نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: روسيا والهند والصين.. هل تنجح جهود إحياء التحالف الثلاثي؟, اليوم الأربعاء 27 أغسطس 2025 02:16 مساءً تتصاعد محاولات قوى آسيوية كبرى للبحث عن صيغ جديدة تعيد ترتيب موازين النفوذ في النظام الدولي، وسط أجواء تتسم بالاضطراب الجيوسياسي والضغوط الاقتصادية المتبادلة. ويعود الاهتمام مجدداً بفكرة الشراكة الثلاثية بين روسيا والهند والصين، التي طُرحت منذ عقود كإطار لموازنة الثقل الغربي المتنامي. يأتي هذا المسار في ظل واقع دولي معقد؛ فموسكو تواجه عزلة متزايدة بفعل الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية، وبكين منخرطة في منافسة استراتيجية طويلة الأمد مع واشنطن، بينما تجد نيودلهي نفسها عالقة بين شراكاتها التقليدية مع الغرب ورغبتها في الحفاظ على استقلالية قرارها الاستراتيجي. تفرض هذه الظروف على العواصم الثلاث اختباراً بالغ الحساسية.. وهو ما يطرح عدد من التساؤلات: هل يمكن لضرورات السياسة والاقتصاد أن تتغلب على رواسب الخلافات التاريخية وتناقض المصالح؟ أم أن المسار سيبقى أقرب إلى تنسيق ظرفي يحمل طابع المصلحة الآنية دون أن يرتقي إلى مستوى التحالف المتماسك؟ تحالف ثلاثي في هذا السياق، ذكر مقال على "بلومبيرغ" أنه: كوسيلة للدول الثلاث لتجاوز عاصفة الحرب التجارية التي شنها الرئيس دونالد ترامب، يُعاد اليوم إحياء تحالف روسيا والهند والصين، الذي طُرح في تسعينيات القرن الماضي كقوة موازنة للولايات المتحدة. لكن الشكوك القديمة تُشير إلى أن هذا التحالف من غير المرجح أن يصمد. رغم خلافاتهم مع واشنطن، فإن هذه الشراكة أقرب إلى "زواج مصلحة". سيتجلى هذا الواقع هذا الأسبوع عندما تلتقي القوى النووية الثلاث في تيانغين لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون . يضغط الكرملين من أجل عقد اجتماع ثلاثي طال انتظاره. إذا ما استأنفت الثلاثية نشاطها ، فسيُرسل ذلك إشارة قوية على أن القوى الجيوسياسية الكبرى تتحد في مواجهة الضغوط الأمريكية. لكن التوترات المتأصلة بين الهند والصين، والاختلافات الاقتصادية بينهما، تجعل هذه النتيجة مستبعدة. هذا الضغط أشد وطأة على الهند؛ فحتى وقت قريب، كانت الهند شريكاً رئيسياً للولايات المتحدة، وقد تحملت وطأة رسوم ترامب الجمركية، فقد ضاعف الرسوم الجمركية على الصادرات إلى 50 بالمئة. أما بكين، التي كانت في الأصل الهدف الرئيسي لواشنطن، تتمتع بفترة راحة مؤقتة، لكنها عالقة في منافسة استراتيجية طويلة الأمد. وروسيا، التي ترزح تحت وطأة العقوبات وتتخبط في أوكرانيا، تبحث عن حلفاء لتخفيف عزلتها. راودت موسكو فكرة إنشاء مجموعة دول الكومنولث (RIC)، كما سُميت، في تسعينيات القرن الماضي. وقد اقترح رئيس الوزراء آنذاك يفغيني بريماكوف تشكيل المجموعة لتحدي النفوذ العالمي للولايات المتحدة. بدا التحالف قوياً نظرياً - ثلاث دول ذات اقتصادات وسكان ضخمين. أما عملياً، فقد قوّضه انعدام الثقة دائمًا، لا سيما بين المتنافسين الهند والصين. من أبرز نقاط الخلاف الخلافية بينهما نزاعهما الحدودي طويل الأمد. فقد اختلفا على حدود غير محددة المعالم بطول 3488 كيلومترًا (2170 ميلًا) في منطقة الهيمالايا. اندلعت هذه الأعمال العدائية في حرب عام 1962، ولا تزال مستعرة حتى اليوم. وفي عام 2020، اشتبك الجانبان بعنف في وادي غالوان بمنطقة لاداخ، مما أسفر عن مقتل جنود من الجانبين في أعنف قتال منذ عقود. وتجمدت العلاقات الدبلوماسية، حيث علّقت نيودلهي تأشيرات السياحة للمواطنين الصينيين، وفرضت قيودًا على واردات التكنولوجيا. تُقرّب رسوم ترامب الجمركية بينهما. في الأسبوع الماضي، اتفقا على دراسة ترسيم حدودهما المتنازع عليها ، وهي خطوة أساسية نحو حل النزاع الإقليمي. خفّت حدة التوترات بشأن التأشيرات، وأعربت الصين عن تضامنها مع الهند بشأن الصادرات. شراكة لا تحالف يقول الاستاذ في كلية موسكو العليا، الدكتور رامي القليوبي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": لا مجال للحديث عن تحالف ثلاثي بين روسيا والصين والهند، بل من الأدق وصفه بـ "الشراكة الثلاثية". هذه الدول بالفعل أعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون وكذلك في تجمع بريكس. رغم وجود خلافات عديدة بين الصين والهند، فإن السياسات التي انتهجتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالضغط على الطرفين تسهم في دفعهما نحو التقارب. ويشير إلى أن روسيا من جانبها تواصل إمدادات النفط إلى الصين، بينما لم تتخلَّ الهند بشكل نهائي عن وارداتها من النفط الروسي رغم التهديدات والرسوم الأميركية. ويضيف القليوبي: ما يظهر بوضوح هو أن الدول الآسيوية باتت تُبدي درجة متزايدة من الاستقلالية في اتخاذ القرارات المتعلقة بسياستها الخارجية. الرسوم الأميركية وتشير "فوكس نيوز" في تقرير سابق لها إلى أن "رسوم ترامب الجمركية تدفع الهند إلى الاقتراب من منافسي أميركا الاستراتيجيين: الصين وروسيا".. وذكر التقرير أنه "لأكثر من عقدين من الزمن، بنت واشنطن ونيودلهي شراكة استراتيجية عُدّت من أبرز قصص النجاح في دبلوماسية ما بعد الحرب الباردة.. اليوم، تواجه هذه العلاقة أخطر اختبار لها منذ سنوات، وتُشير الهند إلى أن لديها خيارات أخرى". ونقل التقرير عن الخبير في شؤون جنوب آسيا بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إيفان فيجينباوم، قوله: "نواجه في العلاقات الأميركية الهندية وضعاً حرجاً، حيث انكشفت تماماً المبادئ والافتراضات التي سادت على مدار السنوات الخمس والعشرين الماضية - والتي عمل الجميع جاهدين لبنائها، بمن فيهم الرئيس في ولايته الأولى". وأضاف: "لقد تلاشت الثقة". منذ أن فرض الرئيس ترامب رسومًا جمركية شاملة على الواردات الهندية، اتجهت نيودلهي بشكل واضح نحو الشرق. سافر مستشار الأمن القومي الهندي إلى موسكو في الأسابيع الأخيرة، ويستعد رئيس الوزراء ناريندرا مودي لأول زيارة له إلى الصين منذ أكثر من سبع سنوات، بينما من المتوقع أن يستضيفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو قبل نهاية العام. ويسلط هذا التحول الضوء على كيف أن التعريفات الجمركية التي كانت تهدف إلى معاقبة الهند بسبب استمرارها في شراء النفط الروسي قد تدفع نيودلهي بدلاً من ذلك إلى الاقتراب من منافسي أميركا. ضغوط ترامب الكاتبة الصحافية الصينية، سعاد ياي شين هوا، تقول لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه في ظل تنامي سياسات الحمائية التجارية التي تقودها الولايات المتحدة، تتقارب روسيا والهند والصين فيما يشبه إعادة تشغيل لتحالف ثلاثي لمواجهة الضغوط الخارجية؛ فقد فرضت واشنطن رسوماً على صادرات الهند، فيما تواجه روسيا عقوبات غربية بسبب صراعها مع أوكرانيا، أما الصين فتسعى لتخفيف احتدام منافستها الاستراتيجية مع أميركا. هذه الضغوط دفعت الدول الثلاث إلى تعزيز تفاعلها التجاري والاقتصادي (..). يقوم هذا التعاون على أسس مشتركة أبرزها الدعوة إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب، ومعارضة العقوبات الأحادية، ودعم دور الأمم المتحدة، إضافة إلى التنسيق في أطر متعددة مثل "بريكس" ومنظمة شنغهاي للتعاون. كما تتلاقى مصالحها في مجالات الطاقة، البنية التحتية، وتسوية التعاملات بالعملات الوطنية. لكنها تشير إلى أن هذا المسار يواجه عقبات حقيقية؛ أهمها الخلافات الحدودية بين الصين والهند والتي شهدت نزاعات في 2020، فضلاً عن رفض نيودلهي لمبادرة "الحزام والطريق"، وتنامي تعاونها العسكري والاقتصادي مع الولايات المتحدة وحلفائها، ما يعكس رغبتها في موازنة علاقاتها مع القوى الكبرى. وتتوقع أنه على المدى القريب، قد يعزز الثلاثي التنسيق في ملفات محددة؛ مثل خفض الاعتماد على الدولار، توسيع التجارة في الطاقة والغذاء، والتشاور في قضايا الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب. لكن تحول هذا التعاون إلى تحالف راسخ يظل مستبعداً، وفق الكاتبة الصحية، التي تشير إلى غياب الثقة الاستراتيجية، خصوصاً بين بكين ونيودلهي، وتمسك الهند بسياسة "الاستقلال الاستراتيجي". فرص وتحديات قائمة خبير الاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، يقول لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": العلاقات بين روسيا والهند والصين تشهد محاولات متجددة لإحياء التحالف الثلاثي المعروف باسم RIC، الذي تأسس في أواخر التسعينات كإطار للتنسيق بين القوى الآسيوية الكبرى في مواجهة النفوذ الغربي المتصاعد. تأتي هذه الجهود في لحظة جيوسياسية دقيقة، حيث تواجه موسكو عزلة متزايدة نتيجة حربها في أوكرانيا، فيما تتعرض نيودلهي لضغوط وعقوبات بسبب رفضها الاصطفاف الكامل مع الغرب، بينما تواصل بكين تعزيز نفوذها الإقليمي والدولي كقوة اقتصادية وعسكرية صاعدة. تسعى روسيا لإعادة تفعيل هذا التحالف باعتباره بديلاً استراتيجياً للمؤسسات الغربية بعد تدهور علاقاتها مع أوروبا. أما الصين، فقد أبدت انفتاحاً على الفكرة، معتبرة أن التعاون الثلاثي يمكن أن يشكل قوة موازنة في النظام العالمي، وإن كانت تتعامل معها بحذر شديد بسبب حساسياتها المستمرة مع الهند. في المقابل، تحافظ نيودلهي على قدر من التوازن، فهي حريصة على شراكتها التاريخية مع موسكو، ومصالحها التجارية مع بكين، لكنها متوجسة من أي خطوة قد تُفسر على أنها مواجهة صريحة مع الغرب، خصوصاً في ظل استمرار خلافاتها الحدودية والجيوسياسية مع الصين. ويستطرد: من المتوقع أن يحظى هذا الملف بزخم أكبر خلال القمة المقبلة لمنظمة شنغهاي للتعاون، حيث سيلتقي قادة الدول الثلاث بما قد يفتح الباب أمام خطوات أولية ذات طابع رمزي. ومع ذلك، تظل العقبات أمام تفعيل هذا التحالف كبيرة، أبرزها انعدام الثقة بين الهند والصين، واختلال موازين التجارة، إذ ترتبط نيودلهي اقتصادياً بشكل أعمق مع الولايات المتحدة مقارنة بارتباطها مع موسكو أو بكين. كما أن آلية RIC تفتقر حتى الآن إلى مؤسسات قوية أو رؤية استراتيجية موحدة، ما يجعلها أقرب إلى منصة للتنسيق السياسي الرمزي منها إلى تحالف فعلي. في ضوء هذه المعطيات "سيبقى مستقبل التحالف الثلاثي مرهوناً بتطورات المشهد الدولي، وبقدرة الأطراف على تجاوز خلافاتها الثنائية، وتقديم تنازلات متبادلة تتيح الحد الأدنى من التفاهم الاستراتيجي بعيداً عن الاستقطابات الحادة التي ترسم صورة النظام العالمي اليوم"، وفق الديب.