يواجه قطاع غزة أزمة إنسانية حادة جراء الحصار المستمر وسياسة التجويع التي يمارسها العدو الإسرائيلي، إذ تشير التقارير إلى أن القطاع بحاجة ماسة إلى ما لا يقل عن 44 ألف شاحنة مساعدات لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان الأساسية. إزاء هذا الواقع، وفي ظل تصاعد في وتيرة الانتقادات الغربية للكيان، إضافة إلى ما أشيع في الفترة الأخيرة عن تباينات في وجهات النظر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، على خلفية عرقلة الأخير للمسار التفاوضي (آخرها قيامه بسحب عدد من كبار أعضاء الوفد التفاوضي من الدوحة، ليقتصر تمثيل الكيان بطاقم فني مصغّر استجابة لضغوطات أميركية بحسب إعلام العدو)، ومطالبة واشنطن بإدخال العدو للمساعدات إلى القطاع، في وقت وصلت فيه الأزمة الإنسانية هناك إلى مرحلة حرجة جداً لواشنطن وحلفائها. وهنا نذكّر بالتزام الولايات المتحدة ادخال المساعدات إلى القطاع إثر عملية التبادل الأخيرة مع حماس والتي أدّت إلى الافراج عن الأسير عيدان ألكسندر.
وفي هذا السياق، أعلنت الإمارات عقب مغادرة الرئيس الأميركي عن اتفاق مع العدو لتسليم مساعدات إنسانية إلى غزة، في خطوة قيل إنها “لتخفيف معاناة المدنيين”، مع الإشارة إلى أن السيطرة على ملف المساعدات يأتي في سياق الأهداف المعلنة للعدو. ورغم الدعوات العاجلة من المجتمع الدولي، لا يزال دخول المساعدات الإنسانية يشهد حتى اللحظة مماطلة من العدو، مما يزيد من معاناة سكانه في ظل الوضع الإنساني المتدهور.
نتنياهو يخدع المجتمع الدولي
في هذا السياق، أعلنت الأمم المتحدة أنها تلقت إشعاراً بدخول عشرات الشاحنات أمس الثلاثاء، لكن الأخيرة لم تخرج من المعبر، مما يؤكد اتخاذ العدو قرار المماطلة في إدخال الكميات المطلوبة من المساعدات للغزيين. وذكرت التقارير الأممية أن “إسرائيل” لم تسمح سوى بإدخال حوالي 100 شاحنة مساعدات فقط إلى القطاع، بينما تحتاج غزة يومياً إلى ما لا يقل عن 500 شاحنة مساعدات غذائية وطبية و50 شاحنة وقود لضمان استمرارية المرافق الحيوية والطبية.
وتتزايد المخاوف من استمرار عرقلة وصول المساعدات، مما يزيد من معاناة السكان الذين يعيشون في ظروف قاسية.
هذا وقالت حركة “حماس” أمس إن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن إدخال المساعدات “محاولة لذر الرماد في العيون، وخداع المجتمع الدولي، حيث لم تدخل حتى الآن أي شاحنة إلى القطاع، بما في ذلك تلك الشاحنات القليلة التي وصلت معبر كرم أبو سالم ولم تتسلّمها أي جهة دولية”.
“أطباء بلا حدود”: المساعدات أداة لخدمة الأهداف العسكرية للعدو
في الاطار نفسه، اعتبرت منظمة “أطباء بلا حدود” أن المساعدات التي سمح العدو بدخولها إلى قطاع غزة “غير كافية”، مشيرة إلى أن هذه الكمية من المساعدات “مثيرة للسخرية”، وأنها تأتي لتجنب اتهام العدو “بفرض التجويع على السكان”. هذا وشددت منسقة الطوارئ بالمنظمة باسكال كواسار، على أن “هذه الخطة هي وسيلة لتحويل المساعدات إلى أداة لخدمة الأهداف العسكرية للقوات الإسرائيلية”، موضحة إلى أن “هذه الكمية من المساعدات مجرد ستار للتظاهر بأن الحصار انتهى”.
ردود فعل دولية
في غضون ذلك، ناقش البرلمان الإسباني، مساء أمس، مقترحاً تقدمت به أحزاب يسارية وقومية يدعو إلى حظر بيع الأسلحة للكيان، بسبب حربه على غزة. وأقر البرلمان مقترح القانون، الذي يوصي بعدم بيع أي أسلحة إلى “إسرائيل” وحظر المعدات والخوذ والدروع التي يمكن أن يكون لها دور في تلك الحرب، حسبما ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية.
وباستثناء الحزب «الشعبي اليميني» وحزب «فوكس اليميني»، وافقت جميع الأحزاب السياسية الإسبانية على تمرير المقترح. من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن هناك حاجة إلى وقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة والإفراج غير المشروط عن جميع المحتجزين وتدفق المساعدات بحرّية.
من جانبها، وصفت الخارجية التركية توسيع “إسرائيل” هجماتها على غزة بأنه يقوض الجهود المبذولة لضمان السلام والاستقرار وبأنه دليل على أن “تل أبيب” لا تنوي تحقيق السلام الدائم. وجددت أنقرة دعوتها إلى وقف العمليات العسكرية فورا والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
من ناحيته، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إن “إسرائيل” أعلنت أخيراً إعادة إدخال المساعدات إلى قطاع غزة بعد 3 أشهر من الجهود الدبلوماسية. وشدد على أنه يجب أن تكون المساعدات الإنسانية في غزة فورية وواسعة النطاق ودون عوائق. كذلك، انتقدت وكالة الأمم المتحدة (الأنروا) ضآلة المساعدات التي دخلت القطاع.
المصدر: موقع المنار
0 تعليق