نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وجوه المومياء!, اليوم السبت 15 مارس 2025 06:14 مساءً
صالح جريبيع الزهراني
مخرجو المسلسلات والأفلام والأعمال الدرامية المشاهدة بمختلف مسمياتها يغشُّون الناس في رمضان.
المسألة ليست في التفاهة وضعف المواضيع والسيناريوهات البدائية التي تذكرني بالمسرح المدرسي في المرحلة الابتدائية .. فتلك أمور مفروغ منها.
لا .. لا .. المسألة أبعد من هذا .. وأكثر تعقيداً .. وربما قادت الظروف بعض المخرجين إلى قبول ذلك رغماً عنهم .. أما بعضهم الآخر فلا يهمه الأمر لأنه بليد فنياً من الأساس.
من المعلوم أن التمثيل التلفزيوني والسينمائي أداء حركي وانفعالات يتم التعبير عنها بالصوت وحركات الجسد وخاصة الوجه الذي يظهر من خلال حركته الغضب والحزن والانبساط والإحباط والضحكة والسعادة والألم والدهشة وكل المشاعر الممكنة .. وظهور الأسنان وحدها مثلاً لا يكفي للتعبير عن الضحك والسعادة .. والدموع وحدها ليست تعبيراً عن الحزن .. فقد تكون دموع فرح وغبطة واشتياق .. وقد تكون الضحكة تعبيراً عن الألم أو الحسرة أو من باب شر البلية.
ومن شرِّ البلية على الفنِّ عموماً أننا أصبحنا نرى مجموعة مومياءات من الممثلات .. لهن وجوه يابسة لا تعبر عن أي انفعال ولا تتمازج ولا تتناغم مع ما يخرج من أفواههن من أصوات ألم وحزن أو فرح وشوق .. ولهن شفايف أشبه ما تكون بفم السمكة .. ولم ولن يستطيع أي إنسان أن يدرك تعابير فم السمكة وهل هي تضحك أم تبكي .. ولهن عيون مشدودة إلى جباههن وكأنها عيون جرادة أو مرايا سيارات خارجة عن حدود جماجمهن .. ولو تطرقنا للأمور الأخرى لشعرنا بالغثاء من هذا الجسد البلاستيكي المتحرك الذي يمكن أن ينفجر في أي لحظة ويخرج منه الدود.
إن المخرجين والمصورين والمنتجين جميعهم يدركون هذه الحقيقة .. ويدركون أن وجوه المومياء لا تصلح للظهور في التمثيل .. وقد ينفعن في الإذاعة لأنها تعتمد على نغمة الصوت فقط .. أما أن يكن أمام الكاميرات فهذا غشٌّ مقصود وعدم اهتمام بالمشاهد ( وتمشية حال ) لملء ساعات البث .. وربما أن بعض ( النجمات المومياءات ) مفروضات على المخرجين من المنتجين الذين يريدون بيع اسم الفنانة وليس عملها الفني .. فيضطرون للقبول رغم معرفتهم بأن هذا هراء وسقوط فني .. أما بعضهم الآخر فقد ساقته الصدفة للإخراج ولا يعرف كوعه من بوعه ويقبل أي مشهد سامج وأي أداء ماسخ .. المهم ماذا سيقبض من أموال .. وهؤلاء هم الأغلبية للأسف.
وفي كل الحالات فإن هذا غشٌ وخداع للمشاهد ( الغلبان ) الذي فوق شعوره بالغثاء من ضعف العمل وضعف السيناريو وضعف الأداء فإنه ابتلي أيضاً بمشاهدة مومياءات وأجساد بلاستيكية متحركة ووجوه شاحبة جامدة متشابهة ( وبراطم ) منفوخة وعيون مشدودة .. فأصبح يشعر بالربكة .. فهو لا يدري ماذا يشاهد .. صوت يبكي .. ووجه وبراطم تضحك .. وعيون جاحظة مفتوحة .. وكلها في آن واحد ولحظة واحدة وصورة واحدة .. فيزداد همه وغبنه وربكته وشعوره بالغثاء.
إنني أدعو المعلنين والمنتجين وأصحاب رؤوس الأموال الذين يفكرون في الإنتاج الفني إلى إدراك هذه الحقيقة .. فمهما كانت القصة عظيمة .. ومهما كان السيناريو خارقاً .. ومهما كان المخرج بارعاً .. فإن وجوه المومياء التي لا تعبر عن شيء حتماً ولابد وقولاً واحداً ستفسد العمل .. وسيشعر المشاهد بالغثاء والمغص فينصرف عنه.
كاتب سعودي
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
أخبار متعلقة :