اليوم الجديد

ترامب ونتنياهو.. "طلاق سياسي" أم "توزيع أدوار"؟

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترامب ونتنياهو.. "طلاق سياسي" أم "توزيع أدوار"؟, اليوم الجمعة 9 مايو 2025 10:39 صباحاً

في ظل التوترات المتزايدة بين الحليفين التقليديين، يبدو أن الخلافات الجوهرية قد تجاوزت الأسلوب، لتصل إلى المصالح الاستراتيجية الكبرى التي تحدد مستقبل الشرق الأوسط في الأعوام المقبلة.

خلافات حول الهدف والوسيلة

رغم أن كلا من ترامب ونتنياهو يتشاركان في الهدف الأساسي المتمثل في مواجهة التهديد الإيراني، إلا أن الاختلافات الجوهرية حول الوسيلة تجعل العلاقة بينهما أكثر تعقيدا من أي وقت مضى.

ففي حين أن نتنياهو يصر على أن الحل النهائي يكمن في الحرب الشاملة ضد إيران وأذرعها، على رأسها حزب الله وحماس، يرى ترامب أن المفاوضات والضغوط الاقتصادية هي السبيل الأمثل لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، حتى وإن شابها بعض المجازفات.

ولعل أبرز الملفات العالقة بين الطرفين هو الملف النووي الإيراني، حيث ترى إسرائيل أن أي تسوية مع إيران ستكون فاشلة، وتُعتبر المفاوضات الأميركية مع طهران في أبريل الماضي، بشأن إحياء الاتفاق النووي، بمثابة خيبة أمل إضافية لطرف حكومي إسرائيلي يتبنى سياسة القوة.

وعن هذه النقطة، يقول عضو حزب الليكود، مندي صفدي، في تصريحات لبرنامج "التاسعة" على قناة سكاي نيوز عربية: "لن يكون هناك طلاق بين إسرائيل وأميركا... لكن هناك اختلافات في الرأي. الرئيس ترامب يرى الأمور من منظور مختلف، ونتنياهو يرى الأمر بطريقة أخرى، وهذا هو جوهر الخلاف".

خيبة أمل متبادلة

التقرير الصادر عن موقع "إسرائيل هيوم" يكشف حجم التوتر بين ترامب ونتنياهو، حيث تشير مصادر مقربة من البيت الأبيض إلى أن الرئيس الأميركي قرر المضي قدما في خطواته في منطقة الشرق الأوسط دون انتظار تل أبيب.

فقد أصيب ترامب بخيبة أمل عميقة من محاولة نتنياهو دفع واشنطن إلى العمل العسكري ضد إيران، وهو ما يراه ترامب تهورا غير مبرر.

ووفقا لتلك المصادر، فقد وصلت العلاقات بين الجانبين إلى أدنى مستوياتها، في وقت كانت فيه إسرائيل تتوقع من واشنطن التحرك بشكل أكثر حزمارضد إيران.

لكن ما يثير الاستغراب هو أن ترامب لم يتوقف عند حدود هذا الخلاف، بل بادر بالإعلان عن سلسلة من المفاجآت التي عمقت الفجوة بين الحليفين، أبرزها إعلان محادثات نووية مع إيران، وتقرير آخر حول وقف إطلاق النار مع الحوثيين في اليمن.

هذه التحولات فاجأت تل أبيب، التي كانت تأمل في أن تستمر واشنطن في سياستها القائمة على الضغط العسكري ضد إيران وحلفائها في المنطقة.

التحرك الأميركي السريع.. من اليمن إلى غزة

على الرغم من محاولات إسرائيل المستمرة لاحتواء الموقف، فإن ترامب بدأ يظهر حالة من العجلة، وهو ما تجلى في خطواته السريعة في قضايا الشرق الأوسط.

وأشار بعض المراقبين إلى أن الرئيس ترامب لن ينتظر نهاية الحرب في غزة، ولا حتى استكمال العمليات العسكرية ضد حماس، بل سينطلق في اتجاه تعزيز تحالفاته مع السعودية.

فقد أبدى ترامب استعداده لتقديم صفقة استراتيجية مع الرياض تتضمن تعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون في مواجهة التهديدات الإيرانية، وذلك في وقت كان فيه نتنياهو يواصل تمديد العمليات العسكرية في غزة.

وفي هذا السياق، يضيف صفدي: "ترامب يرى الأمور بصورة معينة، ونتنياهو بصورة أخرى. فالهدف هو إفشال المشروع النووي الإيراني، ولكن الوسيلة التي يتبناها نتنياهو، هي القصف الجوي وإبادة المفاعلات الإيرانية. هذه هي الطريقة الوحيدة في نظرنا للوصول إلى هذا الهدف".

لكن في المقابل، لم يتردد صفدي في التأكيد أن ترامب لن يتنازل عن الحوار الدبلوماسي مع إيران، حتى وإن كانت مواقف الأطراف المتنازعة تبدو بعيدة عن التوافق. ويلفت إلى أن التحركات الأميركية قد تؤدي إلى تغييرات غير متوقعة في الخطط العسكرية الإسرائيلية.

مساعدات غزة.. الخلاف الأعمق

بينما تواصل إدارة ترامب وضع الخطط الإنسانية لإغاثة سكان غزة، تبرز التحديات السياسية التي قد تعرقل هذه الخطط.

فقد كشفت تقارير عن محادثات بين إسرائيل وواشنطن بشأن إمكانية تشكيل إدارة أميركية لغزة تحت إشراف دولي، حيث يتم التنسيق مع عدة دول مانحة لضمان وصول المساعدات إلى المدنيين.

لكن، وكما أشار البعض، تبقى إسرائيل غير متحمسة لهذه الفكرة، فالمشكلة تتعلق بعدم ثقتهما في قدرة الولايات المتحدة على ضمان استقرار المنطقة دون تدخل حماس في هذه العملية.

وفيما يتعلق بهذا الأمر، شدد صفدي على أنه لا يمكن لإسرائيل قبول أي نوع من الإدارة الفلسطينية لغزة بعد السابع من أكتوبر، بل يجب أن يكون هناك إدارة دولية.

السيناريوهات المستقبلية.. هل ينهار التحالف؟

إن استمرار التوترات بين ترامب ونتنياهو يضع العلاقات الثنائية في مفترق طرق.

وبالرغم من أن بعض المراقبين يرون أن الطلاق بين الجانبين أمر مستبعد نظرا لأهمية التحالف الاستراتيجي، إلا أن واقع المنطقة قد يحمل في طياته مفاجآت عدة.

فهل يواصل ترامب تبني سياسات أكثر استقلالا عن إسرائيل، أم يعود للحليف التقليدي في لحظة حاسمة؟.

ومع تزايد الضغوط على نتنياهو في قضية غزة والمفاوضات مع إيران، تظل الساحة الإقليمية متقلبة، واللعبة السياسية لا تحتمل الأخطاء.

لا شك أن العلاقات الأميركية- الإسرائيلية دخلت مرحلة جديدة من التحديات الكبرى التي قد تؤدي إلى إعادة صياغة التحالفات في منطقة الشرق الأوسط.

وفي ظل التباين الحاد في الاستراتيجيات بين ترامب ونتنياهو، يظل السؤال الأهم: هل يظل التحالف متماسكا في مواجهة التهديدات الإيرانية، أم أن القطيعة ستكون الخطوة القادمة؟.

أخبار متعلقة :