تتجه الولايات المتحدة إلى توسع سريع في إنتاج المكونات الحيوية المستخدمة في السيارات الكهربائية والهواتف الذكية والطائرات العسكرية خلال الأعوام المقبلة، في ظل تكثيف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جهودها لبناء صناعة المعادن الإستراتيجية داخل البلاد.
وتضخ الإدارة الفيدرالية مئات الملايين من الدولارات في شركات أمريكية، وأبرمت اتفاقًا مع إحدى الشركات لتحديد سعر أدنى لبعض المعادن المنتجة محليًا، فضلًا عن فتح تحقيق في الإمدادات الأجنبية، بحسب ما نقلته وكالة “أسوشيتيد برس” الأمريكية.
وفي هذا السياق، قال جوشوا بالارد، الرئيس التنفيذي لشركة “يو إس إيه رير إيرث”، التي تعتزم العام المقبل البدء في تصنيع مغناطيسات المعادن النادرة المستخدمة في العديد من المنتجات: “هذه هو لحظة مشروع المعادن النادرة”.
يأتي ذلك مع وضع البيت الأبيض إحياء صناعة المعادن الحرجة في صدارة أولوياته، خصوصًا بعدما فرضت الصين قيودا على تصديرها ردا على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.
وأعرب ترامب مؤخرا عن ثقته في تأمين الإمدادات لأن الولايات المتحدة تمتلك “أوراقا أكبر وأفضل”، مضيفا: “سنمتلك الكثير من المغناطيسات في فترة قصيرة جدا، لدرجة أننا لن نعرف ماذا نفعل بها”، وذلك خلال استقباله رئيس كوريا الجنوبية لي جاي ميونج.
وصارت المعادن الحرجة، وعددها 50 عنصرا من بينها 17 عنصرا من العناصر النادرة، مرتبطة بالأمن القومي الأمريكي، نظرا لدورها الحيوي في صناعة الهواتف الذكية والتوربينات والروبوتات، وكذلك في الصواريخ والغواصات والطائرات المقاتلة.
وفي مارس الماضي، أصدر ترامب أمرا تنفيذيا يحذر من أن الاعتماد على “قوى أجنبية معادية” في إنتاج المعادن يشكل تهديدا مباشرا للأمنين القومي والاقتصادي.
واستثمرت وزارة الدفاع الأمريكية 400 مليون دولار في شركة “إم بي ماتريال” المنتجة للمعادن النادرة، ومنحتها قرضا بـ150 مليون دولار، ووعدت بشراء كل ما تنتجه من مغناطيسات في مصنعها الجديد، مع تحديد سعر أدنى لمنتجات النيوديميوم والبراسيوديميوم لعقد كامل.
كما قدم البنتاجون دعمًا لشركة “نيو كورب” الأمريكية التي تسعى لجمع 1.2 مليار دولار لإنتاج معادن مثل النيوبيوم والتيتانيوم والسكانديوم في نبراسكا، حيث حصلت على 10 ملايين دولار ساعدت في تمويل عمليات حفر استكشافية هذا الصيف.
ورغم الزخم، لا تزال الولايات المتحدة بعيدة عن تلبية الطلب المحلي، إذ تشير التقديرات إلى أن الشركات الأمريكية لن تستطيع تغطية سوى جزء بسيط من احتياجات أمريكا الشمالية البالغة 35 ألف طن من المغناطيسات سنويًا، في وقت قد يتضاعف فيه الطلب خلال العقد المقبل.
وأقر الكونجرس هذا العام قانونا يتضمن 2 مليار دولار لتعزيز مخزون البنتاجون من المعادن الحرجة، و5 مليارات دولار إضافية حتى عام 2029 لبناء سلاسل التوريد، وبين عامي 2020 و2024، قدم البنتاجون أكثر من 439 مليون دولار لإنشاء سلاسل توريد محلية، كما حاولت إدارة ترامب تأمين وصول إلى المعادن الحرجة من خارج الولايات المتحدة، بما في ذلك عن طريق جرينلاند وأوكرانيا، إضافة إلى صفقة سلام توسطت فيها بين الكونغو الديمقراطية ورواندا قد تفتح أبوابًا جديدة، لكن من المبكر الحكم على نجاحها.
ورغم كل هذه التحركات، يرى محللون أن عقد صفقة مع بكين لا تزال ضرورية، حيث قال ديريك سيسزر، الباحث في معهد أمريكان إنتربرايز، إنه يخشى أن يعتبر ترامب ضمان الصين لإمدادات المعادن النادرة نجاحًا، وهو ما قد يقوض الاستقلال الاقتصادي الأمريكي.
0 تعليق