١ - تعرفت على قناة "الجزيرة" الإخبارية في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، ومازلت أتابع نشراتها بشكل شبه منتظم مثلما أتابع مواقع إخبارية أخرى عربية وغربية، محاولا قدر المستطاع أن "أغوص" فيما بين سطور محتواها الإعلامي العام، بتجرد وحياد وموضوعية، لكنني حافظت على ارتساماتي الأولى إزاء هذه الفضائية المثيرة للجدل، بل تحولت هذه الارتسامات إلى شبه يقين بأن الجزيرة ليست بحال من الأحوال قناة إخبارية قطرية أوعربية، إلا بالانتماء الجغرافي واللغوي و"الساهرين" على البرامج الحساسة والمثيرة للجدل وصراع الديكة! ٢ - أما على صعيد "الرؤية" الإخبارية والخط التحريري ومنهجية اختيار المشاركين في "إغناء" مضامينها الرقمية، فإنها أداة تحكمية تحريضية إلهائية، تنزع نزوعا وتميل ميلا نحو زعزعة كيان العالم العربي، وزلزلة أركانه بالغة الهشاشة، تحت مسميات 'الرأي والرأي الآخر" و"الاتجاه المعاكس" و"بين السطور" و"للقصة بقية" وغيرها. لقد فتحت الجزيرة الباب على مصراعيه، للمتطرفين الإسلامويين والعلمانيين الداعين إلى الثورة والقومة في "دول الملح"، بدعوى مستلزمات الديمقراطية المتعارف عليها أمميا! وتفننت في زرع الفتن بين الأقطار والشعوب العربية، واستقبلت بالأحضان أعداء الأمة العربية، من قبيل متطرفي إسرائيل والشيعة الإيرانيين وممثلي الإسلام السياسي العنيف (القاعدة والدولة الإسلامية للعراق والشام..)، إمعانا في دفع البلدان العربية في اتجاه التعفن والخراب شبه الكلي! ٣ - جل القنوات التلفزيونية والإذاعية القطرية، تقتفي خطوات الخطاب الإعلامي العربي الرسمي المهادن المعتدل، إلا قناة الجزيرة، فقد رفعت "وحدها" شعارات وعنتريات المقاومة والتصدي والردع والثورة والانقلاب، ليس على الفساد والاستبداد بالمعنى الإيجابي، بل على الشعوب العربية المضطهدة. والآن بدأت الصورة تتضح أكثر فأكثر؛ صورة قناة الجزيرة وهي تستنبت الرياح والأشواك و"الفوضى الخلاقة" (كذا)، لتقديم العرب: العراق وسوريا واليمن والسودان ولبنان ..على طبق من ذهب لأعدائهم الأبديين، كل ذلك تحت عناوين "الحقيقة والشفافية ونصرة القضايا الإنسانية العادلة"!