نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الصين توسّع دائرة "الانتقام" في حرب الرسوم.. ما القصة؟, اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 01:51 مساءً
لم تعد المواجهة محصورة في تبادل الضرائب على السلع، بل تمددت إلى ساحات أوسع تشمل معادن استراتيجية، وشركات أميركية، وتحقيقات تجارية، ما يعكس ملامح تحول جديد في مسار الحرب الاقتصادية بين أكبر قوتين في العالم.
ومع إعلان الصين نيتها اتخاذ إجراءات ضد دول تتفاوض مع الولايات المتحدة "على حساب مصالحها"، يتكشف جانب جديد من هذه الحرب، يتمثل في تحذير الحلفاء والخصوم على حد سواء من الانخراط في اتفاقات قد تُفسَّر على أنها اصطفاف ضد بكين.
وبينما تدفع هذه التطورات باتجاه مزيد من التصعيد، تلوح في الأفق أسئلة حاسمة: إلى أين يمكن أن تصل هذه المواجهة؟ وما أدوات الصين الحقيقية في معادلة الحرب الجمركية؟
إجراءات ضد دول أخرى!
وضمن أدواتها في الرد، حذرت بكين من أنها ستتخذ إجراءات انتقامية ضد الدول التي تتفاوض على صفقات تجارية مع الولايات المتحدة "على حساب مصالح الصين"، مما أدى إلى تأجيج التوترات العالمية مع مواجهة القوتين الاقتصاديتين العظميين في العالم بشأن الرسوم الجمركية.
ودعت وزارة التجارة الصينية في بيان لها، الاثنين الماضي، ردا على تقارير تفيد بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تخطط لاستخدام محادثات تجارية مع دول متعددة لمحاولة عزل الصين، هذه الدول إلى الانضمام إلى بكين "لمقاومة التنمر الأحادي الجانب".
وذكرت الوزارة أن "الصين تعارض بشدة أي طرف يتوصل إلى اتفاق على حساب مصالحها". وأضافت: "إذا حدث ذلك، فلن تقبله الصين أبدًا، وستتخذ إجراءات مضادة حازمة بالمثل".
ويشير تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إلى أن الصين أصبحت محور حرب ترامب التجارية بعد أن أوقف الرئيس الأميركي موجة من الرسوم الجمركية "المتبادلة" أحادية الجانب على معظم الدول (لمدة 90 يوماً)، لكنه أبقى على رسوم جمركية على السلع الصينية تصل إلى 145 بالمئة. وردّت بكين بفرض رسوم جمركية بنسبة 125 بالمئة على السلع الأميركية.
ودعا ترامب بكين عدة مرات إلى فتح مفاوضات لتجنب حرب تجارية، وقالت الصين إنها منفتحة على المحادثات، لكن لم يشر أي من الجانبين إلى وجود اتصالات رفيعة المستوى جارية.
وقالت وزارة التجارة الصينية، الاثنين، إن "الصين تحترم حق جميع الأطراف في حل خلافاتها الاقتصادية والتجارية مع الولايات المتحدة من خلال المشاورات المتساوية". ولكن إذا تعدت الدول على مصالح بكين، فإنها "مصممة وقادرة على حماية حقوقها".
وأضافت الوزارة أنه "يتعين على جميع الأطراف الوقوف إلى جانب العدالة والإنصاف والدفاع عن القواعد الاقتصادية والتجارية الدولية والنظام التجاري المتعدد الأطراف".
وأضافت: "بمجرد أن تعود التجارة الدولية إلى "قانون الغاب"، حيث يصطاد القوي الضعيف، فإن جميع البلدان ستصبح ضحايا".
إجراءات صينية
من جانبها، تقول الكاتبة الصحافية الصينية، سعاد ياي شين هوا، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": في ظل تصاعد وتيرة المواجهة الجمركية بين الصين والولايات المتحدة، بدأت بكين بالفعل في اتخاذ إجراءات فعلية مضادة تجاه واشنطن.. وتتمثل أبرز هذه الإجراءات فيما يلي:
- الرد بالرسوم الجمركية: رفعت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على بعض السلع الصينية المصدرة إلى أميركا لتصل إلى 245 بالمئة (الرسوم التراكية على بعض السلع)، ورداً على ذلك، فرضت الصين رسوماً جمركية بنسبة 125 بالمئة على السلع الأميركية المصدرة إلى الصين.
- فرض قيود على التصدير: أعلنت الصين عن فرض قيود تصديرية على معادن استراتيجية مثل التنجستن والإنديوم، مما يؤثر بشكل مباشر على الصناعات الدفاعية وصناعة أشباه الموصلات الأميركية.
- إدراج شركات أميركية في قوائم المراقبة: أدرجت وزارة التجارة الصينية 12 شركة أميركية، ضمن قائمة الكيانات الخاضعة للرقابة على التصدير، كما أدرجت 6 كيانات أميركية أخرى ضمن قائمة الكيانات غير الموثوقة.
- فتح تحقيقات تجارية: بالتعاون مع الإدارة العامة للجمارك، فتحت وزارة التجارة الصينية تحقيقات لمكافحة الإغراق وتعزيز القدرة التنافسية الصناعية بشأن أنابيب الأشعة المقطعية الطبية المستوردة من الولايات المتحدة والهند.
أحدثت هذه الإجراءات تأثيرات على فرص التوصل إلى اتفاق بين الجانبين، على النحو التالي:
- التصعيد المتبادل في الرسوم الجمركية والإجراءات المضادة يُعمق من حدة النزاع التجاري بين الجانبين الصيني والأميركي، ويزيد من التوترات، مما يجعل من الصعب على الطرفين تقديم تنازلات على طاولة المفاوضات.
- كما أن الردود الجمركية المتبادلة تضعف الثقة المتبادلة بين الطرفين. فالضرائب الأميركية الأحادية، ورد الصين عليها، يثيران الشكوك بشأن استقرار السياسات ونوايا كل طرف، مما ينعكس سلبًا على أجواء التفاوض.
- بالإضافة إلى ذلك، أظهر تصعيد الحرب الجمركية حجم الخلافات والتباينات بين الجانبين في مجالات التجارة والسياسات الصناعية، مما يزيد من تعقيد الملف.
- في قطاعات رئيسية مثل أشباه الموصلات والطاقة الجديدة، لا تقتصر المشاكل على الرسوم، بل تشمل أيضًا القيود التقنية والدعم الصناعي، مما يستوجب حل قضايا متعددة للوصول إلى اتفاق شامل.
وتضيف: رغم أن هذه الإجراءات زادت من حدة التوتر على المدى القصير، إلا أنها قد تدفع الولايات المتحدة لإعادة النظر في سياستها التجارية بعد أن تشعر بالتأثير الحقيقي للنزاع، خاصة في ولايات زراعية أميركية.
وعند آخر مستجدات التصاعد الجمركي بين الصين والولايات المتحدة، أكدت الصين اليوم الاثنين عبر تصريحات وزارة التجارة الصينية أنها تحترم التعاون والتفاوض بين الولايات المتحدة والدول الأخرى، لكن هذا التعاون والتفاوض بينهما حول الرسوم الجمركية لا يمكن أن يكون على حساب المصالح الصينية.
كما أكدت الصين على أهمية النظام التجاري المتعدد الأطراف، وتعارض قيام أي دولة باتخاذ إجراءات جمركية أحادية الجانب أو توقيع اتفاقيات استبعادية تضر بمصالح الدول الأخرى.
وفي الوقت ذاته، دعت الصين الدول إلى التمسك بالتعددية الحقيقية، ورفض كافة أشكال الأحادية والحمائية، والدفاع عن نظام التجارة المتعدد الأطراف بقيادة منظمة التجارة العالمية.
وزار الزعيم الصيني شي جين بينغ فيتنام وماليزيا وكمبوديا الأسبوع الماضي، حيث سعى إلى تعزيز العلاقات مع شركاء بكين التجاريين.
ويواجه المصدرون في جنوب شرق آسيا تعريفات جمركية باهظة في ظل إدارة ترامب، التي اتهمتهم أيضًا بالعمل كقناة شحن للبضائع الصينية.
وسعت الصين إلى تصوير نفسها كركيزة أساسية في النظام التجاري الدولي. لكنها تُعاني من ضعف الطلب المحلي في أعقاب تباطؤ حاد في سوق العقارات، مما يُجبر صانعي السياسات على الاعتماد على التصنيع والصادرات لتحقيق النمو الاقتصادي، ويُعرّض الاقتصاد لخطر الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
كما وعدت بكين بمبادرات مختلفة لتحفيز الاستهلاك ولكنها امتنعت عن إطلاق تحفيز مالي "قوي"، واستثمرت بدلا من ذلك بكثافة في الصناعة للتخلص من اعتمادها على التكنولوجيا الغربية، وفق الصحيفة البريطانية.
"انتقام" صيني
من جانبه، يشير استاذ الاقتصاد الدولي، الدكتور علي الادريسي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أنه في ظل التوترات المتزايدة بين بكين وواشنطن، خصوصاً في ملفات التجارة والتكنولوجيا والموقف من تايوان، بدأت الصين بالفعل اتخاذ خطوات عملية ذات طابع "انتقامي" تجاه الولايات المتحدة.
- فرض قيود على الشركات الأميركية، بما في ذلك تشديد الرقابة على شركات التكنولوجيا، أو فرض غرامات وقيود على شركات مختلفة.
- الحد من تصدير المعادن النادرة، حيث بدأت بكين بفرض قيود على تصدير مواد استراتيجية تدخل في الصناعات التكنولوجية والدفاعية، وهو سلاح تستخدمه في الرد على العقوبات الأميركية.
- المناورة بملف تايوان كرسائل ضغط على واشنطن.
- تحالفات اقتصادية مضادة، وذلك عبر تعميق التعاون مع روسيا، ودول "البريكس"، ومحاولات تقليل الاعتماد على الدولار.
ورداً على سؤال بشأن كيف يؤثر هذا التصعيد على فرص التوصل لاتفاق، يقول الإدريسي إن الردود المتبادلة تعمّق فجوة الثقة وتُعقّد المفاوضات، منبهاً في الوقت نفسه إلى أن التبادل التجاري بين البلدين ضخم، وكل طرف لا يريد حرباً اقتصادية شاملة، ما يعني أن باب الاتفاق لم يُغلق تماماً، لكن الوصول إليه أصبح أكثر صعوبة.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأسبوع الماضي أن إدارة ترامب تريد استخدام المحادثات بشأن التعريفات الجمركية المتبادلة مع أكثر من 70 دولة للضغط من أجل المساعدة في عزل بكين مقابل خفض الرسوم الأميركية والحواجز التجارية.
وفي حين قال التقرير إن الاستراتيجية الأميركية تهدف إلى الضغط على بكين لحملها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات والتخلي عن موقفها المتحدي، فإن الصين لم تظهر سوى القليل من علامات التراجع .
البعد الجيوسياسي
وفي سياق متصل، يشير أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور محمد عطيف، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن:
- التحركات الصينية الأخيرة تجاه الولايات المتحدة تمثل مرحلة انتقالية من موقع رد الفعل إلى موقع الفعل الاستراتيجي، حيث تسعى بكين إلى إعادة تشكيل التوازن الدولي من موقع الندية.
- لا تكتفي الصين بالرد على الضغوط الأميركية، بل توظف أدواتها الاقتصادية والتكنولوجية والجيوسياسية لفرض وقائع جديدة تُعزز مكانتها كقوة قادرة على التأثير في النظام العالمي، لا مجرد التفاعل معه.
- هذه الدينامية تندرج ضمن استراتيجية "الردع بالتمكين"، إذ تستخدم الصين قدراتها في القطاعات الحيوية كسلاح ضغط لإعادة صياغة العلاقة مع واشنطن، وفي الوقت نفسه تبني منظومة تحالفات موازية من خلال الانخراط مع دول الجنوب العالمي وتعزيز التعاون مع قوى دولية منافسة للغرب.
- هذا التمكين يهدف إلى خلق شبكة نفوذ مستقلة تُضعف الهيمنة الأميركية وتمنح بكين هامشاً واسعاً للمناورة.
ويتابع: بالتالي، فإن التصعيد الصيني ليس مجرد رد على خطوات أميركية، بل هو تجل لمشروع جيوسياسي طويل الأمد، تسعى من خلاله بكين إلى انتزاع موقع قيادي في النظام العالمي، وإعادة تعريف قواعد اللعبة الدولية بما يضمن توازن قوى جديد يتجاوز المعايير التي فرضتها الهيمنة الغربية لعقود.
أخبار متعلقة :