تعيش مخيمات تندوف جنوب الجزائر منذ عدة أيام حالة من الفوضى والرعب غير المسبوق، وسط تكتم شديد من السلطات الجزائرية، بعد اندلاع مواجهات مسلحة بالذخيرة الحية بين فصيلين انفصاليين داخل جبهة البوليساريو، تطورت إلى ما يشبه محاولة انقلابية على زعيم الجبهة إبراهيم غالي. وبحسب معطيات متقاطعة متداولة من داخل المخيمات، فإن الاشتباكات التي كانت تبدو في بدايتها صراعًا بين عصابات تهريب الممنوعات، أخذت منحى أكثر خطورة مع تواتر الحديث عن تحرك مسلح يسعى للإطاحة بالقيادة الحالية للبوليساريو، في ظل حالة تململ متزايدة في صفوف الشباب المسلحين. وتؤكد مصادر محلية أن مخيم العيون عرف إنزالًا كثيفًا لمسلحين، حيث اندلعت مواجهات مباشرة بالرصاص بين مجموعات متناحرة، في ظل غياب تام لما يسمى شرطة ودرك الجبهة، وعجز الجيش الجزائري المرابط على مقربة من المخيم عن التدخل لوقف الفوضى. الاشتباكات العنيفة التي خلفت حالة من الرعب وسط السكان، دفعت العديد من الأهالي إلى إطلاق نداءات استغاثة خشية وقوع مجازر، بينما انتشرت مقاطع مصورة توثق إطلاق النار الكثيف وسط الأحياء السكنية، فيما أظهرت شهادات متطابقة أن سكان المخيم اضطروا إلى التزام منازلهم تحت تهديد السلاح. ورغم تصاعد الأحداث، لم تُبدِ قيادة البوليساريو أي تحرك حاسم لاحتواء الوضع، وسط أنباء عن تواطؤ بعض القيادات مع عصابات مسلحة لها صلة بشبكات تهريب السلاح والمخدرات، ما زاد من تعقيد المشهد وأثار تساؤلات حول مستقبل السيطرة داخل المخيمات. وتؤكد المعطيات الواردة أن شرارة هذه المواجهات المسلحة اندلعت بداية بسبب نزاعات حول السيطرة على أنشطة التهريب، لكنها تحولت مع الوقت إلى صراع سياسي مكشوف على السلطة، مع تصاعد الغضب الشعبي من الوضع الأمني والمعيشي المتردي داخل المخيمات. هذا الوضع ينذر بمزيد من الانفجار في قادم الأيام، خصوصاً في ظل حالة الغموض التي تكتنف مواقف الجزائر، التي اختارت حتى الآن الصمت إزاء التطورات الدراماتيكية على حدودها الجنوبية.