التلاميذ، حيث تحدث بلغة ملؤها الاطمئنان عن دور المسرح والسينما والأنشطة الموازية في "تقليل" مظاهر العنف، إلى جانب تثبيت كاميرات ذكية وخلايا يقظة لمتابعة التلاميذ الذين قد يعانون من اضطرابات نفسية، وهو الخطاب الذي بدا، في نظر الكثيرين، متسما بالحكمة والتدرج التربوي، لكنه سرعان ما انقلب إلى نقيضه التام حين تعلق الأمر بشغب القاصرين في الملاعب الرياضية، حيث اعتبر برادة أن لا حل دون "إعمال الحزم والصرامة" وتفعيل القوانين الزجرية وحرمان القاصرين من دخول الملاعب إذا لم يكونوا مرفوقين.

ولم تمر الازدواجية التي وقع فيها الوزير دون ردود فعل قوية على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر العديد من المتابعين أن برادة يتعامل مع القاصرين بمكيالين؛ واحد رحيم داخل أسوار المدارس، وآخر قاس في مدرجات الملاعب، كما لم يفهم كيف يمكن لنفس الفئة العمرية أن تربى على القيم داخل المدرسة بالمسرح والموسيقى، وتردع في الملاعب بالعقوبات والمنع والحرمان من التنقل، بينما الأجدى – بحسب منتقدين – هو اعتماد مقاربة شمولية تقوم على الانسجام بين المدرسة والملعب، خصوصا وأن الرياضة نفسها يفترض أن تكون عاملا مهدئا للسلوك وليست ساحة للزجر والردع.

وزاد إقرار الوزير بأن المقاربة الزجرية "غير كافية" لمواجهة شغب الملاعب من غرابة الموقف، خاصة بعد إصراره على تشديد الإجراءات القانونية، في تناقض بيِّن مع منطقه التربوي في محاربة العنف داخل المدارس، حيث تساءل العديدون حول ما إذا كان القاصر الذي يعاني من ظروف اجتماعية ونفسية ضاغطة يتغير سلوكه حسب موقعه، أم أن الدولة، ممثلة في وزارة برادة، فشلت في بلورة سياسة عمومية متماسكة ومندمجة تعالج سلوك العنف في جذوره لا في تجلياته الظرفية.

وباتت أسئلة من هذا القبيل تطرح بإلحاح، خاصة في ظل تزايد حوادث العنف وسط التلاميذ وعودة مشاهد الشغب إلى الملاعب، حيث وبين خطابين متناقضين لوزير واحد، يجد الرأي العام نفسه أمام مفارقة مربكة، تضعف الثقة في جدية التعاطي الرسمي مع ظاهرة معقدة تتطلب انسجاما في الرؤية وتكاملا في الحلول، ما يجعل الانطباع السائد لدى الكثير من المتابعين ومهما حاول الوزير تبرير مواقفه، هو أن المقاربة الأمنية حين تفشل في حل المشاكل في الشارع، يلجأ إليها كملاذ في المدرجات، بينما تحاط نفس المشاكل بأغلفة تربوية داخل المدارس، وهو ما لا يغير من طبيعة الظاهرة، بقدر ما يكشف عن ارتباك مؤسساتي واضح في معالجتها.

أخبار متعلقة :