في خطوة ستشكل نقطة تحول في مستقبل الطاقة في إفريقيا، أشارت تقارير نيجيرية إلى أن الولايات المتحدة تستعد لاتخاذ قرار استثماري حاسم في مشروع خط أنابيب الغاز الطموح الذي يربط البلاد بالمغرب، وهو المشروع الذي يعد من أضخم المشاريع الطاقوية في القارة السمراء.
ويهدف هذا المشروع، الذي أطلق في عام 2016 خلال زيارة الملك محمد السادس إلى نيجيريا، إلى ربط البلدين بخط أنابيب يمتد عبر العديد من دول غرب إفريقيا، ليكون أحد أطول خطوط الأنابيب البحرية في العالم، حيث وفي وقت يشهد فيه العالم تحولا في مصادر الطاقة، قد تكون هذه الخطوة بمثابة ضربة قاضية لعدد من التحديات التي تواجهها القارة الإفريقية في مجال الطاقة.
ولم يعد الحديث عن هذا المشروع مقتصرا على الأبعاد المحلية أو الإقليمية فقط، بل أصبح قضية تهم القوى الكبرى في العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، حيث وفي تصريحات أدلى بها وزير المالية والاقتصاد النيجيري، والي إيدون، تبين أن الإدارة الأمريكية أبدت اهتماما ملحوظا بالاستثمار في خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب.
ويأتي هذا المستجد بعد مناقشات ثنائية جرت على هامش الاجتماعات الربيعية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن خلال الشهر الجاري، حيث تؤكد هذه التصريحات أن الولايات المتحدة تولي اهتماما خاصا للمشروع، لاسيما في ما يتعلق بالغاز الطبيعي في نيجيريا، التي تملك احتياطيات ضخمة من الغاز.
ويبدو السياق السياسي والاقتصادي للمشروع أكثر وضوحا الآن، حيث ترى الولايات المتحدة، التي تسعى إلى تعزيز نفوذها في إفريقيا في هذا المشروع فرصة استراتيجية لتعزيز العلاقات الطاقوية مع الدول الإفريقية، التي تشهد إصلاحات اقتصادية تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال وتعزيز ثقة المستثمرين.
ولا يمثل هذا المشروع، الذي يتجاوز نطاقه جغرافيا حدود نيجيريا والمغرب ليشمل عدة دول على الساحل الغربي الإفريقي، مجرد مشروع طاقوي، بل هو أيضا خطوة استراتيجية في تعزيز الأمن الطاقوي للدول الإفريقية، فضلا عن كونه سيسهم في تعزيز مكانة الدول المعنية كداعم رئيسي لإمدادات الغاز إلى أوروبا، التي تسعى بدورها إلى تنويع مصادر طاقتها في ظل الأوضاع المتوترة في بعض المناطق الأوروبية والآسيوية.
ومن المعروف أن هذا المشروع يلقى دعما قويا من المملكة المغربية، ما يعكس إرادة سياسية واضحة في تحقيقه، حيث يبرز في هذا الصدد، تباين الوضع مع مشاريع أخرى كانت قد شهدت فشلا كبيرا كمشروع خط أنابيب نيجيريا-النيجر-الجزائر، الذي عانى من صعوبات كبيرة على خلفية الوضع الأمني غير المستقر في منطقة الساحل والعلاقات الدبلوماسية المتوترة بين البلدان المعنية.
وفي هذا السياق، أكد العديد من الخبراء أن مشروع خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب يواجه تحديات لا تقل صعوبة، لكن الثقة في قدرته على تخطي هذه الصعاب باتت أكبر، خاصة في ظل التعاون الدولي المتزايد والاهتمام الكبير الذي يبديه العالم الغربي.
ويأتي هذا المشروع في وقت يتسابق فيه العالم إلى إيجاد حلول مستدامة للطاقة، ويمنح الدول الإفريقية فرصة لزيادة قدرتها على استيعاب الطلب المتزايد على الطاقة وتحقيق استقلالية طاقوية، حيث أن إتمام هذا المشروع، سيشكل خطوة هامة نحو تحقيق الطموحات الاقتصادية الكبرى لأفريقيا، ويضع المنطقة في مقدمة اللاعبين العالميين في صناعة الغاز والطاقة.
0 تعليق