قبل الخوض في تفاصيل الخارطة الانتخابية في محافظة بيروت، لا بد من التوقف عند مسار تسليم صناديق الاقتراع إلى رؤساء الأقلام، حيث لا تزال، حتى هذه الساعة، تصل تباعاً إلى مراكز الاقتراع المنتشرة في أحياء العاصمة، وسط تأخير لافت أثار امتعاض عدد كبير من رؤساء الأقلام الذين لا يزالون ينتظرون تسلُّم التجهيزات الأساسية لانطلاق العملية الانتخابية.
من أمام “ثانوية العاملية” في منطقة رأس النبع – الدائرة الثانية (المزرعة)، أفادت مصادر ميدانية بأن عشرات من أقلام الاقتراع لم تصل بعد إلى مراكزها، ما تسبب ببلبلة وشكاوى متكررة من القائمين على العملية الانتخابية. وطالب رؤساء الأقلام وزارة الداخلية بالإسراع في تسليم المستلزمات الكاملة تمهيداً لانطلاق الاقتراع المقرر عند السابعة من صباح الأحد.
رغم الطابع الإنمائي للانتخابات البلدية في بيروت، إلا أنها تحمل بعداً سياسياً واضحاً في ظل احتدام المنافسة بين القوى التقليدية والتيارات المستقلة. ويتنافس على المجلس البلدي المؤلف من 24 عضواً، ست لوائح انتخابية: أربع مكتملة، واثنتان غير مكتملتين.
أبرز هذه اللوائح، “لائحة بيروت تجمعنا” التي تضم مزيجاً من الأحزاب والتيارات السياسية أبرزها حزب الكتائب، القوات اللبنانية، حزب الهنشاك، إضافة إلى النائب فؤاد مخزومي وجمعية المشاريع. وتُعد هذه اللائحة الأكثر حظاً بحسب مزاج الناخب البيروتي ومعطيات الماكينات الانتخابية، ولا سيما أنها تضم وجوهاً معروفة من البيوتات السياسية التقليدية. ويبلغ عدد مرشحيها 153 مرشحاً.
في المقابل، تخوض “لائحة مواطنون ومواطنات في دولة” الانتخابات بدعم من الوزير السابق شربل نحاس. كما تخوض “لائحة بيروت مدينتي”، وهي لائحة غير مكتملة، المعركة بدعم من النائبة بولا يعقوبيان ونشطاء المجتمع المدني.
أما “لائحة بيروت بتحبك”، فتمثل تحالفاً ثنائياً (شيعي – درزي)، يرأسها العميد المتقاعد محمود جمال وتلقى دعماً من النائب نبيل بدر، وتضم مرشحين محسوبين على تيار المستقبل.
“لائحة بيروت العاصمة”، وهي لائحة غير مكتملة أيضاً، تضم مرشحين جميعهم من الطائفة السنية، وتحظى بدعم من الجماعة الإسلامية وعدنان الحكيم. أما “لائحة ولاد البلد”، فتُعد لائحة ناقصة مدعومة من رولا العجوز وجمعية المخزومي.
في ظل هذا المشهد، تعود إلى الواجهة مجدداً قضية المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي – وهو العرف الذي ساد منذ تسعينيات القرن الماضي. وبحسب التوزيع الطائفي، يتألف المجلس من 12 عضواً مسلماً (9 سنّة و3 شيعة)، و12 عضواً مسيحياً يتوزعون كالآتي: 4 موارنة، 3 روم أرثوذكس، 2 كاثوليك، 1 أرمن، 1 أقليات، و1 إنجيلي.
وكانت قد طُرحت محاولات من نواب مسيحيين لفرض المناصفة عبر اقتراح قانون في مجلس النواب، إلا أن هذه المبادرة سقطت، كما فشلت مساعٍ خارجية لتوحيد لائحتين مسيحيتين ضمن تحالف واحد، ما يعكس حجم التباين داخل الشارع المسيحي حول شكل التمثيل البلدي.
تتركز المعركة الانتخابية في 12 حياً من أحياء العاصمة، أبرزها المزرعة، الباشورة، الظريف، المرفأ، وعين المريسة، حيث تتواجه الأحزاب التقليدية والمجتمع المدني في محاولة لفرض معادلات جديدة داخل المجلس البلدي.
وفي موازاة الانتخابات البلدية، تحتدم المعركة على صعيد الانتخابات الاختيارية، حيث يتنافس نحو 240 مرشحاً على 105 مقاعد اختيارية، في حين فاز عدد من المخاتير بالتزكية في بعض المناطق.
من أمام مركز اقتراع في “ثانوية المزرعة”، أفادت مصادر محلية بأن هذا القلم يضم ناخبين من طوائف متعددة، من بينها الروم الأرثوذكس، الكاثوليك، الموارنة، وقلة من الناخبين الشيعة، ما يعكس تنوع العاصمة الطائفي والمناطقي.
وفي هذا الإطار، قالت المحامية ديمة، إحدى المواطنات المشاركات في العملية الانتخابية: “الانتخابات مسؤولية وطنية، وعلى كل مواطن أن يمارس دوره بوعي وحرص على المصلحة العامة. نأمل أن تكون نسبة الاقتراع مرتفعة، وأن ينتج عنها مجلس يعكس تطلعات الناس ويحقق العدالة”.
وفيما تواصل ماكينات اللوائح تعبئتها للناخبين، تستعد بيروت ليوم انتخابي حاسم يُتوّج أسابيع من الحملات السياسية والدعائية، ويحدد شكل المجلس البلدي المقبل الذي سيُناط به إدارة شؤون العاصمة في مرحلة دقيقة سياسياً واقتصادياً.
المصدر: موقع المنار
0 تعليق