نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رسوم ترامب ترهق الجميع... هل تعيد كتابة النظام العالمي؟, اليوم الثلاثاء 15 أبريل 2025 10:27 صباحاً
حرب الرسوم... الفصل الثاني يبدأ
ترامب، في خطاباته الأخيرة، لم يخفِ نيته في "استرداد هيبة الاقتصاد الأميركي"، كما وصفها. هذه المرة، لا إعفاءات مرتقبة على واردات الهواتف الذكية، أو الرقائق الإلكترونية، أو حتى المنتجات الزراعية الأساسية. "الجميع سيدفع الثمن"، قالها بوضوح، مشيرًا إلى أن الرسوم الجديدة قد تشمل 180 دولة، بما في ذلك دول حليفة وجزر نائية لا وزن لها في التجارة الدولية.
ما بين تصريحات ترامب، وخسائر فادحة بلغت 7 تريليونات دولار في يومين فقط داخل السوق الأميركية، يبدو أن ترامب يُراهن على صدمة كبرى لإعادة رسم خارطة الاقتصاد الدولي، حتى لو كان الثمن باهظًا.
الصين ترد: لن نتراجع... ولن نتصادم عشوائيًا
الصين، الطرف المقابل في هذه المعادلة المعقدة، لم تنتظر طويلًا للرد. ففي المقابل فرضت بكين رسومًا انتقامية وصلت إلى 125 بالمئة على سلع أميركية، في خطوة وصفتها دوائر دبلوماسية بأنها "حسابات دقيقة، لا استفزاز عشوائي".
لكن خلف هذه الأرقام، هناك موقف صيني أكثر نضجًا. فبكين باتت تدرك أن المعركة ليست فقط على المنتجات، بل على مركز التصنيع العالمي، وعلى من يكتب القواعد الجديدة للعبة الدولية.
زهير: ترامب لا يخوض حربًا تجارية.. بل يعيد كتابة النظام العالمي
في تحليل عميق للخبير ناصر زهير، رئيس قسم الاقتصاد والدبلوماسية في المنظمة الأوروبية للسياسات، خص به برنامج بزنس مع لبنى على سكاي نيوز عربية اتضحت أبعاد أكبر من مجرد صراع تجاري.
"هذه ليست حرب رسوم فقط... بل محاولة أميركية لإعادة ترتيب النظام العالمي وفق مصالحها. ترامب يستخدم الاقتصاد كأداة هيمنة، وليس فقط كأداة حماية"، بحسب ما قال زهير.
وأضاف خلال حديثه أن توجه ترامب لا ينطلق من فراغ، بل من قناعة أميركية متنامية بأن الصين لم تعد مجرد منافس اقتصادي، بل تهديد استراتيجي شامل.
أوروبا... في مرمى النار ومن دون درع
الحلفاء التقليديون للولايات المتحدة، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي، لم يكونوا مستثنين من هذه الاستراتيجية. بالعكس، فقد أشار ناصر زهير إلى أن ترامب "يعتمد على تفكك الاتحاد الأوروبي" كوسيلة لإضعاف استجابته.
ورغم تهديد أوروبا بفرض رسوم انتقامية تبلغ قيمتها 21 مليار دولار، فإنها تبدو غير قادرة على تشكيل موقف موحد، وذلك بسبب الانقسامات الداخلية ونمو التيارات الشعبوية، بحسب تعبيره..
الأخطر، أن بعض كبرى الصناعات الأوروبية بدأت بالهجرة فعليًا إلى الولايات المتحدة، كما هو الحال مع قطاع السيارات الألماني، في مؤشر على تغيّر عميق في موازين القوى الصناعية.
الصين بالأرقام... تنين لا يمكن تجاهله
مهما كانت الانتقادات، فإن لغة الأرقام تمنح بكين ثقة في مواجهة الضغط الأميركي:
• تضاعف الناتج المحلي 15 مرة منذ عام 2000.
• تستحوذ على 30 بالمئة من الصناعة العالمية مقابل 15 بالمئة لأميركا.
• أنفقت أكثر من 679 مليار دولار على مشاريع البنية التحتية العالمية، أي ما يعادل 9 أضعاف ما أنفقته واشنطن.
• سجلت عام 2023 أكثر من 798 ألف طلب براءة اختراع، أي ضعف ما سجلته أميركا.
ومع ذلك، تبقى نقطة الضعف الأساسية في افتقار الصين لـ"مظلة الحماية السياسية والعسكرية" لشركاتها العابرة للقارات، كما يوضح زهير، في إشارة إلى قضية "هواوي" التي أظهرت هشاشة بكين أمام العقوبات الغربية.
إعادة تشكيل التحالفات... من التعددية إلى الثنائية
واحدة من أهم مخرجات هذا الصراع، هي التحوّل الجذري في طبيعة التحالفات الدولية. فواشنطن لم تعد تعتمد على الشراكات المتعددة الأطراف، بل تتجه نحو تحالفات ثنائية انتقائية. والهدف – كما يرى زهير – هو تفكيك الكيانات الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي، واستبدالها بشركاء أضعف وأكثر قابلية للضبط.
في المقابل، تحركت الصين نحو تحالفات أكثر تنوعًا، مع أوروبا، والشرق الأوسط، والهند، في محاولة لبناء شبكة اقتصادية مضادة للعزلة الأميركية.
من الرابح؟ من الصامد؟
لا أحد يمكنه إعلان النصر في هذه المواجهة حتى الآن. لكن المؤكد، بحسب زهير، أن المعركة ستطول، وستعيد تشكيل الاقتصاد العالمي على مدى عقود، لا سنوات.
وقال: "الولايات المتحدة تسعى لتقليص الاعتماد على الخصوم، والصين تقاتل للبقاء في قلب سلاسل التوريد العالمية... نحن أمام صراع إرادات، لا مجرد أرقام".
العولمة على المحك... والاقتصاد في مهب السياسة
ما يحدث اليوم ليس صراعًا اقتصاديًا بحتًا، بل لحظة مفصلية تعيد تعريف مفاهيم العولمة، والسيادة الاقتصادية، والتحالفات الدولية. فبين مشروع "أمريكا أولاً" وبين طموحات الصين العالمية، يقف العالم أمام مفترق طرق حاسم.
السؤال لم يعد: من الأقوى؟ بل: من الأقدر على الصمود في عالم يتغير بسرعة الضوء، وبمنطق لا مكان فيه للضعفاء.
أخبار متعلقة :