نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: هل فقدت الأسواق الثقة في مستقبل الاقتصاد الفرنسي؟, اليوم الأربعاء 27 أغسطس 2025 07:40 صباحاً تتجه أنظار العالم إلى باريس، حيث تتشابك خيوط الأزمة السياسية مع مؤشرات الأسواق المالية لتُشكل مشهداً مضطرباً. فمع تصاعد احتمالية سقوط الحكومة الفرنسية عبر تصويت على الثقة، اهتزت الثقة في الأصول الفرنسية، ما أدى إلى تراجع حاد في الأسهم وارتفاع تكاليف الاقتراض. في خضم هذه العاصفة، يصبح السؤال الأهم هو: هل فقدت الأسواق الثقة في مستقبل الاقتصاد الفرنسي؟ وهل يمتلك الاقتصاد الفرنسي القدرة على تحمل هذه الصدمة السياسية؟ أم أن مستقبل فرنسا الاقتصادي بات خاضعاً لسيطرة المستثمرين، بعيداً عن يد الساسة؟ وتراجعت أسواق الأسهم الأوروبية الثلاثاء، متأثرة بالأسهم الفرنسية، حيث يراقب المتداولون احتمالية إجراء تصويت على الثقة في الحكومة الشهر المقبل. وهبط مؤشر "كاك 40" الفرنسي بأكثر من 2 بالمئة في التعاملات المبكرة قبل أن يقلص خسائره إلى حوالي 1.75 بالمئة. وقالت الأحزاب المعارضة الرئيسية الثلاثة في البلاد إنها لن تدعم تصويتاً مفاجئاً على الثقة دعا إليه رئيس الوزراء فرانسوا بايرو الاثنين ليوم 8 سبتمبر بشأن خطط ميزانيته، بحسب تقرير نشرته شبكة "سي إن بي سي" واطلعت عليه سكاي نيوز عربية. وأوضح التقرير أن "بايرو يجادل بأن هناك حاجة إلى حوالي 44 مليار يورو (51 مليار دولار) من تخفيضات الميزانية لتقليص العجز الفرنسي، الذي بلغ إجماليه 5.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وتشمل مقترحاته تجميد الإنفاق على الرعاية الاجتماعية والمعاشات التقاعدية، بالإضافة إلى الشرائح الضريبية، عند مستويات عام 2025. الأسهم الأوروبية جزء من المشكلة ووصف إريك نيلسون، رئيس استراتيجية صرف العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في بنك "ويلز فارغو"، التوقعات المتعلقة بالأصول الفرنسية بأنها "ليست رائعة" — لكنه قال: "إن مصير حكومة بايرو لم يكن نتيجة حتمية. أعتقد أن جزءاً من المشكلة هنا هو أن الأسهم الأوروبية، واليورو نفسه، كانا من الأدوات التجارية الشائعة للغاية على مدار العام. وما نراه في اليومين الماضيين هو القليل من التراجع". وتابع نيلسون: "لا أعلم ما إذا كان بايرو خارج المشهد بشكل نهائي. لا يزال هناك بعض عدم اليقين. لديه الكثير من الأشياء التي يمكن أن يقدمها للمعارضة"، بما في ذلك أن الوزير الفرنسي يمكن أن يتراجع عن اقتراح مثير للجدل لخفض عطلتين رسميتين. إنهم يسيرون على خط رفيع للغاية هنا، وبالنظر إلى وضع السوق في الأصول الأوروبية، هناك الكثير من المخاطر". ووفقاً لتقرير نشرته وكالة "بلومبرغ" واطلعت عليه سكاي نيوز عربية، "يضع هذا الاضطراب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في موقف صعب مع خيارات قليلة قابلة للتطبيق، يمكنه تعيين رئيس وزراء جديد أو حتى إعادة تعيين بايرو على أمل أن يتمكنوا من تشكيل حكومة يمكنها الاستمرار دون تفويض جديد، أو يمكنه حل البرلمان والمخاطرة بمنح المعارضة دفعة قوية. كما أن إجراء تصويت جديد ينذر بتقويض موقعه الضعيف بالفعل في الجمعية الوطنية، وهو ما حدث بالضبط بعد انتخابات مبكرة دعا إليها العام الماضي". وقال بوريس فالو، زعيم الحزب الاشتراكي في الجمعية الوطنية، "سوف نصوت ضد الثقة في الحكومة". وكان النائب الاشتراكي فيليب برون أكثر صراحة، حيث قال: "ما سيحدث في 8 سبتمبر هو استقالة مقنّعة"، في إشارة إلى موعد تصويت الثقة. وأضاف تقرير الوكالة الأميركية: "إذا قام ماكرون بتعيين رئيس وزراء جديد، فإن ذلك سيترك السؤال حول كيفية تمرير الحكومة لميزانية غير شعبية دون إجابة، وهي الميزانية التي أسقطت رئيس الوزراء السابق ميشيل بارنييه. أحد الاحتمالات هو محاولة إقناع اشتراكي أو اشتراكي سابق بهدف كسب دعم ذلك الحزب. كان هذا جزءاً من التفكير وراء تعيين إريك لومبارد وزيراً للمالية في ديسمبر الماضي، على الرغم من أن بايرو تولى لاحقاً إشرافاً مباشراً أكبر على إعداد الميزانية". وأوضح التقرير أن قرار حل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة من شأنه أن يضيف أكبر قدر من عدم اليقين والمخاطر على الحكومة. ثقة السوق في الاقتصاد الفرنسي في حديث خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، قال طارق الرفاعي الرئيس التنفيذي لمركز "كوروم للدراسات الاستراتيجية": "بينما يُظهر الاقتصاد الفرنسي مرونةً أساسيةً وقوةً هيكلية، فإن قدرته على تحمل الصدمات السياسية تُختبر، حيث تكشف الضغوط المالية الحالية عن حدود قدراته. ويشهد مستقبل فرنسا الاقتصادي صراعاً محتدماً، إذ يحتفظ السياسيون بسلطة صنع السياسات، لكن الأسواق والمستثمرين يؤثرون بشكل متزايد على النتائج من خلال تفاعلهم مع المخاطر المُتوقعة وعدم الاستقرار". وتُظهر الأسواق علامات واضحة على فقدان الثقة، حيث انخفضت الأسهم الفرنسية بنحو 2 بالمئة، وارتفعت عائدات السندات الحكومية بعد الإعلان عن تصويت الثقة الذي أثارته خلافات الميزانية. وقد اتسع الفارق بين السندات الفرنسية والألمانية - "علاوة المخاطرة" - إلى أعلى مستوى له منذ أبريل، مما يُبرز قلق المستثمرين، بحسب تعبيره. وأكد الرفاعي أن هذا النفور المتجدد من المخاطرة يتجذر في حالة عدم اليقين السياسي ومشاكل الدين والعجز المزمنة في فرنسا (حيث يبلغ الدين العام 116 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مع عجز مستمر يتجاوز 5 بالمئة). من يتحكم بمستقبل فرنسا الاقتصادي؟ ورداً على سؤال من يتحكم بمستقبل فرنسا الاقتصادي قال الرئيس التنفيذي لمركز "كوروم للدراسات الاستراتيجية" الرفاعي: "يضع السياسيون الفرنسيون الإطار القانوني والسياسي - فالقرارات المتعلقة بالميزانية، والإصلاحات، والاستجابات للأزمات تقع على عاتقهم. ومع ذلك، فإن الواقع هو أن المستثمرين والأسواق المالية يمارسون رقابة ونفوذاً هائلين". وأضاف: "فعندما يفشل السياسيون في إقناع الأسواق بالانضباط المالي أو الاستقرار السياسي، تنخفض الأصول الفرنسية وترتفع تكاليف الاقتراض، مما يقيد خيارات السياسة. باختصار، بينما يمسك السياسيون بزمام الأمور، تحدد ثقة المستثمرين المساحة التي يمكنهم من خلالها كتابة قصة فرنسا الاقتصادية". بدوره، قال الخبير الاقتصادي علي حمودي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": " تمر فرنسا بـلحظة حاسمة. إذا حصلت الحكومة على الأغلبية في تصويت الثقة، فسيتم تثبيتها، أما إذا لم تحصل على الأغلبية، فستسقط، وبحسب ردود الفعل المبكرة المعلنة، قد يخسر رئيس الوزراء الوسطي رهانه، مُسقطاً حكومةً لم تُشكل إلا في ديسمبر الماضي بعد الانهيار المبكر لإدارة سلفه ميشيل بارنييه، والتي كانت أصلاً أقصر عمراً من حكومته". المشاكل الاقتصادية موجود أصلاً ولا تحتاج إلى عدم يقين سياسي وأوضح أن عجز الموازنة الفرنسية بلغ 5.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، أي ما يقرب من ضعف الحد الأقصى الرسمي للاتحاد الأوروبي البالغ 3 بالمئة، بمعنى أن المشاكل الاقتصادية موجود أصلاً ولا تحتاج إلى عدم يقين سياسي، فهناك مشكلة في دخل الحكومة والعجز سيزيد، وبالتالي عدم اليقين بالنسبة للسياسة الاقتصادية سيزيد ايضاً، وهذا يثقل خدمة الديون للحكومة الفرنسية". وأضاف حمودي: "قادة المعارضة يؤكدون أنه في حال سقوط الحكومة، سيطالبون بحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة. وكل هذه يزيد من عدم اليقين لدى المستثمرين والأسواق، لذا، فإن السقوط المحتمل للحكومة سيُلقي بثقله على الاقتصاد الفرنسي. فمع توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8 بالمئة فقط هذا العام، فإن الاقتصاد ضعيف بالفعل، والأزمة السياسية تُضيف طبقة جديدة من عدم اليقين". ولفت إلى أن صياغة وإقرار ميزانية عام 2026 ستصبح أكثر صعوبة، مما يُؤخر ضبط أوضاع المالية العامة، وقد يُفاقم مسار ديون فرنسا. كلما طال تأجيل الإصلاحات، زادت الحاجة إلى تعديلات جذرية. واختتم الخبير الاقتصادي حمودي بقوله: "يُصبح عدم الاستقرار السياسي في فرنسا عبئاً اقتصادياً، لذا، أعتقد أن المستثمرين والمؤسسات سيراقبون الوضع عن كثب، ليس فقط لما سيحدث في 8سبتمبر، بل لما سيأتي بعد ذلك".