تتجه شركات الأغذية في السوق المصرى إلى التوسع الجغرافي وزيادة الفروع لمواكبة الطلب المتنامي على المنتجات الغذائية، خاصة مع تغيّرات أنماط الاستهلاك وزيادة الاعتماد على خدمات التوصيل المنزلي.
تنوّعت آليات تمويل التوسعات بين الاعتماد على التدفقات النقدية الذاتية، التسهيلات المصرفية، جذب استثمارات مباشرة، والتوسع عبر نظام حق الامتياز التجاري (الفرنشايز).
شهد السوق المصرية توجهًا من الصناديق الاستثمارية للاستحواذ على شركات أغذية، مثل صفقة استحواذ «هيليوس إنفستمنتس» على 49% من شركة «راية فودز» بقيمة 40 مليون دولار.
أعلنت «تنمية كابيتال فينشرز» عن خطتها للاستحواذ على 21% من أسهم شركة «حلواني العبد» عبر زيادة رأس المال، ومن المتوقع إتمامها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
يرى متعاملون بالقطاع أن توسعات الفروع خيار إستراتيجي لتعزيز الحصة السوقية وزيادة معدلات النمو، إلا أن التمويل يمثل تحديًا.
«محجوب»: كل فرصة استثمارية لها مخاطرها وعوائدها
قال محمد محجوب، الشريك التنفيذي لشركة «تنمية فينشرز كابيتال»، إن القطاع الغذائي جاذب للغاية، لكن هناك معايير يجب توافرها في النموذج الاستثماري للشركة حتى تكون مؤهلة للاستحواذ. وأضاف أن هوامش الربحية، والقدرة على التسعير المرن، وتكرار النموذج في دول أخرى، كلها عوامل مهمة، إلى جانب التأثر بفروق العملة، والقدرة على التخطيط والنمو. وفيما يتعلق بالمخاطرة، أشار إلى أن قطاع الأغذية متشعب وواسع، وكل حالة استثمارية يجب دراستها بصورة منفردة، لأن كل فرصة لها عوائدها كما لها مخاطرها.
يمثل قطاع الأغذية أحد أهم القطاعات الإنتاجية والتصديرية في الاقتصاد القومي، إذ يشكل نحو 14% من إجمالي صادرات مصر، وتتجاوز قيمة استثماراته 500 مليار جنيه، ويضم أكثر من 7500 منشأة رسمية، توفّر ما يزيد على 7 ملايين فرصة عمل، وفقًا لـ حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية.
«طمان»: “البيزنس العائلي” يمنع الشركات من التمويل عن طريق سوق المال
قالت فريدة طمان، مدير إدارة الصفقات وإعادة الهيكلة بشركة «إيليت للاستشارات المالية»، إن أغلب الشركات العاملة في السوق المصرى تنتمي إلى قطاع الأعمال العائلي، الذي يتسم بالتحفظ على الإفصاح وتفضيل الحفاظ على السيطرة الكاملة على الإدارة والجمعيات العمومية، مما يعرقل اتجاهها إلى التمويل من خلال البورصة.
وأضافت أن بعض الشركات، خاصة غير العائلية، تفضل البقاء خارج السوق الرسمي لأسباب عديدة، أبرزها تجنب الإجراءات المعقدة ومتطلبات الإفصاح المرتبطة بالقيد، مثل التقارير السنوية وربع السنوية، والتي تُعد تكلفة مرتفعة من وجهة نظرهم. كما أشارت إلى أن ضعف الوعي بمزايا القيد، مثل سهولة الحصول على التمويل أو القروض بتكلفة أقل – خصوصًا في ظل الفائدة المرتفعة – يُعد أحد العوائق الرئيسية.
وترى “طمان”، أن من أبرز المحفزات التي قد تدفع هذه الشركات إلى القيد هو تبسيط إجراءات القيد والطرح، خاصة أن كثيرًا من الشركات ترغب في إدخال رؤوس أموال جديدة سواء عبر بيع حصة من الشركة أو من خلال زيادة رأس المال، وهو ما يجعل الطرح العام خيارًا أكثر جدوى من الاعتماد على التمويل البنكي، لا سيما في الظروف الحالية.
قال محمد همام، المحلل المالي بشركة «فينبي للاستشارات المالية»، إن شركات المطاعم غالبًا ما تجمع رأس المال من المستثمرين دون اللجوء إلى الاقتراض البنكي، لكن الإدراج في السوق الرسمي يحسّن شروط التمويل البنكي نتيجة لزيادة الشفافية والانضباط المالي.
«شوقى»: 10% من محفظة التمويلات المصرفية موجهة لقطاع الصناعات الغذائية
قال أحمد شوقي، الخبير المصرفي، إن البنوك المصرية تضع قطاع الصناعات الغذائية ضمن أولوياتها في منح التمويلات، في إطار حرصها على تنويع المحفظة الائتمانية وتفادي مخاطر التركز القطاعي. وأوضح أن البنوك تقسم محفظة التمويل إلى عدد من القطاعات الاقتصادية، وتحدد نسبًا مخصصة لكل قطاع وفقًا لأولويته ومدى مساهمته في الاقتصاد، مع مراعاة ما يُعرف بـ«مخاطر التركز»، وبالتالي يتم تفاديه من خلال تنويع تمويلات البنك بين قطاعات مختلفة.
وأشار إلى أن قطاع الصناعات الغذائية يحظى بوزن نسبي يبلغ حوالي 10% من إجمالي محفظة التمويلات لدى البنوك، نظرًا لأهميته الاستراتيجية واستقراره النسبي.
أكد أن معايير منح التمويلات تختلف من عميل لآخر، ولا توجد اشتراطات موحدة، حيث تعتمد البنوك على دراسة تفصيلية لكل حالة تمويلية على حدة، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة النشاط، ونظام التحصيل سواء كان نقدًا أو آجلًا، بالإضافة إلى دورة تحول الأصول داخل المشروع. وأضاف أن البنوك لا تغطي كامل الفجوة التمويلية أو الزمنية للمشروع، بل تدرس قدرة العميل على تغطية هذه الفجوة، وفقًا لملاءته المالية وتاريخه الائتماني، مع الالتزام بالضوابط العامة التي يضعها البنك المركزي، وعلى رأسها تحديد التصنيف الائتماني.
ونوّه بوجود فروق جوهرية في التعامل التمويلي بين الشركات الكبرى العاملة في الصناعات الغذائية والمشروعات الصغيرة، حيث تخضع كل فئة لمعايير مختلفة تتناسب مع حجم أعمالها وهيكلها المالي.
«الشافعى»: «المركزى» يحد سقف التمويلات لتفادي مخاطر التركز الائتماني
قالت مروة الشافعي، الخبيرة المصرفية، إن البنوك تقدم تمويلات مخصصة لقطاع الصناعات الغذائية تحت مسمى “الأغذية والمشروبات”، باعتباره من القطاعات ذات الأهمية داخل الاقتصاد المصري، مشيرة إلى أن هذه التمويلات تخضع لضوابط يحددها البنك المركزي، على رأسها وجود سقف محدد للتمويل لا يجوز تخطيه سواء على مستوى القطاع أو العميل الواحد، وذلك لتقليل مخاطر التركز الائتماني.
أكدت «الشافعى» أن قطاع الصناعات الغذائية يحظى باهتمام خاص من الجهات التمويلية، نظرًا لتأثيره المباشر على مؤشرات الاقتصاد الكلي، موضحة أن متابعة هذا القطاع يجب أن تراعي التحديات الحالية، سواء المرتبطة بالتضخم أو تقلبات السوق أو مخاطر الالتزام. وأشارت إلى أن النسبة المخصصة لتمويل هذا القطاع داخل كل بنك تُحدد وفقًا لتوجيهات البنك المركزي، باعتبارها نسبة من إجمالي محفظة التمويلات لدى كل مؤسسة مصرفية، بما يضمن تحقيق التوازن في توزيع التمويل بين مختلف القطاعات الاقتصادية.
أخبار متعلقة :