أكد خبراء ومتعاملون في السوق العقاري، أن المطورين يركزون على استمرارية دوران رأس المال كوسيلة لتحقيق الاستدامة والنمو، والتغلب على التحديات الاقتصادية والتمويلية الراهنة، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة. وأشاروا إلى أن المطورين بدأوا يلعبون دوراً شبيهاً بالبنوك من خلال تقديم تسهيلات سداد طويلة الأجل للمشترين علي فترات تصل إلي 15 سنة ، ضمن جهودهم لتمويل العملاء ذاتياً، وهي خطوة تهدف إلى تحفيز المبيعات والحفاظ على السيولة، رغم أنها قد تتجاوز في بعض الأحيان القدرات التمويلية لبعض الشركات. وأوضح الخبراء والمتعاملون في القطاع أن التوسع في تصدير العقار إلى الخارج أحد الحلول التي تسهم في تسريع دوران رأس المال وتعزيز السيولة لدى شركات التطوير، لافتا إلي أن فارق السعر يوفر ميزة تمويلية تعوض ضعف التمويل المحلي، كما يسهم في تنشيط السوق وزيادة الطلب على العقارات. قال أسامة سعد الدين، المدير التنفيذى لغرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات، إن نسبة كبيرة من شركات التطوير العقاري تعتمد علي مقدمات الحجز، ومبيعات العملاء لتوفير السيولة المالية التي تمكنها من الاستمرارية. أضاف أنه يمكن للمطور تحصيل دفعات مقدمة من العملاء خلال مراحل التنفيذ، مما يوفر له سيولة كافية لاستكمال المشروع دون اللجوء لمصادر تمويل خارجية مرتفعة التكلفة ويعد نوع من أنواع المساهمة في دوران رأس المال. وأوضح سعد الدين، أن الشراكات الاستراتيجية من ضمن الحلول التي يلجأ إليها المطورون ، سواء مع مستثمرين أفراد أو شركات استثمار عقاري، لتقاسم المخاطر وتقليل الأعباء التمويلية، فهذه الشراكات تساعد في توفير رأس المال اللازم دون الاعتماد على القروض البنكية فقط لافتا إلى أن هذا واحدا من ضمن الحلول لاستمرارية دوران رأس المال . اقرأ أيضا: 2.5 مليار جنيه تمويلات عقارية لمحدودى الدخل بنهاية أبريل وأكد أن هناك توجها نحو تنويع المحفظة العقارية، بحيث تشمل مشاريع تجارية، وسكنية، وسياحية، مما يخلق تدفقات نقدية متوازنة على مدار العام، ويسهم هذا التنوع في تقليل المخاطر الناتجة عن ركود أحد القطاعات واستمرار لعملية دوران رأس المال والتغلب على أزمة التمويل. أشار سعد الدين إلى أن استمرارية دوران رأس المال في القطاع العقاري تعتمد على التخطيط المالي السليم، وابتكار حلول تمويل وتسويق ذكية، بالإضافة إلى بناء شراكات قوية وإدارة متوازنة للمخاطر والتكاليف. كما أن الحفاظ على التدفق النقدي المستمر يعد من أهم مقومات النجاح في السوق العقارية، خاصة في المراحل الطويلة التي تتطلبها عمليات تطوير وتسويق العقارات. فكري: ضعف منظومة التمويل دفع الشركات لتبني فترات السداد الطويلة وقال المهندس علاء فكري، رئيس مجلس إدارة شركة «بيتا للتطوير العقارى» ونائب أول رئيس لجنة التطوير العقارى بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن القطاع العقاري يعانى من تحديات تمويلية متزايدة، نتيجة محدودية التمويلات التي توفرها البنوك للمطورين، ما ينعكس سلبًا على قدرة الشركات على التوسع واستكمال مشروعاتها. وأضاف أن ضعف التمويل العقاري جعل عدد متزايدا من شركات التطوير العقاري يلجأ إلى تقديم أنظمة سداد تمتد بين 7 ـ 15 عامًا، دون فوائد أو بمقدمات مالية منخفضة للغاية، في محاولة لتجاوز تعقيدات التمويل البنكي وجذب شريحة أوسع من العملاء، خاصة مع ضعف القوة الشرائية وارتفاع الأسعار. واوضح أن متغيرات السوق أجبرت المطورين على تمويل جزء كبير من المشروعات ذاتيًا، من خلال الاعتماد على التدفقات النقدية المستقبلية من الأقساط، مما جعلهم يتحملون عبء تمويل لم يكونوا مؤهلين له في الأصل، لا من حيث رأس المال ولا من حيث الخبرة في إدارة المخاطر الائتمانية. خضر: متغيرات السوق أجبرت المطورين على تمويل جزء كبير من المشروعات ذاتيًا وقال السيد خضر الخبير الاقتصادي، إن التمويل الذاتي لشركات التطوير العقاري أسهم في إنعاش السوق ودوران رأس المال مؤقتًا ، إلا أنه ينطوي على مخاطر كبيرة، بسبب ضعف السيولة لدى المطورين. أضاف أن نسبة كبيرة من المطورين يعتمدون على المبيعات المستقبلية لتغطية تكاليف البناء والتسليم، مما يعرضهم لمخاطر تعثر سداد العملاء أو تباطؤ حركة البيع. وأوضح أن المطور في الفترة الأخيرة تحول فعليًا إلى مؤسسة تمويلية، لكنه لا يملك أدوات البنوك في تقييم الملاءة المالية للعملاء أو وضع ضمانات كافية، موضحا أنه حال حدوث أي تباطؤ في السداد، يصبح المشروع مهددًا بالتوقف، بما ينعكس سلبًا على السوق ككل. ويرى خضر، أن تحول المطورين إلى ممولين يُعد تحوّلًا هيكليًا غير مدروس، قد يؤدي إلى خلق فقاعة عقارية، خاصة في ظل غياب رقابة صارمة أو قواعد تحكم عمليات التمويل العقاري غير الرسمي. أضاف أن البنك المركزي يضع معايير دقيقة لمنح التمويلات العقارية من خلال البنوك، تشمل التحقق من مصادر الدخل ونسب السداد، بينما لا تُطبق مثل هذه القواعد على المطورين الذين يقدمون خططًا مرنة دون دراسة كافية لمخاطر التعثر. وأكد أن البنوك تتعامل بمفاهيم متقدمة في إدارة الائتمان، بينما المطور لا يملك الخبرات الائتمانية الكافية، ويكتفي بالحصول على مقدم التعاقد كمؤشر للجدية، وهو معيار غير كافٍ لضمان استمرارية الدفع. وأشار إلى أن الاعتماد المتزايد على التمويل الذاتي حمّل المطورين أعباءً مالية ضخمة، دفعت بعضهم إلى تأخير مواعيد التسليم أو تقليل جودة التنفيذ لتقليص التكاليف، ما أضر بثقة العملاء في بعض المشروعات، وفتح الباب لمزيد من النزاعات بين المطورين والمشترين. وتابع أن تحول المطورين العقاريين إلى جهات تمويل بديلة عن البنوك قد يكون حلًا مرحليًا لأزمة تمويل القطاع، لكنه يحمل في طياته مخاطر كبيرة قد تهدد توازن السوق العقاري بأكمله وعدم استمرارية لدوران رأس المال.