تطور جديد في قضية "بيع الشهادات الجامعية" التي يتابع فيها أستاذ جامعي في حالة اعتقال

أخبارنا 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

تواصل قضية "بيع الشهادات الجامعية" بجامعة ابن زهر إثارة الكثير من الجدل والقلق، ليس فقط لما تحمله من خروقات صادمة تمس سمعة الجامعة المغربية، بل أيضا لما تكشفه من أوجه القصور في منظومة الحكامة والرقابة داخل المؤسسات التعليمية العليا، حيث أخذت هذه القضية منحى جديدا أكثر جدية، بدخول الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها على الخط، في خطوة وصفت بأنها غير مسبوقة في تاريخ هذه الهيئة، منذ تأسيسها.

وبادرت الهيئة، التي يقودها الرئيس الجديد محمد بنعليلو، بمراسلة الوكيل القضائي للمملكة من أجل التدخل وتقديم مطالب الدولة المغربية المدنية، في هذا الملف الثقيل الذي ما زال يروج أمام القضاء، حيث ورغم أن الهيئة تمتلك الصفة الضبطية وتخول لها القوانين التدخل المباشر في قضايا الفساد، فإنها، وفقا لمقتضيات المادة 7 من القانون 46.19، لم تتمكن من الدخول في الشق الزجري نظرا لكون الملف بات بين يدي العدالة، ما يمنع أي تدخل مواز في المسار الجنائي.

غير أن القراءة السياسية والقانونية لهذا التحرك تفيد بأن المغاربة أمام منعطف جديد في اشتغال الهيئة الدستورية، التي بدا واضحا أنها بصدد الانبعاث من رماد التردد والتهميش الذي طبع سنواتها السابقة، ما دفع المحلل السياسي والأستاذ الجامعي عمر الشرقاوي إلى عدم التردد في التأكيد على أن دخول الهيئة على هذا الخط هو بمثابة إعلان ميلاد فعلي جديد لها، يعكس رغبة أكيدة في إعطائها نفسا حقيقيا في معركة مكافحة الفساد، بعد أن كادت تغيب نهائيا عن مشهد الحوكمة في البلاد.

وأكد الشرقاوي أن الأمر يتعلق بعهد جديد داخل الهيئة، عنوانه الصرامة والوضوح والاشتغال الحقيقي على الملفات بدل الاكتفاء بإصدار تقارير باردة تنتهي غالبا في رفوف المؤسسات، كما شدد على أن بلاغ الهيئة لم يخف أنها كانت مستعدة للتدخل الزجري، لولا أن القضاء سبقها إليه، وهو ما يقرأ على أنه بداية تنسيق وتكامل فعلي في الأدوار بين المؤسستين، بعد سنوات من البرود في العلاقة بين القضاء وهيئة النزاهة.

ويحمل تحرك الهيئة في هذه القضية رسائل ضمنية بليغة كذلك، مفادها أن لا أحد بات بمنأى عن المحاسبة، وأن ملفات الفساد، مهما كانت درجة حساسيتها أو ارتباطاتها، لم تعد محرمة أو عصية على الفضح والمعالجة، ولعل من بين أهم مؤشرات هذا التحول، أن الهيئة بدأت تراكم سابقة قد تكون مرجعية في كيفية التعامل مع قضايا مماثلة مستقبلا، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام مرحلة جديدة في المساءلة والشفافية.

ولم تعد قضية بيع الشهادات الجامعية، التي تورط فيها أستاذ جامعي وأشخاص من مهن مرموقة، مثل المحاماة والقضاء وقطاعات المال والأعمال فضيحة أخلاقية أو تربوية فقط، بل أصبحت قضية رأي عام واختبارا حقيقيا لمدى التزام المؤسسات الدستورية بتفعيل أدوارها في مواجهة الفساد البنيوي، حيث ومع هذا التطور، بات من المؤكد أن المعركة بدأت لتوها، وأن الرهان لم يعد فقط على القضاء، بل أيضا على قدرة هيئة النزاهة على الصمود والانخراط الفعلي في محاربة الفساد بكل جرأة واستقلالية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق