شهدت مدينة نانسي الفرنسية نهاية الأسبوع المنصرم، حدثًا ثقافيًا مميزًا، أضاء سماء الفكر المغربي في قلب أوروبا، حيث احتضنت مؤسسة الماريشال ليوطي لقاءها السنوي بحضور كوكبة من الشخصيات المرموقة، وكان المغرب هذه المرة حاضرًا بقوة من خلال الكاتب والباحث "رشيد الياقوتي"، ضيف الشرف الذي تمت دعوته من طرف رئيس المؤسسة "كلود جماتي". ففي أجواء يملؤها الاعتزاز والاهتمام، قدم "الياقوتي" عرضًا شاملاً حول مؤلفه الجديد "محمد السادس.. ملك ذو رؤية"، أمام نخبة رفيعة المستوى من الحاضرين، ضمت مسؤولين فرنسيين من درجات وزارية وعسكرية، وشخصيات وازنة من الجالية المغربية، إلى جانب باحثين وأكاديميين مهتمين بالشأن المغربي و المغاربي. الكتاب، الذي يمثل إضافة نوعية للمكتبة السياسية والفكرية، يرصد بدقة وعمق المسار السياسي والتنموي لجلالة الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش سنة 1999، مسلطًا الضوء على الرؤية الشمولية للإصلاح التي ميّزت عهده، وعلى الأوراش الكبرى التي غيرت وجه المغرب في مجالات الاقتصاد والتنمية الاجتماعية والدبلوماسية والبنيات التحتية. من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى مشروع الطاقات المتجددة، مرورًا بإصلاح الحقل الديني وتعزيز البنية التحتية، وصولًا إلى توسيع الحضور المغربي في إفريقيا، يبرز الكتاب كيف استطاع جلالة الملك، بجرأة وبعد نظر، قيادة المغرب نحو مرحلة جديدة من التحديث والانفتاح، مع الحفاظ على الهوية الوطنية وروح الاستمرارية. وخلال مداخلته، شدد "الياقوتي" على أن الرؤية الملكية لا تقف عند حدود الإصلاح الداخلي، بل تنفتح على الأفق الدولي، من خلال سياسة خارجية قائمة على تعدد الشراكات والانفتاح المدروس، وهو ما جعل المغرب يرسخ مكانته كفاعل رئيسي على الساحة القارية والدولية. اللقاء كان أيضًا مناسبة لتبادل الرؤى حول التجربة المغربية في التنمية، وإبراز أسلوب القيادة الملكية الذي يثير إعجاب الأوساط السياسية والفكرية الأوروبية، بما يتسم به من حكمة وتبصر وحنكة استراتيجية. وبهذا الإنجاز الثقافي والفكري في قلب فرنسا، يثبت الباحث المغربي "رشيد الياقوتي" أن المغرب لا يصدّر فقط منتجاته الاقتصادية، بل يحمل أيضًا فكره ورؤيته وإبداعه إلى العالم، مساهماً في التعريف بنموذج مغربي متفرد تحت قيادة ملك صاحب رؤية استشرافية ومشروع حضاري متكامل.