في ظلّ انتظار ردّ كيان العدو على المقترح المصري – القطري المعدّل الذي وافقت عليه حركة المقاومة الإسلامية “حماس” قبل يومين، صادق وزير الحرب في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، على خطة عسكرية لاحتلال مدينة غزة، أطلق عليها اسم “عربات جدعون الثانية”، وفق ما أفادت به وسائل إعلام العدو.
ونقلت قناة “كان” الإسرائيلية عن كاتس قوله إنّه “مع اكتمال هذه العملية، سيتغير مظهر غزة ولن تعود كما كانت”.
وتأتي هذه الخطوة ضمن تصعيد عسكري في قطاع غزة، حيث أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أنّ جيش الاحتلال بدأ اليوم “استدعاء 60 ألف جندي من الاحتياط، في إطار الاستعدادات لتنفيذ الخطة”.
وبحسب إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإنّ “الهدف من هذه العملية يتمثل في السيطرة على المناطق الحيوية داخل غزة وتعزيز الأمن على الحدود، في ظل استمرار التوترات والصراعات بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس”، حسب زعمها.
وفي وقتٍ سابق، كشفت “القناة 12” الإسرائيلية تفاصيل من العملية العسكرية المرتقبة في غزة، حيث أشارت إلى أن جيش الاحتلال يُكثّف وتيرة استعداداته للعملية، والتي من المتوقع أن تبدأ في الأسابيع المقبلة، قبل الموعد المتوقع.
وبحسب القناة، تشمل الاستعدادات جوانب عملياتية، بالإضافة إلى خطوات تتعلق بالجهود الإنسانية.
وأوضحت أنه من المتوقع إرسال عشرات الآلاف من أوامر الطوارئ الثامنة إلى جنود الاحتياط خلال الأيام المقبلة.
كما أشارت إلى أنّ أوامر الاستدعاء قد تشمل 60 ألف جندي، بالإضافة إلى تمديد خدمة حوالي 20 ألف جندي احتياطي قيد التعبئة بالفعل، ليبلغ إجمالي القوة البشرية حوالي 80 ألف جندي.
المفاوضات
أما في تطورات المحادثات غير المباشرة بين الكيان والمقاومة بوساطة مصرية وقطرية، فقد شهدت الساعات الأخيرة اتصالات مكثّفة على المستويَين الاستخباراتي والدبلوماسي، بانتظار رد “تل أبيب” على المقترح، الذي “ترى فيه الجهات الوسيطة صيغة متوازنة”، حيث أن المقترح الجديد قريب للصيغة التي وافق عليها الاحتلال قبل أسابيع. يأتي ذلك في وقت لا زال يتسم فيه الموقف الأميركي بالغموض، بما يحمله الأخير من تأثير لجهة الضغط على العدو في إتمام الاتفاق.
وإذ أعلن “البيت الأبيض” استمرار مناقشة المقترح الذي وافقت عليه “حماس”، فإنّ المتحدّثة باسمه، كارولين ليفيت، لم تُبدِ موقفاً واضحاً، وعلّقت بطريقة أثارت الاستغراب، قائلة إنّ قبول “حماس” للعرض الأخير قد يكون مرتبطاً بتغريدة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس، كتب فيها: “لن نرى إطلاق سراح الأسرى إلا عندما يتمّ تدمير حماس”.
إزاء ذلك، رجّحت مصادر دبلوماسية مصرية، حسبما نقلت “صحيفة الأخبار” اللبنانية، أنّ يؤدّي غياب الضغط الأميركي الحقيقي إلى إفشال التوصّل إلى اتفاق جديد، مشيرة إلى أنّ “إسرائيل قد تلجأ مجدّداً إلى اختلاق عقبات تعيق توقيع الصفقة”.
ووفقاً لمصدر مصري تحدّث إلى “الأخبار”، فإنّ الجهود الدبلوماسية تتركّز على “شرح التعقيدات التي تحول دون إتمام صفقة شاملة فوراً”.
وفي المقابل، أفادت مراسلة قناة “القناة 13” العبرية، موريا أسراف، بأنّ رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عقد، أمس، مشاورات متواصلة مع طاقمه التفاوضي وقيادات أمنية. ووفقاً لمصادر مطّلعة، فإنّ “نتنياهو يتمسّك بإبرام صفقة شاملة وليس جزئية”، علماً أنّ الطرح الحالي لا يختلف كثيراً عن ذلك الذي وافقت عليه حكومته قبل نحو ثلاثة أسابيع، والفوارق فيه طفيفة جداً.
ورغم تشدّد نتنياهو الظاهري، تشير مصادر “القناة 12″ العبرية إلى أنّ احتمال موافقة العدو على المقترح الذي يُعرف بـ”مقترح ويتكوف” يفوق احتمال الرفض، مع تأكيد هذه المصادر أنّ “العرض لا يُعدّ صفقة جزئية، بل المرحلة الأولى من اتفاق شامل”.
ويقضي هذا العرض، في حال إقراره، بوقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً، مع انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من عمق القطاع إلى مسافة تتراوح بين 800 متر وكيلومتر واحد عن السياج الأمني، وسيطرة إسرائيلية كاملة على “محور فيلادلفيا”، فيما لا يزال مصير محور “موراج” ومعبر رفح غير محسوم.
وبحسب صحيفة “ديعوت أحرونوت”، فإنّ العدو قد يقدّم ردّه الرسمي على المبادرة بحلول يوم الجمعة، ما يجعل الساعات المقبلة حاسمة في تقرير مسار الحرب.
وفي خضمّ ذلك، يتزايد الحديث في المؤسسة الأمنية والعسكرية في الكيان عن خيار احتلال مدينة غزة، في حال تعثّر المسار السياسي أو حتى بالترافق معه. وبحسب قناة “كان” العبرية، فإنّ “نتنياهو لم يغلق الباب نهائياً أمام صفقة جزئية، لكنه لا يزال يفضّل إطلاق العملية العسكرية”، في حين أعلن وزير الجيش، يسرائيل كاتس، عن اجتماع ضمّه، أمس، إلى رئيس هيئة الأركان، إيال زامير، إلى جانب كبار الضباط في وزارة الجيش للمصادقة على خطط احتلال مدينة غزة.
لكن بحسب “القناة 12″، فإنّ المنظومة الأمنية تسودها تحذيرات من أنّ “احتلال غزة يمثّل مقامرة ثقيلة”، إذ “ليس واضحاً كيف ستتطوّر المرحلة القادمة من العملية في القطاع، وليس مؤكّداً أنه يمكن حسم المعركة مع حماس، ولا مضموناً أنّ مثل هذه الخطوة ستؤدّي فعلاً إلى صفقة شاملة”.
لذلك، بحسب القناة، في النهاية، سيتعيّن على رئيس الوزراء أن “يقرّر ما إذا كان سيخوض هذه المقامرة، أم أنه في نهاية المطاف سيحاول استنفاد المسار، وإرسال وفد يناقش تفاصيل الصفقة في محاولة لإتمامها”.
المصدر: مواقع إخبارية
0 تعليق