اليوم الجديد

رائدات الأعمال.. مفتاح النمو الاقتصادي في أمريكا اللاتينية والكاريبي

رغم أن العديد من النساء في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي يسعين للانتقال من ريادة الأعمال إلى المناصب القيادية، إلا أنهن ما زلن يواجهن عقبات كبيرة تحول دون تحقيق هذا الطموح.

يبلغ معدل مشاركة النساء في القوى العاملة بالمنطقة 68% مقارنة بـ93% للرجال، كما أنهن يتقاضين في المتوسط 70 سنتاً مقابل كل دولار يحصل عليه الرجال، وغالباً ما يعملن في وظائف ذات جودة منخفضة.

تعكس تجربة لورا بيريز من ولاية أواكساكا المكسيكية هذه التحديات والفرص في آن واحد، إذ تشارك في مشروع يهدف إلى دمج المجتمعات الريفية في الاقتصاد، حسب ما ذكره البنك الدولي.

هذا النوع من المبادرات أسهم في تحقيق دخل سنوي بلغ 3.7 مليون دولار لهذه المجتمعات، ما يعكس التأثير الاقتصادي المباشر لدمج المرأة في سوق العمل.

تعزيز مشاركة المرأة في القوى العاملة أمر بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي، إذ لا يمكن لأي دولة تحقيق إمكاناتها الكاملة إذا استبعدت نصف سكانها من سوق العمل.

وتشير الدراسات إلى أن الفجوة الاقتصادية بين الجنسين تؤدي إلى خسائر مالية كبيرة.

ففي عام 2018، خسرت جمهورية الدومينيكان 185.4 مليار دولار من رأس المال البشري بسبب عدم المساواة بين الجنسين، ما يعادل 2.2% من ناتجها المحلي الإجمالي.

وفي أوروجواي، أدى التفاوت بين الجنسين في سوق العمل إلى خسارة تعادل 13% من الناتج المحلي الإجمالي للفرد.

إلى جانب الأثر الاقتصادي المباشر، تسهم مشاركة المرأة في سوق العمل في مواجهة تحديات اجتماعية أخرى، مثل الحد من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وزيادة الاستثمار في صحة وتعليم الأطفال، وتعزيز شبكات الدعم المجتمعية.

وفي الإكوادور، على سبيل المثال، تمثل النساء 40% من القوة العاملة في تشغيل مترو العاصمة كيتو، ما يعكس دور المرأة في قطاعات حيوية داخل الاقتصاد.

تمثل الرقمنة والاقتصاد المعرفي فرصة غير مسبوقة لسد الفجوة بين الجنسين في التوظيف.

على مدى العقد الماضي، أتاح العمل عن بُعد والمنصات الرقمية للعديد من النساء فرصاً جديدة دون قيود العمل التقليدية.

ومع ذلك، لا تزال هناك فجوة رقمية كبيرة، حيث تقل احتمالية حصول النساء على الإنترنت في بعض دول المنطقة بنسبة تصل إلى 19 نقطة مئوية مقارنة بالرجال.

إحدى المبادرات الناجحة لمعالجة هذه الفجوة هي مشروع “ديجيت أجرو” في جواتيمالا، الذي طور أدوات رقمية لربط المزارعات الصغيرات ببرامج الإمدادات المدرسية، ما أدى إلى زيادة مبيعاتهن وتحسين الأسعار التي يحصلن عليها.

مثل هذه البرامج تثبت أن تمكين المرأة رقمياً يمكن أن يكون له تأثير اقتصادي ملموس.

لا تزال النساء يتحملن عبئاً غير متكافئ من العمل المنزلي والرعاية غير المدفوعة، إذ يقضين في المتوسط ضعفي إلى ثلاثة أضعاف الوقت الذي يقضيه الرجال في هذه المهام.

ونتيجة ذلك، يتركزن في وظائف أكثر هشاشة وأقل أجراً، على الرغم من وجود استثناءات في بعض دول منطقة البحر الكاريبي.

لحل هذه المشكلة، يعد تدريب النساء على المهارات الرقمية وقطاعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات استراتيجية رئيسية لضمان حصولهن على وظائف ذات أجور مرتفعة واستقرار مهني أكبر.

حالياً، عدد النساء اللاتي يحصلن على تعليم عالٍ في هذه المجالات أقل بمرتين إلى ثلاث مرات من عدد الرجال.

يتطلب تحقيق المساواة بين الجنسين في سوق العمل جهوداً منسقة ومستدامة.

تعمل المؤسسات المالية الدولية، مثل البنك الدولي، على دعم المشاريع الاجتماعية في دول المنطقة بالتعاون مع الحكومات المحلية، كما هو الحال في البرازيل، حيث استفادت 31.65 مليون امرأة من برنامج “بولسا فاميليا”، ما أسهم في نمو العمالة النسائية بنسبة 25% خلال العقد الماضي.

ورغم هذه الجهود، لا يزال الطريق طويلاً لضمان تكافؤ الفرص بين الجنسين.

إن تعزيز التوظيف النسائي ليس مجرد قضية عدالة اجتماعية، بل هو استثمار استراتيجي للنمو الاقتصادي والازدهار المستدام في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.

أخبار متعلقة :