أثار إعلان الشراكة الاستراتيجية بين مجموعة كازينو الفرنسية ورجل الأعمال المغربي منصف بلخياط زلزالاً حقيقياً في سوق التوزيع بالمغرب، بعدما تم الإعلان نهاية ماي 2025 عن افتتاح 210 متجراً من علامتي Franprix وMonoprix خلال عشر سنوات، في اتفاق ضخم وُقّع بحضور وزير الصناعة المغربي والسفير الفرنسي بالرباط.
وتَعد الصفقة التي يُقدّر استثمارها بحوالي مليار درهم بخلق أزيد من 1000 منصب شغل مباشر وغير مباشر، مع إحداث أول منصة لوجستية عصرية لتموين متاجر القرب. لكن خلف هذا "البريق الاستثماري"، بدأت موجة من الجدل والشكوك حول مستقبل "مول الحانوت" والمنافسة المحتدمة مع عمالقة التوزيع المحليين: مرجان، لابيل ڤي، بيم، كازيون...
بلخياط الذي فشل في مشروعه السابق "حانوتي" سنة 2009، يعود من جديد لكن هذه المرة محصّناً بماركات فرنسية عالمية، وخبرة لوجستية قوية عبر مجموعته "Dislog". ويبدو أن خطته تعتمد على "دمج العام والخاص"، حيث سيزوّد متاجره الجديدة بالمنتجات التي يوزعها أصلاً في السوق المغربي (شامبوهات P&G، قهوة Jacobs، حلويات Edita...)، ما يضمن له هوامش ربح مزدوجة كموزع وتاجر تجزئة.
لكن... ليس كل شيء وردياً! فالتوسع الطموح لـ Franprix/Monoprix يُنذر باحتدام المنافسة في أحياء شعبية تزخر بـ"الحوانت"، ويُخشى أن يكون مقدمة لـ"زحف ناعم" على أنشطة البقالة التقليدية التي تُشكّل أزيد من 80% من السوق. بل أكثر من ذلك، قد يُنظر لهذا المشروع على أنه "خيانة" للبقالين الصغار الذين كانوا عملاء أوفياء لشبكة Dislog.
كما أن هذا الدخول الفرنسي الثقيل يأتي في لحظة سياسية حساسة، حيث تحاول الحكومة المغربية الترويج لـ"سيادة تجارية" تشجع الإنتاج المحلي والرقمنة والتوزيع القصير، بينما تعتمد Franprix/Monoprix على نموذج مستورد يعتمد جزئياً على المنتجات الجاهزة والمنصات الموحدة.
وبينما يلهث المنافسون وراء تخفيض الأسعار وتوسيع شبكة المحلات الصغيرة (BIM، Kazyon، Supeco...)، تراهن "كازينو-بلخياط" على الجودة، القرب الحضري، والتنظيم العصري. فهل تنجح في كسب المعركة؟ أم أن السوق المغربي المتشبع والمجزأ سيكون أقوى من طموحات المستثمرين؟
في النهاية، يبقى مشروع "كازينو بلخياط" رهاناً مزدوجاً: قد يكون منصة لإدراج Dislog في البورصة سنة 2026، أو انزلاقة كبرى جديدة في مسيرة بلخياط التجارية.. الأيام القادمة وحدها ستكشف المستور.
0 تعليق