في صحف اليوم: السعودية تتقصّى المعلومات حول زيارة لاريجاني وطهران لن تخلي الساحة اللبنانية لواشنطن

الفن 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

منذ وصول الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى بيروت، آتياً من بغداد، تركّزت الأنظار على حركته التي امتدّت ليوم كامل، وشملت المقار الرسمية والسفارة الإيرانية ولقاءً جمعه بالأمين العام ل​حزب الله​ الشيخ نعيم قاسم.

وعلمت "الأخبار" أنّ الرياض وواشنطن استنفرتا لتجميع أكبر قدر من المعلومات والمعطيات، لا سيّما ما يتعلّق بما قاله لاريجاني والرسائل التي نقلها والمواقف التي أبلغها للمسؤولين اللبنانيين، خصوصاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، عدا عمّا دار في الجلسة التي عقدها الضيف الإيراني مع عدد من الشخصيات السياسية اللبنانية. وقد أجرى مسؤولون سعوديون، كما فريق السفارة الأميركية في بيروت، اتصالات بسياسيين ومستشارين وإعلاميين لتجميع كل الداتا المتاحة، مع التركيز على الشقّ المتعلّق بحزب الله تحديداً. ومن الأسئلة التي يتمّ البحث عن أجوبة لها: هل أتى لاريجاني بدعم مالي؟ هل طلب شيئاً من الحزب أو حتى من بري في ما يتعلّق بالتعامل مع الحكومة والجيش اللبناني؟

واردفت "الاخبار" بانه يبدو أنّ كلام لاريجاني عن دعم الحزب واعتبار إيران سلاح المقاومة، في لبنان والمنطقة، قضية مركزية لا يُمكن التخلّي عنها، كانَ محطّة للانتقال إلى مستوى جديد من التعامل مع الهجمة الأميركية الإسرائيلية وحتى السعودية، ويؤشّر إلى تموضع جديد على المستوى الخارجي بما لا يكرّس سقوط لبنان بالكامل في المحور الإبراهيمي، الذي انزلقت إليه البلاد تباعاً عبر القضم الممنهج للتوازنات التي انكسرت إلى حدّ كبير بعد الحرب. وهو أكّد أنّ المقاومة لن تُترَك كفريسة سهلة للاستفراد بها.

نتائج زيارة لاريجاني

وفيما غادر لاريجاني لبنان، ظلت زيارته ومضامينها محور تفاعل سلبي وإيجابي في كل الأوساط السياسية. ونقل قريبون من رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ"الجمهورية" ارتياحه الكبير إلى حصيلة اجتماعه مع المسؤول الإيراني. وأشار هؤلاء إلى انّ لاريجاني أبلغ إلى بري "انّ إيران لا تريد أن تتدخّل في شؤون لبنان، لكن رأينا أن لا تتخّلوا عن مقاومتكم لانّها عنصر قوة لكم". كذلك دعا لاريجاني خلال لقائه بري إلى "ان يخفف اللبنانيون من خلافاتهم قدر الإمكان لأنّها تفيد عدوهم بينما وحدتهم تحصّنهم ضدّه".

وخلافاً لكل ما أشيع من أجواء سلبية عن زيارة لاريجاني، قالت مصادر إطلعت على ما دار في لقاءاته مع الرؤساء الثلاثة لـ"الجمهورية"، إنّ أجواء هذه اللقاءات لم يتخلّلها أي تشنج بالحجم الذي أشاعه البعض. واكّدت انّ المسؤولين اللبنانيين عبّروا عن آرائهم حول التطورات الجارية والظروف التي أملت اتخاذ القرار الحكومي في شأن حصرية السلاح بيد الدولة، وفي المقابل أبلغ المسؤول الإيراني اليهم موقف بلاده الرسمي في هذا الصدد، خصوصاً عندما فاتحه بعض المسؤولين في المواقف الإيرانية التي سبقت وصوله ورفضت قرار نزع سلاح "حزب الله"، فقال إنّه زار لبنان لنقل الموقف الرسمي الإيراني من هذا الأمر، وهو "أنّ إيران ترى أنّ المقاومة حققت للبنان مكتسبات وينبغي الحفاظ عليها، خصوصاً في ظل التطورات الإقليمية الجارية والتغول الإسرائيلي وعدم صدقية الولايات المتحدة الأميركية في دورها، حيث أنّها منحازة كلياً لإسرائيل، وأنّ الأخيرة تخوض الحروب في المنطقة لمصلحة الادارة الإميركية". واضاف: "خلافاً لما سمعتم من مواقف، إنني هنا لأعبّر عن الموقف الرسمي الإيراني، وهو أنّ إيران لا تتدخّل في أي شيء يتفق عليه اللبنانيون، فهي تؤيّد المقاومة وتعتبرها قوة للبنان، ولكنها لا تتدخّل في ما تتفق عليه الحكومة اللبنانية مع المقاومة".

وذكرت المصادر "انّ لاريجاني سمع من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون شرحاً لحجم الضغوط التي يتعّرض لها لبنان، ورافقت اتخاذ القرار بحصرية السلاح بيد الدولة. مؤكّداً حرصه على الحوار مع الجميع لإيجاد المخرج اللازم لهذا الموضوع. ودعا إيران التعامل مع لبنان من دولة إلى دولة، وأبدى ارتياحه إلى ما عبّر عنه ضيفه الإيراني، حيث تبادل الآراء معه «بطريقة هادئة وانسيابية، لينتهى اللقاء بينهما بتأكيد لاريجاني استعداد بلاده لدعم لبنان في كل المجالات".

أضافت المصادر أنّ اللقاء بين سلام ولاريجاني ساده بعض الفتور، لكن لقاء الأخير مع بري "كان حميماً"، حيث أشاد بـ"دور رئيس المجلس المحوري والحكيم في هذه المرحلة الحساسة"، مشدداً على "ضرورة المحافظة على وحدة الموقف الشيعي، لأنّه قوة للبنان مثلما هي المقاومة قوة للبنان، فإذا ضعفت ضعف لبنان".

طهران لن تخلي الساحة اللبنانية لواشنطن

توقفت مصادر سياسية لبنانية أمام الحضور المفاجئ لأمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني في المشهد السياسي اللبناني، استباقاً لقيام الوسيط الأميركي توم برّاك بزيارة رابعة لبيروت؛ لمواكبة ما آلت إليه الاتصالات المحلية لحصر السلاح بيد الدولة.

وقالت المصادر السياسية لـ"الشرق الأوسط" إن المحادثات التي أجراها لاريجاني في بيروت لم تقتصر على استيعابه ردود الفعل اللبنانية "الغاضبة" حيال تدخل وزير خارجية بلاده عباس عراقجي، ومستشار المرشد الوزير السابق علي أكبر ولايتي، ومسؤول "الحرس الثوري" عن ملف علاقة طهران بـ"حزب الله"، في الشأن الداخلي اللبناني وتحريضهم حليفهم على عدم تسليم سلاحه، وإنما تجاوزها لتمرير رسالة لواشنطن برفض الورقة التي أعدتها حول حصريته بيد الدولة اللبنانية، ومنعها من التفرد بالقرار اللبناني من دون التفاوض معها (طهران).

وأوضحت المصادر أن ما قاله لاريجاني خلال اجتماعه برئيسي الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام، لم يقله عند لقائه برئيس المجلس النيابي نبيه بري، وفي اجتماعه بمقر السفارة الإيرانية في بيروت بمن تبقى من "محور الممانعة".

وقال أحد النواب المشاركين في لقاء السفارة، إن لاريجاني توخى من خلاله "طمأنة حلفائه بأن إيران لم تخرج مهزومة من العدوان الإسرائيلي" الذي استهدفها بغطاء أميركي، بل خرجت "منتصرة وتمكنت من استعادة قدراتها العسكرية".

ولاحظت المصادر أن لاريجاني غمز بوضوح من قناة الورقة الأميركية في رده على أسئلة الصحافيين بعد اجتماعه ببري. وقالت بأنه حرص عند لقائه حلفاءه في السفارة على شد أزرهم ورفع معنوياتهم، على حد قول نائب شارك في اللقاء فضّل عدم ذكر اسمه، مضيفاً لـ"الشرق الأوسط" أن "طهران لن تخلي الساحة اللبنانية لواشنطن، وأن العدوان الذي استهدفها لم يكن بسبب التجاذبات حول ملف السلاح النووي، وإنما لموقفها من القضية الفلسطينية ودعمها حلفاءها في لبنان، مكرراً نصيحته لهم بعدم التفريط بورقة المقاومة بصفتها رأس المال اللبناني لتحرير أرضهم".

وعليه، تسأل المصادر ما هي الخطوة التالية لإيران بعد "الإغارة السياسية" للاريجاني على الورقة الأميركية، وهل تبقى محصورة بطمأنة حلفائها، وهم ما تبقى من "أهل البيت" بعد خروج قوى أساسية من محور الممانعة، بأنهم ليسوا وحدهم رداً على التساؤلات التي تُطرح من حين لآخر بداخله حول عدم تدخل إيران إلى جانب "حزب الله" في إسناده غزة، وماذا كانت تنتظر بعد اغتيال إسرائيل أمينيه العامين السابقين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، وأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

التناقض الإيراني

وفي انتظار ما سيقوله الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم اليوم والذي من المرجح أن يترجم ما لم يقله لاريجاني أمام الإعلام، أكدت مصادر سياسية مواكبة للزيارة لـ "نداء الوطن"، أن الزيارة بما حملته من رسائل مبطنة، لم تكن سوى محاولة جديدة لتعزيز انقلاب "الحزب" على الدولة وشرعنة رفضه تنفيذ قرار الحكومة القاضي بتسليم سلاحه، رافعًا شعار المقاومة في مواجهة إسرائيل، فيما يواصل في الداخل مقاومة قيام الدولة عبر مواقف تتحدى الدستور والقرارات الدولية وتبقي لبنان رهينة مشروع لا يعترف بحدود السيادة ومرجعية المؤسسات.

اضافت المصادر، إن لاريجاني الذي انتقد أول من أمس الإملاءات الأميركية من خلال ورقة المبعوث الأميركي توم براك وتحديد جدول زمني، سيفاوضها من جديد في الملف النووي بحسب ما نقلت "رويترز"، بأن المرشد الأعلى السيد علي خامنئي توصل إلى توافق داخلي على استئناف المفاوضات النووية لأنها ضرورة لبقاء إيران.

ولفتت المصادر إلى التناقض الفاضح: ما يُرفض في لبنان بحجة السيادة يُقبل في طهران عندما يخدم مصلحة بقاء النظام. وبالتالي فإن إيران التي تساوم على أعلى طاولة مفاوضات مع واشنطن وأوروبا، لا تتورع عن مواصلتها استخدام لبنان وقودًا وأرضًا مفتوحة لمغامراتها وتحويله إلى ورقة تفاوض جاهزة للحرق ساعة تشاء. وتختم المصادر بالإشارة إلى عبارة «زمن الأول قد تحول»… إننا في زمن الدولة القادرة على بسط سيادتها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق