توقع صندوق النقد الدولي تسارع النمو في دول الخليج العربي بمعدل 1% سنوياً خلال العامين الحالي والمقبل، بفضل الخطوات التي قطعتها هذه الدول لتنويع اقتصاداتها وتقليص الاعتماد على النفط الذي كان في السابق المصدر شبه الوحيد للإيرادات، وفق مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق جهاد أزعور.
وقال في جلسة نقاش نظمها الصندوق في الرياض اليوم بعنوان “التطورات والآفاق الاقتصادية العالمية والإقليمية”، وأدارتها الزميلة نور عماشة، إنه “رغم الضبابية، أتوقع أن تتعافى الاقتصادات هذا العام عموما في معظم دول المنطقة. مع ذلك سيكون التحسن في الدول المصدرة للنفط أقوى، وتحديداً دول الخليج حيث نتوقع أن النمو سيزداد بمعدل 1% هذا العام ومثله في 2026″، مشيراً إلى أن التعافي سيكون بفضل مساهمة القطاع غير النفطي.
أزعور أضاف أن دول الخليج استفادت من تنويع اقتصاداتها، مما ساعدها على الحفاظ على مستويات نمو تتراوح بين 3% و5% خلال السنوات الثلاث إلى الأربع الماضية. إذ أن “الإصلاحات والتسارع في خطط التحول ساهمت في تحقيق هذا النمو، رغم اتفاقيات “أوبك+” لتخفيض الصادرات البترولية، مما جعل تأثيرات الاضطرابات الإقليمية أقل وضوحاً على هذه الدول”.
كان صندوق النقد الدولي خفض توقعاته مطلع الشهر الجاري لنمو الاقتصادات النفطية بمنطقة الخليج بسبب تصاعد التوترات التجارية عالمياً وتراجع أسعار الطاقة، حيث عدّل توقعاته للنمو في 2025 إلى2.3%، أي أقل بـ1.7 نقطة مئوية من تقديراته السابقة الصادرة في أكتوبر. وأرجع ذلك التخفيض إلى تقديراته بأن يبلغ متوسط أسعار النفط هذا العام نحو 66.9 دولار للبرميل، وهو ما يقل بنحو 6 دولارات عن التقديرات السابقة.
وقلّل أزعور من التأثير المتوقع للرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولفت إلى أن التأثير سيكون محدوداً في معظم الدول، حيث أن الرسوم الجمركية ستبلغ حوالي 10% فقط، والتجارة مع الولايات المتحدة محدودة، مع استثناء النفط والغاز من الرسوم، مما يقلص الأثر المباشر.
الدول غير النفطية
بالنسبة للدول غير النفطية، فأكد المسؤول في صندوق النقد تأثرها بالتطورات الجيوسياسية، بالإضافة لارتفاع أسعار الفائدة، وأشار إلى أن المنطقة شهدت خلال الأشهر الـ18 الأخيرة عدة صدمات أثرت بشكل مباشر لبنان وسوريا والضفة الغربية وغزة، وأدت إلى خسائر كبيرة في الناتج المحلي تجاوزت 50% إلى 60%.
كما امتدت الآثار إلى دول الجوار مثل الأردن ومصر، مشيراً إلى أن قناة السويس فقدت نحو 7 مليارات دولار من إيراداتها خلال أقل من عام، كما تراجعت الإيرادات السياحية واستحداث الوظائف في الأردن نتيجة تزايد الضبابية.
وأوضح أزعور أن بعض الدول كانت أقل تأثراً بهذه التطورات، لكن المصدرين الأساسيين للضبابية في المنطقة لا يزالان متمثلين في التطورات العالمية والتطورات الإقليمية.
بعض الدول العربية معرّضة بشكل كبير لعوامل الخارجية كتحويلات المغتربين والسياحة والاستثمار، مثل لبنان الأردن والمغرب، مما يجعلها عرضة للتأثر بشكل غير مباشر. كما أشار إلى أن التقلبات في الأسواق المالية العالمية أثرت على المنطقة، مع ارتفاع في مستويات المخاطر مقارنةً مع أسواق ناشئة أخرى، واتساع فوارق العوائد، كما أفاد أزعور.
ورأى أن الدول غير النفطية ستسجل تحسناً مقارنةً بالعام الماضي، لكن هذا النمو سيكون أقل من التوقعات التي كانت قبل 6 أشهر، بما يشير إلى تأثير الضبابية على آفاق التعافي في 2025 و2026.
أشار أزعور إلى أن الدول المستوردة للنفط والتي تواجه مستويات مرتفعة من الدين يجب أن تراقب أسعار الفائدة، رغم تحسن أوضاعها المالية مؤخراً. مبيّناً أن “الفائدة الفعلية تضاعفت مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ما يفرض عبئاً إضافياً على هذه الدول، خصوصاً ذات الاحتياجات التمويلية المرتفعة، في ظل مخاطر وتوترات الأسواق”.
0 تعليق