رأت صحيفة "الراي" الكويتيّة، أنّ "بتمهّلٍ ولكن بثبات، يخطو الحُكمُ الجديد في لبنان نحو بَسطِ سلطة الدولة، وهو القرار المتَّخَذ الذي أتيح التقاطُه في ضوء التحولات العاصفة في المنطقة، التي شقّت طريقَها من "طوفان الأقصى" ونتائجه المدمّرة، وحرب لبنان الثالثة الزلزالية"، وسقوط "حُكمِ الأسدَين" في سوريا؛ واقتياد إيران إلى مُفاضَلَةٍ بين الحرب أو الإذعان للأجندة الأميركية".
وأشارت إلى أنّ "بدءاً من جنوب الليطاني، هو المسارُ الذي تَعَهَّدَ لبنان الجديد بسلوكه لجمع السلاح بيد الدولة، وفق إعلانٍ صريحٍ من الرئيس اللبناني جوزاف عون أخيراً بأن الجيش اللبناني بات يسيطر على نحو 85 في المئة من منطقة جنوب النهر، وأن ما يعوق تَوَسُّعَ انتشاره هو استمرار اسرائيل في احتلال التلال الخمس المتاخمة للحدود الدولية".
وركّزت الصحيفة على أنّه "لم يكن عابراً في هذا السياق، الكشفُ عن أن الجيش اللبناني نفّذ نحو 500 عملية دَهْمٍ لمعسكراتٍ ومواقع ومنشآت تعود إلى "حزب الله" جنوب الليطاني، إضافة إلى عمليات محدودة شمال النهر، إذ ان تنفيذ القرار المُتَّخَذ بتسليم "حزب الله" لسلاحه إلى الدولة يَنتظر حواراً ثنائياً بين الرئيس عون والحزب، الذي يُغْرِقُ هذا الملف الاستراتيجي بشروطٍ تعكس عدم رغبته في التسليم باحتكار الدولة دون سواها لحمْل السلاح".
ولفتت إلى أنّه "رغم أن مصير ترسانة "حزب الله" يحتلّ صدارةَ هذا الملف على نطاق واسع، فإن ملفاً رديفاً وقديماً بدأ يطفو على سطح المشهد السياسي في لبنان، اسمُه سلاح المخيمات الفلسطينية، الذي وُضع طويلاً في "الثلاجة" لأسباب إقليمية تتصل بحقبة الوصاية السورية ومعها الإيرانية على لبنان".
كما أوضحت أنّ "ما سرّع في الاتجاه الى وضع السلاح الفلسطيني على الطاولة، كان تَوَرُّطُ عناصر مجموعاتٍ من حركة "حماس" في إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على شمال إسرائيل في حادثتَين متواليتَين، الأمر الذي استدرج اسرائيل للقيام بغارات جوية على الضاحية الجنوية لبيروت، وسط تلويحٍ من تل أبيب بمعادلة "بيروت مقابل الجليل".
وبيّنت "الراي" أنّ "اليوم يَعقد المجلس الأعلى للدفاع اللبناني أول اجتماعٍ له في عهد عون وبرئاسة الأخير، وذلك عشية بدء أول جولات الانتخابات البلدية والاختيارية (بعد غد)، حيث يُتوقَّع أن يَبحث في جانبٍ منه واقع المخيّمات الفلسطينية وعملية إطلاق الصواريخ ونتائج التحقيقات في هذه القضية وعلاقة عناصر من "حماس" بها لم يتم تسليمهم بعد، وسط تَرقُّبِ قراراتٍ يمكن أن تُتَّخذ في هذا الإطار قبيل جلسة مجلس الوزراء بعد الظهر".
وذكرت أنّ "في السياق، يقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بزيارة رسمية للبنان في 21 أيار الحالي". وكشفت مصادر فلسطينية مطّلعة للصحيفة، أن "الترتيبات البروتوكولية للزيارة بدأت فعلياً، ويتولاها السفير الفلسطيني في بيروت أشرف دبور، وسط تقديراتٍ بأن يكون مسألة السلاح الفلسطيني على طاولة البحث ضمن جدول أعمال الزيارة رسميًا".
وأكدت أن "تسليم السلاح لن يتم إلا من خلال حوار رسمي لبناني- فلسطيني يقوده عباس، بصفته رئيس منظمة التحرير الفلسطينية والممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني". وأفادت الصحيفة بأنّه "يُنتظر أن يُشكّل هذا الحوار أرضيةَ تَفاهُمِ تسمح بالتقدّم بخطوات هادئة ومتدرجة، بعيداً عن أي صِدام أو انفجار أمني داخل المخيمات".
وأشارت المصادر إلى أنّ "ما يساهم في هذه الخطوات، هو التحولات الداخلية والإقليمية الكبيرة، وأبرزها: استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وجنوب لبنان، تَقَدُّمَ الحوار الأميركي - الإيراني، والأهمّ قفْل ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات بعد سقوط النظام السوري برئاسة بشار الأسد وتَسَلُّم الجيش اللبناني المواقع العسكرية التي كانت تسيطر عليها تنظيمات مثل "فتح الانتفاضة" و"الجبهة الشعبية - القيادة العامة".
0 تعليق